شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نسور الفداء
رَفْرِفي، رَفْرِفي وهُزّي الخواطِرْ
وارتَعي في قلوبِنا والضَّمائرْ
آيةُ السِّحرِ في جَبينكِ ماجَتْ
سَلِمتْ للعُلا رِسالةُ ساحِرْ
خَضَعَتْ دونكِ الشُّمُوسُ وطافَتْ.
حَوْلَ محرابِكِ النجومُ السَّواهرْ.
رايةُ العُرْبِ لا تَراعي، فإنّا
قَدْ عَقَدْنا على هَواكِ الخَناصِرْ
طَلَعَ الصُّبح فاجتليناك نُوراً
في الرَّوابي وبَسْمة في الأزاهرْ
إنّ حبَّ الحِمَى وأنتَ مُقيمٌ
دونَ حُبِّ الحِمَى وأنتَ مُهَاجرْ.
قد حملناكِ خَفْقةً في الحنايا
ونَشيداً على الحناجر ناضِرْ
أنتِ والدَّهرُ توأمان سَوَاء
لا له آخر ولا لكِ آخِرْ
البوادي على حفيفكِ ماسَتْ
واشرأبَّتْ إلى سَناكِ الحَواضرْ
لنْ تَنال الرياحُ منك فثُوري
يا أعاصيرُ واعصفي يا مَقَادرْ
نحنُ قلبٌ على العروبة خَفّا
قٌ وجَفْنٌ على الأخوّة ساهرْ
وحَّدَ العُرْبُ رأيَهم بَعْد لأيٍ
كيفَ لا يأنفُ الكريمُ المساخِرْ.
جمعتْهُم قضيةُ الوطنِ الدا
مي فثاروا على سَلام المقابِرْ
أرخَصُوا في سبيلها كلَّ غالٍ
وتَخَطَّوا لأجلِها كلَّ فاخِرْ
إنَّهم موكبُ الفِداء تهادَوا
للمعالي وشَمَّروا للمفاخِرْ
ليسَ من يلبَسُ العظائمَ بُرداً
مِثْلَ مَنْ يرتدي لباسَ الصَّغائرْ
تَنْطوي بِدْعة النِّزاع ويَبْقَى
جوهرُ الحبِّ خالداً للأداهرْ
إن تَكُ الضادُ أمَّتنا فلماذا
نتعادَى قبائلاً وعَشائرْ
أوْ يكُ اللهُ للجميع فأنَّى
يَدَّعيه مُشَعْوِذٌ ومُهاترْ
كيف يَغْفو على الرِّضا عربيٌّ
وأخوه مُقَرَّحُ الجَفْنِ حائِرْ
خَسِئ الواغلُ الدخيلُ فإنّا
أمّةُ البأسِ لا تهونُ لِقاهرْ
كم عَدَتْ مِحْنةٌ عليها وزالَتْ.
وأتى ظافرٌ وأدبرَ ظافرْ
كَتَبتْ في مهارِقِ المجد ما لم
يبتدعْ كاتبٌ ويكتبْ مغامرْ
خالدٌ مِنْ سيوفها وعليٌّ
مِنْ مناراتِها الزواهي الزَّواهرْ
هي مهما قَسَتْ عليها الليالي
مَثَلٌ في مكارمِ الخُلْق سائرْ
أمَّنتْ كلَّ خائفٍ في حِماها
وأقالَتْ في ظلِّها كلَّ عاثرْ
لم تَمُتْ شُعْلة الحميَّةِ فينا
إن تحتَ الرَّمادِ جَذْوة ثائرْ
عادَ "ريكردسٌ" فأين صلاحٌ
أتراه أطلَّ في ثَوْب "ناصرْ"؟
يُرهبُ الليثَ في البراري ويُخشى.
وهو في قَبضة السلاسل خادِرْ
لا نخاف الرَّدَى ولا نَتَّقيه
ولقدْ نتقي رَذَاذَ المَعَايرْ
عِرْضُنا طاهرٌ ففي أي شَرْعٍ
ينبح البدرَ نابحٌ غير طاهرْ؟
ليس مِنْ طَبْعنا العداءُ ولكِنْ
شُدَّ طوقَ الحمام تجعَلْه كاسِرْ
مِنْ رُبانا تَبَرْعمَ الحبُّ والنــورُ فمَنْ ذا أحاطَنا بالدَّياجرْ
مِنْ رُبانا تلألأتْ آيةُ السِّلْمِ
وماجَتْ أنداؤُها في السرائرْ
من رُبانا مِنْ هذه القممِ الخضراءِ.
