هَتَكوا حماكَ وأنتَ لم تَثُبِ |
أوَلَسْتَ من عدنانَ يا عَربي؟ |
لا تنتِسبْ إن لم تَكُنْ رَجْلاً |
إنَّ الهَوَانَ يُطيحُ بالنَسبِ |
أينَ الدمُ الفوَّارُ يَقْذِفُهم |
بالوَيْلِ، بالزقُّومِ، باللَّهَبِ |
أينَ الحميةُ، هَلْ هِيَ انطفأتْ |
أم أنهَا ذَهَبَتْ مع السَّلَبِ؟ |
أَوَتِ السيوفُ إلى مخابِئها |
يا ليتَها انكسَرَتْ ولم تَؤُبِ |
أوَليتَها مِنْ قَبْلُ أنْ برَزَتْ |
صَدِئَتْ فلم تَبْرُزْ ولم تَعِبِ |
ما حَقَّقَتْ للحقِّ مِنْ أَرَبٍ |
أو خيَّبَتْ للبُطْلِ مِنْ أرَبِ |
لكأنَّها في الحرب مِنْ خَشَبٍ |
وأقول مَعْذِرةً من الخَشَبِ |
هل أوهموهما – والعُلا جَلَدٌ -. |
أنَّ العُلا ضَرْبٌ من اللَّعِبِ؟ |
ليكادُ يخجلُ " ذو الفقار" بها |
لولا بصيصٌ لاحَ عن كثبِ |
هذي غطاريفُ الفِداء بَدَتْ |
فاستبشروا بالأنجُم الشُّهُبِ |
مِنْ كلِّ أَرْوَعَ في شمائِله |
بَحْران مِنْ لُطْفٍ ومِنْ غَضَبِ |
ريحُ الخلودِ تهبُّ عاطرةً |
فوَّاحةً من كوخه الخرِبِ |
ثاروا على الأعداء فانهزموا |
وعلى الهوانِ فلاذَ بالهَرَبِ |
من غَيْهَبِ الصحراءِ قد طَلَعوا. |
نُوراً يشقُّ غياهِبَ الرِّيبِ |
باعوا النفوسَ ليشتروا وَطَناً |
هو عندهم كالعَيْنِ للهُدُبِ |
أسيافُهم عَزْمٌ وتَضْحيةٌ |
وعَتَادُهم ما شئتَ من دأبِ |
يُعطُون لا خَوْفاً ولا طَمَعاً |
شأنَ النَّدَى يَهْمي بلاَ سَبَبِ |
تَعَبٌ حياتُهُم ولو رَضَخوا |
لَنَجَوْا مِنْ التشريد والتعبِ |
أعلَى مِنْ "الإِيوان" خيمتُهم |
وتُرابُها أغلَى مِنَ الذَّهبِ |
نَقَشَوا على الأسيافِ آيتَهم |
القُدُسُ أمِّي والجليلُ أبي |
* * * |
يا راقداً في مَيْسلونَ سَقَى |
بدمائِه حرِّيَّةَ العَربِ |
لله وقفتُك التي جَعَلَتْ |
صُغْرى الهضابِ أميرةَ الهَضَبِ |
جالَدْتَ بالإِيمان تُطلقُه |
ناراً بوَجْهِ الجَحْفل اللَّجِبِ |
لم تُلْقِ بالَكَ للأُلَى زَعموا |
أنَّ العِنَادَ مطيَّةُ العَطَبِ |
طلبوا السلامةَ فاغتفرتَ لهم |
ضَعْفاً تلَبَّس صورَةَ الأدبِ |
خَذَلوك... إلاَّ حفنة وثِقَتْ |
بالحقِّ وارتفَعَتْ عن الرِّيبِ |
سارَتْ وراءك غيرَ عابئةٍ |
بسفاسفِ الآراءِ والخُطَبِ |
عزّ الغزاةُ بجيشِهِم وَزَهَا |
حامِي الحِمَى بشبابِه النَّخِبِ |
ما زِلْتَ تَضْرِبُهُم وتَضْرِبُهم |
حتى سَقَطْتَ فريسة النَّصبِ |
قَصَفَتْ شبابَك رَمْيةٌ وُصِمَتْ |
بِالعارِ وَجْهَ الفاتِح الحِرَبِ |
غلبوكَ لكنْ ساءَ طالِعُهم |
كَمْ كَسْرةٍ أجدَى من الغَلَبِ |
مِنْ مَغْرِب الدنيا أمدُّ يدي |
رَيّاً إليك بزَهْرِه الرَّطبِ |
مَثَوَاكَ مِحْرابي أطوفُ به |
وأحومُ بالنَّجْوى على النَّصَبِ |
تَرْنُو إليك الشمسُ خاشعةً |
ويَغْضّ طَرْفُ الصارِمِ الذَّربِ |
ذهبَ الأُلَى صَرَعَتْك رميتُهم |
وبقيتَ فوقَ مدارجِ الحِقَبِ |
يا قاهراً بالموتِ باطِلهم |
آبَ الغُزاة إلى الحِمَى، فؤُبِ |
صهيونُ حدَّد نابَه كَلباً |
فاضْرِبْ منابِتَ نابِه الكَلبِ |
هَيْهاتَ يخبُو للوغَى لَهَبٌ |
ما دام في الدنيا " أبو لَهَبِ" |