رَفْرِفي، رَفْرِفي وهُزّي الخواطِرْ |
وارتَعي في قلوبِنا والضَّمائرْ |
آيةُ السِّحرِ في جَبينكِ ماجَتْ |
سَلِمتْ للعُلا رِسالةُ ساحِرْ |
خَضَعَتْ دونكِ الشُّمُوسُ وطافَتْ. |
حَوْلَ محرابِكِ النجومُ السَّواهرْ. |
رايةُ العُرْبِ لا تَراعي، فإنّا |
قَدْ عَقَدْنا على هَواكِ الخَناصِرْ |
طَلَعَ الصُّبح فاجتليناك نُوراً |
في الرَّوابي وبَسْمة في الأزاهرْ |
إنّ حبَّ الحِمَى وأنتَ مُقيمٌ |
دونَ حُبِّ الحِمَى وأنتَ مُهَاجرْ. |
قد حملناكِ خَفْقةً في الحنايا |
ونَشيداً على الحناجر ناضِرْ |
أنتِ والدَّهرُ توأمان سَوَاء |
لا له آخر ولا لكِ آخِرْ |
البوادي على حفيفكِ ماسَتْ |
واشرأبَّتْ إلى سَناكِ الحَواضرْ |
لنْ تَنال الرياحُ منك فثُوري |
يا أعاصيرُ واعصفي يا مَقَادرْ |
نحنُ قلبٌ على العروبة خَفّا |
قٌ وجَفْنٌ على الأخوّة ساهرْ |
وحَّدَ العُرْبُ رأيَهم بَعْد لأيٍ |
كيفَ لا يأنفُ الكريمُ المساخِرْ. |
جمعتْهُم قضيةُ الوطنِ الدا |
مي فثاروا على سَلام المقابِرْ |
أرخَصُوا في سبيلها كلَّ غالٍ |
وتَخَطَّوا لأجلِها كلَّ فاخِرْ |
إنَّهم موكبُ الفِداء تهادَوا |
للمعالي وشَمَّروا للمفاخِرْ |
ليسَ من يلبَسُ العظائمَ بُرداً |
مِثْلَ مَنْ يرتدي لباسَ الصَّغائرْ |
تَنْطوي بِدْعة النِّزاع ويَبْقَى |
جوهرُ الحبِّ خالداً للأداهرْ |
إن تَكُ الضادُ أمَّتنا فلماذا |
نتعادَى قبائلاً وعَشائرْ |
أوْ يكُ اللهُ للجميع فأنَّى |
يَدَّعيه مُشَعْوِذٌ ومُهاترْ |
كيف يَغْفو على الرِّضا عربيٌّ |
وأخوه مُقَرَّحُ الجَفْنِ حائِرْ |
خَسِئ الواغلُ الدخيلُ فإنّا |
أمّةُ البأسِ لا تهونُ لِقاهرْ |
كم عَدَتْ مِحْنةٌ عليها وزالَتْ. |
وأتى ظافرٌ وأدبرَ ظافرْ |
كَتَبتْ في مهارِقِ المجد ما لم |
يبتدعْ كاتبٌ ويكتبْ مغامرْ |
خالدٌ مِنْ سيوفها وعليٌّ |
مِنْ مناراتِها الزواهي الزَّواهرْ |
هي مهما قَسَتْ عليها الليالي |
مَثَلٌ في مكارمِ الخُلْق سائرْ |
أمَّنتْ كلَّ خائفٍ في حِماها |
وأقالَتْ في ظلِّها كلَّ عاثرْ |
لم تَمُتْ شُعْلة الحميَّةِ فينا |
إن تحتَ الرَّمادِ جَذْوة ثائرْ |
عادَ "ريكردسٌ" فأين صلاحٌ |
أتراه أطلَّ في ثَوْب "ناصرْ"؟ |
يُرهبُ الليثَ في البراري ويُخشى. |
وهو في قَبضة السلاسل خادِرْ |
لا نخاف الرَّدَى ولا نَتَّقيه |
ولقدْ نتقي رَذَاذَ المَعَايرْ |
عِرْضُنا طاهرٌ ففي أي شَرْعٍ |
ينبح البدرَ نابحٌ غير طاهرْ؟ |
ليس مِنْ طَبْعنا العداءُ ولكِنْ |
شُدَّ طوقَ الحمام تجعَلْه كاسِرْ |
مِنْ رُبانا تَبَرْعمَ الحبُّ والنــورُ فمَنْ ذا أحاطَنا بالدَّياجرْ |
