شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشامُ في عينيك
في استقبال وزير سوريـا المفـوض الشاعر عمر أبو ريشة، سنة 1953
أكرمتُ فيك الخُلْقَ والأدَبا
إن كان غيري يُكْرمُ اللَّقَبا
قالوا الوزارةُ، قلتُ أكرهُها
ألا لكل فضيلةٍ سببا
فتحَ الكريمُ لنا سحائبَه
هَلاَّ اقتسمْنَا بيننا السُّحبا
الشاعرُ الصدَّاحُ حِصَّتُنا
وخُذُوا الوزيرَ الحاذقَ الأرِبا
تأبَى على مثلي كرامتُه
أن يستحيلَ لحاكم ذَنَبا
أنا لستُ من يُغْرَى بشَعْوذةٍ
وثنيّةٍ يدعونَها حَسَبا
أدْنَى مرامي المجدِ مرتبةٌ
لا تقتضي كدَّاً ولا تَعَبا
ماذا يُفيدُ الناس أنّ أبي
عالَ اليتامى وابنُه نَهَبا
ولَّى زمانُ الأكرمينَ فلا
نَسَبٌ لمَنْ لا يُكرمُ النَّسبا
ما دمتَ مِنْ طينٍ ومِنْ حَمَأ
مثلي، فما لكَ تَنْطَحُ الشُّهُبا
مَنْ لم يكنْ في نفسِه شَرَفٌ
هَيْهَاتَ يُجْدِي أنْ يهزَّ أبا
أسمَى مِنَ الدِّيباج في نَظَري
أسمالُ ساعٍ يَجْمَعُ الحطَبا
وأعزُّ مِنْ كِسْرى بمَوْكبه
راعٍ قريرٌ يَنْفُخُ القَصَبا
أينَ الذي يَقْضِي بِتُخْمته
مِمَّن يموتُ بكوخِه سَغِبا؟
ليسَ البطولةُ أنْ تكون َ لَظَىً
إنَّ البطولةَ أنْ تكون صَبَا
شتَّان مَنْ يَذْوي به أملٌ
غضٌّ ومَنْ يُحيي الذي ذَهبا
إنْ لم تَكُنْ للمستغيثِ يَداً
لا تَقْطَعَنَّ يدَ الذي حَدِبا
عبسَ الكريمُ فخابَ قاصدُه
واسترجَعَتْ يُسراه ما وَهبا
كَمْ بسمةٍ أحيَتْ أخا وصَبٍ
وعُبوسةٍ رَدَّتْ له الوصَبا
* * *
يا شاعرَ الآياتِ يُرسلُها
نوراً يشعُّ وتارةً لَهَبا
تَقْذَى عيونُ الظالمين بها
وتَهُزُّ أعطاف العُلا طَرَبا
نزّهتَها عَنْ كلِّ فاحشةٍ
وجعلتَها مَثَلاً لمنْ كَتَبا
هبَّتْ على الأعجام نَفْحتُها
فترنَّحوا وتراقصوا عُرُبا
جئناكَ نحملُ في جوانِحنا
شَوْقَ المحبِّ إلى الحبيب صَبَا
فاطلَعْ علينا بُلْبلاً غَرِداً
الأيْكُ أصغَى والغديرُ حَبا
الشامُ في عَيْنيكَ ماثلَةٌ
لا تُغْمِضَنّ – فديتُك – الهُدُبا
إنّا لنُرخصُ في محبتِها
الغاليَيْن: الرُّوحَ والنَّشَبا
الجرحُ يجمعُنا إذا اختلَفَتْ
أهدافُنا وتباينتْ شُعُبا
غُصَصُ المهاجر ليس يَعْرِفها
إلاَّ الذي عَنْ رَبْعه اغتربا
لا تَنْخَدِعْ بِوَميضِ بَسْمَتِه
هذا هو الفجرُ الذي كَذَبا
يَطْوِي على جَمْرٍ أضالِعَه
ويرشُّه في كأسه حَبِبا
قُلْ للّذي يَزْري بفاقتِها
أقسمتُ يفضلُ رملُها الذَّهبا
لا يستحقّ بلادَه عَدناً
مَنْ لا يحبّ بلاده خِرَبا
* * *
يا شاعرَ الشهباءِ دونَكَها
عذراءَ تَسْحبُ ذَيْلَها عُجْبا
عصماءَ لم يَمْسخ جزالتَها
رَمْزٌ فَشَا في شِعرنا جَرَبا
عربيّةَ الأبوَينِ خالصةً
عُمريةً لم تَنْحدر أَرَبا
مخضّلةَ الأردان تحسبُها
"غلواء" رفَّتْ نُضْرةً وصِبا
الخيمةُ الخضراءُ مَطْلعُها
والفجرُ نمنمَ ثوبَها القَشِبا
خَطَرتْ إليك فهل تمدُّ لها
جِسْراً إلى دنياك أو سَبَبا
عرَّضتُ فيها بالفسادِ فما
ذَنْبي إذا هذا وذا غَضِبا؟
* * *
يا شاعرَ الفُصْحى نزلتَ على
أبناءِ أمّك لا على غُربَا
فإذا صَبَوتَ إلى رُبا بلدٍ
أوحى إليك الشعرَ والأدَبا
فاسْتَسْقِ مِنْ أجفاننا بَرَدَى
وافتحْ جوانحَنا تَجِدْ حَلَبا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :430  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 32 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الرابع - النثر - مقالات منوعة في الفكر والمجتمع: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج