شَهيدَ السلام عليك السلامْ |
بكيتُكَ بالدمِ لا بالكلامْ |
ليُذكِي شُجوني مصابُ العُلا |
وتُدمي جُفوني دُموعُ الكِرامْ |
طريقي ظَلامٌ ونَفْسي ظلامٌ |
فهل يَطْلُعُ الفجرُ بعدَ الظلامْ؟ |
تنزَّهْتُ عن تُرَّهاتِ الذحولِ |
فلنْ أقتفي خُطُواتِ اللئامْ |
أقاتل خَصْمي علي مبدأٍ |
فإن هو زالَ يزولُ الخِصامْ |
وأنسى خطاياهُ في لَحْظةٍ |
وأذكُرُ فيه الشريفَ الهُمامْ |
سَقَطْتَ كما يتهاوَى الشهابُ |
ويُخْسفُ مثلَك بَدْرُ التمامْ |
أكادُ أشكُّ بعدْلِ الأنامِ |
وأرْفَعُ حُزْني لباري الأنامْ |
لماذا تطولُ حياةُ النسورِ |
ويَقْصُرُ كالحُلْمِ عُمْرُ الحَمامْ؟ |
لماذا تهبُّ رياحُ السَّمومِ |
فتُحيي القتادَ وتَذوي الخُزَامْ؟ |
لماذا نُعظِّم شأنَ الحُسامِ |
ونَنْسَى الضحايا ضحايا الحُسامْ؟. |
لماذا نُصفِّقُ للفاتحينَ |
ونَقْضي على أصدقاءِ السلامْ؟. |
لكلِّ امرئٍ قيمةً في الحياة |
فلا يستوي بالنُّضار الرُّغامْ |
إذا لم أَثُرْ لسقوطِ الكريمِ |
فما الفَرْقُ بيني وبين الطَّغامْ |
* * * |
رَبيبَ العُلا يا حَبيبَ البِلادِ |
تَرَحَّلْتَ قبلَ بلوغ المرامْ |
شأوتَ أخاكَ سَناءً ومَجْداً |
وسِرْتَ على دَرْبِه للخِتامْ |
فتحتَ القلوبَ ببسمةِ طِفْلٍ |
ورُضْتَ النفوس بغيرِ زِمامْ |
يقولونَ لاسِمك طِيبُ الربيعِ |
فقلتُ صَدَقْتُم، وفعلُ المَدَامْ |
عجيبٌ لزَيْنِ الشباب الطَّموحِ. |
يخرُّ صَريعاً بكفِّ غُلامْ |
سألتُك لا تَقْسُوَنَّ عليه |
فقد يَقْلبُ اليأسُ معنى الحَرَامْ |
عَطَفْتَ على قاتليه فثارتْ |
بأعماقه نَزْوةُ الانتقامْ |
خُدِعْتَ بما لفَّقوا مِنْ دعاوَى |
وتُغْرى العيونُ بغَيْمٍ جَهامْ |
فحامَتْ عليك أفاعي الظُّنونِ |
ورُحْتَ ضحيَّةَ شرِّ الأنامْ |
غريمُك يا ابنَ الكرام كريمٌ |
ولكنه ضاعَ وَسْطَ القَتامْ |
توارَثَ مثلَكَ صِيتاً نقياً |
ومَجْداً تَطاولَ فوقَ الغَمامْ |
تقلَّبَ في العزّ قَبْلَ الفِطام |
وظلَّ على العزّ بعدَ الفِطامْ |
وكان له مَوْطِنٌ يَفْتديهِ |
إذا ضيمَ ثارَ وإن جاعَ صامْ |
وجاء الدَّخيلُ فهانَ الأصيلُ |
وشُرِّدَ عن داره في الخِيامْ |
وبادَ ذَووه بحدِّ الحُسامِ |
ومَنْ عاش ماتَ بفعلِ الأُوامْ |
وظلَّت تلاحقُهُ الذكرياتُ |
وتأكلُ مَعْه ومَعْه تنامْ |
إلى أن تفجَّر في صَدْره |
جحيمٌ تأجَّجَ عاماً فعامْ |
فكنتَ الفَقيدَ ولكنَّ قَلْبي |
تقاسَمَ مَعْكَ دبيبَ الحِمامْ |
فيا ليتَ ضَلَّ الطريقَ إليك |
وَلَيْتَ القذيفةَ كانتْ سَلامْ |
شهيدَ السلامِ عليكَ السلامْ |
بَكَيتُكَ بالدَّمِ لا بالكلامْ |
إذا لَمْ أَثُرْ لسقوطِ الكريمِ |
فما الفَرْقُ بيني وبين الطَّغامْ؟ |