مِنْ رُبانا تلألأتْ آيةُ السِّلْمِ |
وماجَتْ أنداؤُها في السرائرْ |
من رُبانا مِنْ هذه القممِ الخضراءِ. |
هلّتْ على الوجودِ البَشائرْ |
أتُجَازَى على المُنَى بالمَنايا |
وعلى الوُدِّ بالعِداء السافِرْ؟ |
ما انتفاعي بنِعمْةٍ غَمَرتْني |
أنا منها شاكٍ وغَيْريَ شاكرْ |
آفةُ العُرْبِ أنهم لم يُسيئوا |
لمسيءٍ ولم يَكيدوا لِغادرْ |
خطَّ مناجَهم كتابٌ ودينٌ |
ونَهَتْهم عن الدنايا زَواجرْ |
ذاك تاريخُهم فيا عائبيه |
جنةُ الخُلْد بهجةٌ للنواظِرْ |
كيف ترمونَه وفي كل سَطْر |
يَتْتخي فارسٌ وَيَهْتِفُ شاعرْ |
الحضاراتُ أمْرَعَتْ في ثَراهم |
يومَ كانت أرحامُهُنَّ عَواقرْ |
دعوةُ الحقِّ بالدماء سَقَوها |
وَحَموها من الأذَى بالبَواصرْ |
لا يَتهْ كابرٌ علينا فإنّا |
قد شَأوْنا بفضلِنا كل كابرْ |
نحنُ كالشمس يُهتدى بسَناها |
وعلى نارها تذوبُ الحَوافزْ |
إن تكنْ دولةُ القياصِر مِنْ روم. |
فمنّا الذين هزّوا القَياصرْ |
أو تَكُنْ رايةُ الأكاسر قد عَزَّتْ. |
فنحنُ الذين دانوا الأكاسرْ |
* * * |
قُلْ لصهيونَ لا تُغرّوا بنَصْرٍ |
ربَّ نَصْرٍ كغَيْمة الصيفِ عابرْ. |
ربما عُدَّتِ الخسائرُ رِبْحاً |
ولقد يُحسب الرباحُ خَسائرْ |
لم تردَّ الإِسلامَ عن مبتغاه |
"أحُدٌ" أو تحدُّه في المَغاورْ |
عثراتُ الأقدام شرٌّ ولكنْ |
كلُّ شرٍّ إلاَّ عثارُ البَصائرْ |
عَبَثاً تَذْخرونَ مالاً وجُنْداً |
ثروةُ الحق خَيْرُ ما أنتَ ذاخرْ |
عَبَثاً تحلُمون بالسِّلْم ما لم |
يَسْتَعِدْ أرضَه شريدٌ وهَاجرْ |
عَبَثاً تُنْشِئون حائط مُلْكٍ |
كل ما يُبتَنى على الرّمْل هائرْ |
يلدُ القفرَ زهرةً ثم تَذْوي |
رحِم القَفْر بالنَّضارة عاقرْ |
أيها العابثون بالبيتِ إنّا |
قد بنيناه خالداً في الضمائرْ |
نارُ أحقَادِكم أثارت غِضاباً |
ما خَبا في نفوسِنا مِن ثوائرْ |
طهَّرَتْنا من السفاسِفِ لكِنْ |
أوغرَتنا على الوحوش الكَواسرْ. |
جلّ ذكر النبيِّ عن شانئيه |
وسَمَا عن مخالِبٍ وأظافرْ |
سوفَ يمحو عارَ الهزيمةِ قومي |
طَلعَتْ آيةُ الرَّجاء لناظرْ |
لم يَعْدْ صوتُنا انكسارَ سؤالٍ |
صارَ كالرعدِ في المسامعِ هادرْ. |
لم تَعُدْ كفُّنا لكسرةِ خُبْزٍ |
جُرْحها صار مَنْبتاً للبواترْ |
أينًَ من يجتدي احترامَك مِمَّنْ |
يتلقاكَ بانتبارة آمرْ |
يَفْهَمُ الحرُّ بالإِشارة لكنْ |
ليس أغبَى ممّنْ يُراضي مكابر |
* * * |
حَفِظَ اللهُ في العَراء خياماً |
شامخاتٍ على دُروب العناصِرْ |
خنَقَتْ دمعُها إباءً وكِبْراً |
كيفَ تبكي من البلاء القساورْ. |
