أكرمتُ فيك الخُلْقَ والأدَبا |
إن كان غيري يُكْرمُ اللَّقَبا |
قالوا الوزارةُ، قلتُ أكرهُها |
ألا لكل فضيلةٍ سببا |
فتحَ الكريمُ لنا سحائبَه |
هَلاَّ اقتسمْنَا بيننا السُّحبا |
الشاعرُ الصدَّاحُ حِصَّتُنا |
وخُذُوا الوزيرَ الحاذقَ الأرِبا |
تأبَى على مثلي كرامتُه |
أن يستحيلَ لحاكم ذَنَبا |
أنا لستُ من يُغْرَى بشَعْوذةٍ |
وثنيّةٍ يدعونَها حَسَبا |
أدْنَى مرامي المجدِ مرتبةٌ |
لا تقتضي كدَّاً ولا تَعَبا |
ماذا يُفيدُ الناس أنّ أبي |
عالَ اليتامى وابنُه نَهَبا |
ولَّى زمانُ الأكرمينَ فلا |
نَسَبٌ لمَنْ لا يُكرمُ النَّسبا |
ما دمتَ مِنْ طينٍ ومِنْ حَمَأ |
مثلي، فما لكَ تَنْطَحُ الشُّهُبا |
مَنْ لم يكنْ في نفسِه شَرَفٌ |
هَيْهَاتَ يُجْدِي أنْ يهزَّ أبا |
أسمَى مِنَ الدِّيباج في نَظَري |
أسمالُ ساعٍ يَجْمَعُ الحطَبا |
وأعزُّ مِنْ كِسْرى بمَوْكبه |
راعٍ قريرٌ يَنْفُخُ القَصَبا |
أينَ الذي يَقْضِي بِتُخْمته |
مِمَّن يموتُ بكوخِه سَغِبا؟ |
ليسَ البطولةُ أنْ تكون َ لَظَىً |
إنَّ البطولةَ أنْ تكون صَبَا |
شتَّان مَنْ يَذْوي به أملٌ |
غضٌّ ومَنْ يُحيي الذي ذَهبا |
إنْ لم تَكُنْ للمستغيثِ يَداً |
لا تَقْطَعَنَّ يدَ الذي حَدِبا |
عبسَ الكريمُ فخابَ قاصدُه |
واسترجَعَتْ يُسراه ما وَهبا |
كَمْ بسمةٍ أحيَتْ أخا وصَبٍ |
وعُبوسةٍ رَدَّتْ له الوصَبا |
* * * |
يا شاعرَ الآياتِ يُرسلُها |
نوراً يشعُّ وتارةً لَهَبا |
تَقْذَى عيونُ الظالمين بها |
وتَهُزُّ أعطاف العُلا طَرَبا |
نزّهتَها عَنْ كلِّ فاحشةٍ |
وجعلتَها مَثَلاً لمنْ كَتَبا |
هبَّتْ على الأعجام نَفْحتُها |
فترنَّحوا وتراقصوا عُرُبا |
جئناكَ نحملُ في جوانِحنا |
شَوْقَ المحبِّ إلى الحبيب صَبَا |
فاطلَعْ علينا بُلْبلاً غَرِداً |
الأيْكُ أصغَى والغديرُ حَبا |
الشامُ في عَيْنيكَ ماثلَةٌ |
لا تُغْمِضَنّ – فديتُك – الهُدُبا |
إنّا لنُرخصُ في محبتِها |
الغاليَيْن: الرُّوحَ والنَّشَبا |
الجرحُ يجمعُنا إذا اختلَفَتْ |
أهدافُنا وتباينتْ شُعُبا |
غُصَصُ المهاجر ليس يَعْرِفها |
إلاَّ الذي عَنْ رَبْعه اغتربا |
لا تَنْخَدِعْ بِوَميضِ بَسْمَتِه |
هذا هو الفجرُ الذي كَذَبا |
يَطْوِي على جَمْرٍ أضالِعَه |
ويرشُّه في كأسه حَبِبا |
قُلْ للّذي يَزْري بفاقتِها |
أقسمتُ يفضلُ رملُها الذَّهبا |
لا يستحقّ بلادَه عَدناً |
مَنْ لا يحبّ بلاده خِرَبا |
* * * |
يا شاعرَ الشهباءِ دونَكَها |
عذراءَ تَسْحبُ ذَيْلَها عُجْبا |
عصماءَ لم يَمْسخ جزالتَها |
رَمْزٌ فَشَا في شِعرنا جَرَبا |
عربيّةَ الأبوَينِ خالصةً |
عُمريةً لم تَنْحدر أَرَبا |
مخضّلةَ الأردان تحسبُها |
"غلواء" رفَّتْ نُضْرةً وصِبا |
الخيمةُ الخضراءُ مَطْلعُها |
والفجرُ نمنمَ ثوبَها القَشِبا |
خَطَرتْ إليك فهل تمدُّ لها |
جِسْراً إلى دنياك أو سَبَبا |
عرَّضتُ فيها بالفسادِ فما |
ذَنْبي إذا هذا وذا غَضِبا؟ |
* * * |
يا شاعرَ الفُصْحى نزلتَ على |
أبناءِ أمّك لا على غُربَا |
فإذا صَبَوتَ إلى رُبا بلدٍ |
أوحى إليك الشعرَ والأدَبا |
فاسْتَسْقِ مِنْ أجفاننا بَرَدَى |
وافتحْ جوانحَنا تَجِدْ حَلَبا |