لا تَعْجَبَنَّ لدمعتيَّ وناري |
ذَهَبَ الردَى بالفارسِ الكَرَّارِ |
نَزَلَتْ به الأقدارُ في رَيْعانِه |
يا لَلْخُزام يموتُ في نُوَّارِ! |
حارَتْ بأسرارِ الحياةِ عقولُنا |
ماذا وراءَ الموتِ مِنْ أسرارِ؟ |
مسَّيتُ جاري وهُوَ مَوْفور القِوَى. |
ثم استفقتُ على جنازة جاري. |
وغرسْتُ أشجاري فأوْرَق بعضُها. |
والبعضُ ماتَ على نَدَى آذارِ |
مَنْذا يخطُّ مصيرنَا ويقودُنا |
في حالةِ الإِقبالِ والإِدْبارِ |
مهما تساءلْنا فلَنْ نَقْوَى على |
تمزيقِ لُغْزٍ أوْ جَلاء سِتارِ |
يمضِي الفَتَى إلاَّ طهارةَ ذِكْرِه |
فاتركُ وراءك طَاهرَ الآثارِ |
ما دُمْتَ مِنْ طينٍ فلستَ بخالدٍ. |
ولئن وصَلْتَ العمرَ بالأعْمارِ |
* * * |
يا رايةَ شمّاءَ للحقِّ انطَوَتْ |
في هالةٍ من هَيْبةٍ ووَقارِ |
خُضْتَ المهالِكَ ما ونَتْ لكَ هِمَّةٌ. |
أُورِثْتَ في الجُلَّى يمين "ضِرار"
(1)
. |
قالوا استحقَّ الغارَ قلتُ تشرَّفَتْ. |
بجبينه العالي مجاني الغارِ |
جَالدتَ، لا بالسيفِ بل بعقيدةٍ. |
تشمي بها عصماءَ فوقَ النارِ |
هَيْهَات لا بَتّار يُجْدي إِنْ وَهَى. |
إيمانُ مُتّكلٍ على البتَّارِ |
بعجائبِ الإيمان أحرزَ "خالدٌ" |
ما لَمْ ينلْ بالعَسْكَر الجرّارِ |
إن العظيمَ هو الذي لا يَنْثَنِي |
عمّا اصطَفَى مِنْ مَبْدأ وشِعارِ |
تَزْهو بك الفُصْحى يَراعاً ينتمي. |
لبلابِلِ العربيةِ الأبرارِ |
تشدو فتصْطَفِقُ الغُضُونُ ويَنْحني. |
خَجَلاً جبينُ الناعقِ الثَّرثارِ |
أغنيتَ مُتْحفها بأروعِ قصَّةٍ |
فجَّرْتَها مِنْ جُرْحك الفَوّارِ |
ما السحرُ إلاَّ مِنْ نَدَى خَطراتِها. |
والشعرُ إلاَّ مِنْ شَذاها السَاري. |
وَالَهْفَتاهُ على رَعيلك يَنطوي |
بعضٌ، وبعضٌ ينزوي في الدارِ |
أخلَيتُم لِلأَدْعياءِ مكانَكُم |
فاستَنْسَروا واستَسْلَموا للعارِ |
عاثُوا بأمَّتِهم وشَقُّوا صَفَّها |
هذا يمينيٌّ وذاك يَساري |
أوطانُهم تَشْكو وَهُمْ في حَفْلةٍ |
أو غَفْلةٍ عَنْ دمعِها المِدْرارِ |
يتعابثونَ – ولا شهامةَ – باسمها. |
ويُشوِّهون صحائفَ الأحْرارِ |
خَنَقوا كرامَتَها وفي قانونِهم |
أنَّ الشعوبَ تُساس بالأظْفارِ |
ما كان أغباهُم غَداة توهَّموا |
أن النِّعاجَ تَهيم بالجزَّارِ |
لا خَيْرَ في وطنيةٍ هَزْليةٍ |
يُدْعَى لها بالطَبْل والمِزْمارِ |
تَشْري الضمائرَ تارةً، وتكمُّها |
بالسَوْطِ إن ثارَتْ على الدينارِ. |
الفِكْرُ في ملكواتها أُضحوكةٌ |
صَلُّوا على حرية الأفكارِ! |
* * * |
يا مَنْ أضاعَ العُمْرَ يخدمُ شعبَه |
ويَقي خُطاه مزالِقَ الأخطارِ |
تبكي العُرُوبةُ فيك صَرْحاً شامخاً. |
هو قِبْلةُ الأسماع والأبصارِ |
تبكي فتىً وَهَبَ القضية قلبَهُ |
وبنَى لها جِسْراً من الأنصارِ |
تبكي يداً هزَّتْ دعَائمَ خَيْبرٍ |
وَجَلَتْ حقائقَ بيتِها المُنْهارِ |
يا صاحبَ القلمِ الذي صيحاتُه. |
كانت تَقضُّ مضاجِعَ الفُجَّارِ |
يَهْفوا إليك الشاطئُ الفضيُّ ما. |
ذَكَرَ انتبارَة صوتِك الهَدَّارِ |
إن غبتَ عن أنظارنا فلأَنْتَ في. |
أرواحِنا كاللَّحْنِ في الأوتارِ |
عادَ الترابُ إلى الترابِ، وإنَّما. |
ذِكْراك باقيةٌ على الأْدهارِ |