شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جارُ النجومْ
في مهرجان جبران العالمي
يَفْنَى الزمانُ وأنتَ حيٌّ يُرزقُ
وتغيبُ أسماءٌ وذكرُك مُشْرقُ
جُبرانُ يا جَارَ النجومِ أَينتهي
صَوْتِي إليك… أمَ أنَّ بابَك مُغْلَقُ؟.
أشْرِفْ علينا مِنْ سَمائك لحظةً.
هذي الوفودُ على قِراك تَحَلَّقوا.
جئناكَ مِنْ شتَّى الديارِ يقودُنا
شَوْقٌ يُلحُّ ولَهْفَةٌ تتدفَّقُ
إنْ فَرَّقَتْنا الترَّهات فإننا
(في دَوْحة الآدابِ لا نتفرقُ)
أسكرتنا بالشعرِ طابَ رَحيقُه
وزَكَا… ولكنْ للذي يتذوَّقُ
مِنْ كلِّ حاليةِ الجبينِ تخالُها
بَلْقِيسُ في أعيادِها تتألَّقُ
عربيةُ الأنفاسِ تَعْبُقُ بالشَّذَا
ما كلُّ قافيةٍ تطيبُ وتَعْبُقُ
تختالُ في لَفْظٍ عفيفٍ رائقٍ
يحتلُّهُ معنًى أعفُّ وأرْوَقُ
أرخَتْ ذوائبها فيا شمسُ اغْرُبي.
هذا هو الحسنُ الذي لا يَخْلَقُ.
جئناكَ نستسقي، فبُلَّ أُوارَنا
لَنْ يَبْرحَ الوُرّاد حتى يَستقوا
ماذا إذا جَهِلتْ مكانَك زُمْرةٌ
بَلْهاءُ فارغةٌ تَنُقُّ وتَنْعَقُ
ضربَ الغُرور على منافِذ نورِها.
فطريقُها داجي المسالِك مُرْهَقُ.
قامتْ على أمِّ اللغاتِ وصيَّةً
يا للدَّخيل على الأصيل يُحَذْلِقُ.
دَعَها وما زَعَمتْ فليس بناجعٍ.
فيها عِلاجٌ أو بمُجدٍ مَنْطِقُ
حلَّقْتَ فاستعصَى عليها أنْ تُرَى.
نَسْراً بآفاقِ الخيالِ يُحلِّقُ
الشعرُ لَغْوٌ عندها وسَخافةٌ
والفِكْرُ سَفْسَطَةٌ وَمَوْتٌ أزرْقُ
لَبستْ ثيابَ العَصْر، لكنْ لم يَزَلْ.
بالجاهليةِ عَقْلُها يتعلَّقُ
تمشي جُزافاً... ليس تَنْقُلُ خَطْوَةً.
إلاَّ وَتَزْلق أو تقومُ وتَزْلَقُ
لا تسلِقوها بالملامِ فإنها
جُثَثٌ تدورُ ومومِياتٌ تَنْطِقُ
* * *
جبرانُ حالَ العهدُ بعدَك وانطوَى.
علَمٌ ليعرُبَ بالنجومِ مُعَلَّقُ
ضَلَّتْ نسورُ المجد عن غاياتها
هَلْ تهتدي والليلُ داجٍ مُطْبِقُ؟.
أنَّى اشرأبَّتْ فاجأتْها صَرْصَرٌ
أو عاجَلَتْها زَعْزَعٌ لا تَرفِقُ
ما إن تُعالجُ بالتجمُّلِ نَكْبةً
حتى تلمّ بها أشدُّ وأعمقُ
عَبَثَتْ زعاماتُ الكلام بأمْرِها
ولها بسمعتِها دَعيٌّ أخْرَقُ
كانَتْ لها في الخافِقينَ كَرامةٌ
واليومَ إن ذَكروا الكرامة تُطرِقُ.
لا فجرُها زاهي الملامحِ ضاحكٌ.
للضاحكين ولا نَدَاها غَيْدَقُ
أقداسُها للوالغين ملاعبٌ
وزمامُها بين الغُزاة مُفَرَّقُ
لولا غطاريفُ الفِداء لما ازدَهَى.
أملٌ ليعرُبَ أو تعالى مَفْرِقُ
بذلوا النفوسَ رخيصةً كي يَغْسِلوا.
عارَ الهزيمة، لا لكي يَسترزِقوا
مَرْحَى جنودَ الحقِّ، مَرْحى! إننا.
بجراحِكم عَبَقَ النبوة ننشقُ
أرغمتُم أنفَ العدوِّ وشُدْتمُ
صَرْحاً لأمتكم يَعِزُّ ويَسْمُقُ
لن يستعيد العُرْبُ غابرَ مجدِهم.
إلاَّ إذا نبذوا الفوارق والتقوا
إن الذي يَقْضي فداءَ بلادِه
لا خَوْفَ يفتحُ بابَه أو يُغلِقُ
كُتبَ البقاءُ له وطابَ ثَواؤه
في حيثُ لا أرقٌ ولا مَن يأرقُ.
* * *
جُبْرانُ يجمعُنا طريقٌ واحدٌ
ويضمُّنا في الشعرِ نَهْجٌ رَيِّقُ
بشَّرتَ بالتجديدِ… لكنْ لم تَقُلْ.
إن الجَديد رطانةً وَتَمَخْرُقُ
أوغلْتَ لكم لم تغِبْ عن عيِننا
أينَ الهجينُ إذا تصدَّى مُعْرِقُ؟
ماذا نقولُ لمن يهاجم شِعْرنا
هَلْ يقحمُ البركانَ إلاَّ أحمَقُ؟
يا سادةَ الشعر الذي لم يلتزمْ
وَزْناً ولا مَعْنًى… أأنتم زِئْبقُ
لم تخجلوا، والشوكُ مِنْ أخلاقِه.
ألاَّ يغضَّ… وقد يغض الزَنْبَقُ.
إنَّا بنَينا في المهاجرِ دَوْلَةً
الحسنُ مِنْ آياتِها الرَّونقَ
قامتْ على إيماننا، لم يَحْمِها
سَيْفٌ، ولم يَسْهَرْ عليها بَيْرقُ
نَشَرَتْ على دارِ العروبةِ ظلَّها.
فلواؤها في كلِّ أفُقٍ يَخْفِقُ
نَهَلَ العِطاشَى مِنْ نَداها فَارْتَوَوْا.
وائتمَّ فيها الكافرون فصدَّقوا….
جُبْرانُ هذا مهرجانُك يلتقي
في ساحهِ غَرْبٌ ويَزْهو مَشْرِقُ
في كلِّ أفُقٍ مِنْ شذاه نَفْحةٌ
نَشْوَى تَرِفُّ وبَسْمَةٌ تتفتَّقُ
غَسَلَ الصدورَ، ففي القلوب نَقاوةٌ.
وعلى العيون وَدَاعةٌ تَتَرقرقُ
نسيَ العراقُ همومَه في ظلِّه
وتهلَّلَتْ مِصْرٌ وغَنَّتْ جُلَّقُ
لبنانُ لا يَفْخَرْ علينا بابنه
لا نحنُ نسبقُه ولا هو يَسْبِقُ
إنَّ العظيمَ لَكالربيعِ رَحابةً
هَيْهَاتَ يحصرُه مكانٌ ضَيِّقُ!
1970
 
طباعة

تعليق

 القراءات :440  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 47 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.