هلّتْ على الوجودِ البَشائرْ
أتُجَازَى على المُنَى بالمَنايا
وعلى الوُدِّ بالعِداء السافِرْ؟
ما انتفاعي بنِعمْةٍ غَمَرتْني
أنا منها شاكٍ وغَيْريَ شاكرْ
آفةُ العُرْبِ أنهم لم يُسيئوا
لمسيءٍ ولم يَكيدوا لِغادرْ
خطَّ مناجَهم كتابٌ ودينٌ
ونَهَتْهم عن الدنايا زَواجرْ
ذاك تاريخُهم فيا عائبيه
جنةُ الخُلْد بهجةٌ للنواظِرْ
كيف ترمونَه وفي كل سَطْر
يَتْتخي فارسٌ وَيَهْتِفُ شاعرْ
الحضاراتُ أمْرَعَتْ في ثَراهم
يومَ كانت أرحامُهُنَّ عَواقرْ
دعوةُ الحقِّ بالدماء سَقَوها
وَحَموها من الأذَى بالبَواصرْ
لا يَتهْ كابرٌ علينا فإنّا
قد شَأوْنا بفضلِنا كل كابرْ
نحنُ كالشمس يُهتدى بسَناها
وعلى نارها تذوبُ الحَوافزْ
إن تكنْ دولةُ القياصِر مِنْ روم.
فمنّا الذين هزّوا القَياصرْ
أو تَكُنْ رايةُ الأكاسر قد عَزَّتْ.
فنحنُ الذين دانوا الأكاسرْ
* * *
قُلْ لصهيونَ لا تُغرّوا بنَصْرٍ
ربَّ نَصْرٍ كغَيْمة الصيفِ عابرْ.
ربما عُدَّتِ الخسائرُ رِبْحاً
ولقد يُحسب الرباحُ خَسائرْ
لم تردَّ الإِسلامَ عن مبتغاه
"أحُدٌ" أو تحدُّه في المَغاورْ
عثراتُ الأقدام شرٌّ ولكنْ
كلُّ شرٍّ إلاَّ عثارُ البَصائرْ
عَبَثاً تَذْخرونَ مالاً وجُنْداً
ثروةُ الحق خَيْرُ ما أنتَ ذاخرْ
عَبَثاً تحلُمون بالسِّلْم ما لم
يَسْتَعِدْ أرضَه شريدٌ وهَاجرْ
عَبَثاً تُنْشِئون حائط مُلْكٍ
كل ما يُبتَنى على الرّمْل هائرْ
يلدُ القفرَ زهرةً ثم تَذْوي
رحِم القَفْر بالنَّضارة عاقرْ
أيها العابثون بالبيتِ إنّا
قد بنيناه خالداً في الضمائرْ
نارُ أحقَادِكم أثارت غِضاباً
ما خَبا في نفوسِنا مِن ثوائرْ
طهَّرَتْنا من السفاسِفِ لكِنْ
أوغرَتنا على الوحوش الكَواسرْ.
جلّ ذكر النبيِّ عن شانئيه
وسَمَا عن مخالِبٍ وأظافرْ
سوفَ يمحو عارَ الهزيمةِ قومي
طَلعَتْ آيةُ الرَّجاء لناظرْ
لم يَعْدْ صوتُنا انكسارَ سؤالٍ
صارَ كالرعدِ في المسامعِ هادرْ.
لم تَعُدْ كفُّنا لكسرةِ خُبْزٍ
جُرْحها صار مَنْبتاً للبواترْ
أينًَ من يجتدي احترامَك مِمَّنْ
يتلقاكَ بانتبارة آمرْ
يَفْهَمُ الحرُّ بالإِشارة لكنْ
ليس أغبَى ممّنْ يُراضي مكابر
* * *
حَفِظَ اللهُ في العَراء خياماً
شامخاتٍ على دُروب العناصِرْ
خنَقَتْ دمعُها إباءً وكِبْراً
كيفَ تبكي من البلاء القساورْ.
