أحْي الرجاءَ الميْتَ في الأرواحِ. |
وأثرْ – فُديت – لواعجَ النُّزَّاحِ. |
لا تأخُذنَّك في الجوانح رأفةٌ |
ماتَ المريض برأفة الجرَّاحِ |
يا وجهَ لبنانَ الأغرِّ تضاحَكَتْ. |
آمالُه في وَجَهك الوضَّاحِ |
إنّا لنلمح في جفونِك طَيْفَه |
ونَشُمُّ نفحةَ أرْزِه الفوَّاحِ |
هذي مسارحُه وتلك رياضُه |
نَشْوَى بصوت البُلْبل الصدَّاحِ. |
سبحانَ من ألقى إليك قيادَه |
ووقاه عاديَةَ الأَذى المُجْتاحِ |
لولاكَ أفسدَه فسادُ وُلاتِه |
إن السفينةَ في يَدِ الملاَّحِ |
أنقذتَه من غَمْرة الفوضى ومنْ. |
أنياب كل مُكشِّرٍ طمَّاحِ |
وغَمَزْت للإِصلاح أشبالَ الحِمَى. |
فتجنّدوا في ثورةِ الإِصلاحِ |
مِنْ كلِّ وضَّاح الجبين شعارُه |
لا مجدَ في الدنيا بغير كفاحِ |
يختالُ "فَخْرُ الدين" في أبراده |
غضَّ العزيمة كالربيع الضاحي |
أحْيَتْ عزائمهم رسالةَ مُؤمنٍ |
بالشعبِ، عفِّ النفس عفِّ الراحِ. |
فتدافعوا للمجد سِرْبُ كواكبٍ. |
يمشون خَلْف الكوكب اللمًّاحِ. |
يا لانقلابٍ أبيضٍ لم يُخْتَضَبْ |
بدمٍ ولم يَعْبثْ بذات وِشاحِ |
جمعَ المبادِئَ كلَّها في مبدأٍ |
فَرْدٍ ولَفَّ غُلاتَها بجناحِ |
لابنِ المدارسِ والمعاملِ حِصَّةٌ |
فيه، وللمدنيّ والفَلاَّحِ |
هو وثبةُ الجيلِ الجديدِ تَنَزَّهتْ |
أهدافُه عن خَمْرة ورَداحِ |
شَرَفاً شُبولَ الأرْزِ أيُّ رسالةٍ |
لم تكتبوها بالدمِ المِسْماحِ |
إني لأخشَى أن يشوّه عهدَكَم |
ما اندسَّ خَلْفَ العهد من أشباحِ. |
فاقضوا على الإِقطاع، إنَّ سمومَه. |
تركتْ قراح الماء غَير قَراحِ |
عارٌ على لبنانَ يبقَى مَرْتَعاً |
حُراً لِصَلِّ الفتنةِ الفحَّاحِ |
قولوا لكل زعامةٍ وثنيةٍ |
عَبثَتْ بكل فضيلةٍ وصَلاحِ |
الجاهليةُ أطلَقَتْ أنفاسَها |
لا تَبْعثوها في إهاب "سَجاح"
(1)
. |
* * * |
يا ابن الذين توارَثُوا شَرفَ النَّدَى. |
وتَرَعْرعُوا في ملعبِ الأرياحِ |
لم أمتَدِحْكَ تَمَلُّقاً وَتَزلُّفاً |
أكْرَمْتُ عن زَيْفِ الهوى أمداحي. |
لكن دعاني للصراحة واجبٌ |
فأجبتُ داعي الواجب المِلْحاحِ |
ماذا عليّ إذا تغامَزَ حُسَّدي |
وتناولوا بالتُّرهاتِ صِداحي |
إني اختصرتُ الروضَ في قارورةٍ. |
وحبستُ نورَ الشمس في مِصْباحِ. |
لن يستثيروا بالنَّعيبِ حفيظتي |
أأنا أجرُّ على القبورِ سِلاحي؟ |
حَسْبي رضاً غَلواء، حسبي نَفَحة. |
ندياءُ تمسحُ بالعبير جِراحي |
وسعَ الأذى قلبي على ألْوانِه |
ومحا برَحْمته غُرورَ اللاَّحي |
ينتابه الغضبُ المُلحّ فيَنْجلي |
عن بَسْمةٍ أو ينتهي بمُزاحِ |
رَقَصَتْ على نغمي النجومُ فما الذي. |
أخشاه مِنْ متفيِّئٍ أدواحي |