تتحدَّى… فيا براكينُ ثُوري |
واملأي الجوّ رهبةً يا أعاصِرْ |
لا تُبالي بالشمس تنفثُ ناراً |
أو بِهامٍ مِنَ السحابِ وهَامرْ |
نثرتْها الرياحُ شَرْقاً وغَرْباً |
ربَّما كانت الرزايا مَطاهرْ |
خَرَجَتْ من شُقوقها صَيْحة الثأر. |
وماجَتْ أحشاؤُها بالعناترْ |
يولدُ الطِّفلُ للعظائمِ فيها |
فَهْو في مَهْدِه على المَهْدِ ثائرْ |
يَرِثُ الحقدَ لا ليسلُبَ حقاً |
بل ليحميه مِنْ براثِن فاجرْ |
يا نُسوراً على الشهادة حامُوا |
يتبارَوْن في اطِّلاب المآثرْ |
مِنْ سيوفِ اليرموكِ أنتُم بقايا |
لمعتْ في الرقابِ منها بَوادرْ |
كثَّرَ الموتُ فابتسمتُم وأرغَى |
فنظرتُم إليه نظرةَ ساخِرْ |
كيف يستعظِمُ المنيَّة أحرارٌ |
نَمَتْهُمُ إلى المعالي حَرائرْ |
بسلاحِ الإِيمان قاتِلْ وإلاَّ |
لا تَخُضْ ساحةً، فإنك خاسِرْ |
علّمتْكُم فنَّ البطولة أرضٌ |
لم تَلِدْ للنضالِ غيرَ الجبابرْ |
جاء منها المسيحُ آيةَ حبّ |
ونما في ظلالِها "عَبْدُ قادرْ"
(1)
|
كلُّ زيتونةٍ حكايةُ مَجْدٍ |
نَشَرتْ عِطْرَها على كل سامرْ. |
مِنْ حزيرانَ . . . مِنْ لياليه أنتمُ. |
زَفَراتٌ مُجَرّحاتٌ زَوائرْ |
مِنْ حزيرانَ . . . مِنْ لياليه أنتُم. |
دمعةُ الوَجْدِ في مَحَاجر صابرْ |
مِنْ حزيرانَ . . . مِنْ لياليه أنتُم. |
لهفةُ اليُتْم في جوانحِ قاصرْ |
مِنْ حزيرانِ . . . من لياليه أنتُم. |
رَعْشة الشوق في جوارح هاجرْ. |
اطلَعوا ف سماءِ يَعْربَ نُوراً |
ورجاءً على المُلِمَّات زاهرْ |
لاَ يقِفْ بَعدكم خطيبٌ على |
عودٍ ولا تَرْتَفعْ عقيرةُ شاعرْ |
لو يكون الخروفُ صاحبَ نابٍ. |
لم يكنْ لَحمُه لذئبٍ وتاجرْ |
أفصحُ القولِ ما يقولُ قويٌّ |
كم هديلٍ يموتُ بينَ الزَّماجرْ |
لم نَكُنْ قبلَكم سوى مُومِياتٍ |
تائهاتٍ ما بين ماضٍ وحاضرْ |
يتسلَّى بشَتْمها كلُّ هَاذٍ |
ويُباهي بلطمِها كل هاذِرْ |
قد أنَرْتُم مِنْ دربنا ما تَدَجَّى |
وبَعَثْتم من عَزمنا كل فاترْ |
واندفَعْتُم إلى المنايا صُفوفاً |
مَنْ رأى باتراً ينافسُ باترْ |
بُوركتْ راحةُ الشهيدِ ففيها |
ماجَ بحرٌ من العجائب زاخرْ |
* * * |
يا نسورَ الفداءِ مِنْ فَتْحِ هذي |
نغماتي على ثَراكم أزاهرْ |
سَكِرتْ باسمِكم فماسَتْ دَلالاً. |
ولقد يُسكرُ البخُورُ المباخرْ |
أولُ الغيث قَطْرةٌ ثم يَهمي |
ربما أصبح الأوالي أواخرْ |
إنَّ للبُطْل صَوْلة ثم يَمْضي |
يُنبت الحقُّ للنعاج أظافرْ |
سوف يعلو صوتُ العروبةِ مهما. |
حاولَتْ خَنقَه مخالِبُ جائرْ |
لم يَخِبْ في نهاية الشَّوْط حقٌ |
وعلى المعتدي تدورُ الدوائرْ |