تتحدَّى… فيا براكينُ ثُوري
واملأي الجوّ رهبةً يا أعاصِرْ
لا تُبالي بالشمس تنفثُ ناراً
أو بِهامٍ مِنَ السحابِ وهَامرْ
نثرتْها الرياحُ شَرْقاً وغَرْباً
ربَّما كانت الرزايا مَطاهرْ
خَرَجَتْ من شُقوقها صَيْحة الثأر.
وماجَتْ أحشاؤُها بالعناترْ
يولدُ الطِّفلُ للعظائمِ فيها
فَهْو في مَهْدِه على المَهْدِ ثائرْ
يَرِثُ الحقدَ لا ليسلُبَ حقاً
بل ليحميه مِنْ براثِن فاجرْ
يا نُسوراً على الشهادة حامُوا
يتبارَوْن في اطِّلاب المآثرْ
مِنْ سيوفِ اليرموكِ أنتُم بقايا
لمعتْ في الرقابِ منها بَوادرْ
كثَّرَ الموتُ فابتسمتُم وأرغَى
فنظرتُم إليه نظرةَ ساخِرْ
كيف يستعظِمُ المنيَّة أحرارٌ
نَمَتْهُمُ إلى المعالي حَرائرْ
بسلاحِ الإِيمان قاتِلْ وإلاَّ
لا تَخُضْ ساحةً، فإنك خاسِرْ
علّمتْكُم فنَّ البطولة أرضٌ
لم تَلِدْ للنضالِ غيرَ الجبابرْ
جاء منها المسيحُ آيةَ حبّ
ونما في ظلالِها "عَبْدُ قادرْ" (1)
كلُّ زيتونةٍ حكايةُ مَجْدٍ
نَشَرتْ عِطْرَها على كل سامرْ.
مِنْ حزيرانَ . . . مِنْ لياليه أنتمُ.
زَفَراتٌ مُجَرّحاتٌ زَوائرْ
مِنْ حزيرانَ . . . مِنْ لياليه أنتُم.
دمعةُ الوَجْدِ في مَحَاجر صابرْ
مِنْ حزيرانَ . . . مِنْ لياليه أنتُم.
لهفةُ اليُتْم في جوانحِ قاصرْ
مِنْ حزيرانِ . . . من لياليه أنتُم.
رَعْشة الشوق في جوارح هاجرْ.
اطلَعوا ف سماءِ يَعْربَ نُوراً
ورجاءً على المُلِمَّات زاهرْ
لاَ يقِفْ بَعدكم خطيبٌ على
عودٍ ولا تَرْتَفعْ عقيرةُ شاعرْ
لو يكون الخروفُ صاحبَ نابٍ.
لم يكنْ لَحمُه لذئبٍ وتاجرْ
أفصحُ القولِ ما يقولُ قويٌّ
كم هديلٍ يموتُ بينَ الزَّماجرْ
لم نَكُنْ قبلَكم سوى مُومِياتٍ
تائهاتٍ ما بين ماضٍ وحاضرْ
يتسلَّى بشَتْمها كلُّ هَاذٍ
ويُباهي بلطمِها كل هاذِرْ
قد أنَرْتُم مِنْ دربنا ما تَدَجَّى
وبَعَثْتم من عَزمنا كل فاترْ
واندفَعْتُم إلى المنايا صُفوفاً
مَنْ رأى باتراً ينافسُ باترْ
بُوركتْ راحةُ الشهيدِ ففيها
ماجَ بحرٌ من العجائب زاخرْ
* * *
يا نسورَ الفداءِ مِنْ فَتْحِ هذي
نغماتي على ثَراكم أزاهرْ
سَكِرتْ باسمِكم فماسَتْ دَلالاً.
ولقد يُسكرُ البخُورُ المباخرْ
أولُ الغيث قَطْرةٌ ثم يَهمي
ربما أصبح الأوالي أواخرْ
إنَّ للبُطْل صَوْلة ثم يَمْضي
يُنبت الحقُّ للنعاج أظافرْ
سوف يعلو صوتُ العروبةِ مهما.
حاولَتْ خَنقَه مخالِبُ جائرْ
لم يَخِبْ في نهاية الشَّوْط حقٌ
وعلى المعتدي تدورُ الدوائرْ
1970
 
طباعة

تعليق

 القراءات :504  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 53 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.