قلَّدتُ جِيْدَ الشعرِ أكرمَ حُلْيةٍ |
وجَلَوتُ ظلمةَ ليله بصَباحي |
لا تسألوا الخمَّار عن زَحْليةٍ |
هاكُم زكيّ الرَّاح في أقداحي |
عذراءَ تَخْتَلِبُ النفوسَ بحسنها. |
وتهزُّها بأريجها النَّفّاحِ |
غرسَت دواليها سواعد عَبْقَرٍ |
وَتَرَعْرَعتْ في ظِلِها الفَيَّاحِ |
أنا لا أبخِّر للرئيس، وإنما |
أحْني جبيني للفتى النَضَّاحِ |
الحاملُ الأعباءِ عن أوطانه |
والمُرْتَجَى في الحادث الفَدّاحِ |
والواصلُ الأرحامِ بعد تقاطع |
والجامعُ الأرواح بعدَ تَلاحِ |
من ليس يمتلكُ القلوبَ بخُلْقه |
لم يُغْرها بقلادةٍ ووشاحِ |
"هيُّ بن بيّ" حين يخدم قومه |
أولى بإجلالي من ابن "فَتَاح"
(2)
|
* * * |
يا مَنْ يعيبُ على الرئيس سَخاءَه. |
أو كنت تبحث فيه عن سَفَّاح؟. |
العفوُ من شِيمَ الكرام ولم أجدْ. |
بين اللئام أخا ندىً وسَماحِ |
لا يستبيحُ دمَ الخصومِ مكافِحٌ |
بالطاهرين: عقيدةٍ وصَلاحِ |
خَلُدَتْ بطولةُ "خالد" لكنما |
شَمَخَتْ عليها عفَّةُ "الجرّاح" |
إنَّ المناصبَ للمكارم سُلَّمٌ |
لا حُجَّة للبطش والأرباح |
من كان يأخذُ بالرماح خُصومه. |
لا يأمَنَنَّ غوائلَ الأرماحِ |
ليتَ الذين تناطَحوا ما بينهم |
كانوا على العادي كِباشَ نِطاحِ. |
لولا انقيادُهُمُ إلى شهواتِهم |
لم يَسْتَبِحْ حَرَمَ السلام إباحي |
اللهُ يشهدُ لم يقُلّ عتادُهم |
لكنَّما قَلَّتْ خِصال "صَلاح" |
شُغِلوا عن الخطر المُزَمجر حولَهم. |
بسَفاسف الأطماع والأطماحِ |
ضجُّوا فكبَّرنا وقُلْنا استأْسَدوا. |
وَيْحَ الدخيلِ من القضاءِ الماحي. |
لكنَّ أهدافَ الكفاحِ تَلَخَّصَتْ. |
برصاصةٍ، وتحقَّقتْ بصِياحِ |
ماذا علينا إن تشرَّدَ أهلُنا |
وتناثروا كالرمل في الصَّحْصاحِ. |
أخذَ اليهودُ بلادَنا لَكنَّهم |
باؤوا بلَعنةِ قائدٍ جَحْجاحِ |
يا ابنَ القضيةِ شَبَّ في غمراتِها. |
لا تُنْكرنَّ مدامعي ونُواحي |
جارَتْ علينا غربةٌ وتنازَعَتْ |
خيطَ الرجاء مخالبُ الأتْراحِ |
بِعْنا بأوهام الغنَى فردوسَنا |
يا ليتَنا لم نُغْرَ بالتفاحِ |
لم تحملوا عِبءَ القضية وحدَكم. |
في كل مغتربٍ دمٌ وأضاحي |
سِيَّان مَنْ مَهَرَ القضية قَلْبَه |
بين الطُّروس ومَنْ مَشى للساحِ. |
أقسمتُ ما وخَزَتْ بلادي شَوْكةٌ. |
إلاَّ ابتدرتُ شَباتَها بجراحي |
يا مَنْ تشبَّث بالحدود… واكتفى. |
بالغَمْزة العُجْلى عن الإِيضاحِ |
إن لم يكن حَبْل العروبة كافياً |
للجَمْع بين الأخوة الأقْحاحِ |
أفليس تجمعنا المصالحُ والمُنَى |
ووشائجُ الأتراح والأفراحِ |
من أنقذَ الفُصحى وصان تُراثها. |
مِنْ عَسْف طاغيةٍ وكَيْدِ وَقَاحِ |
وبنَى لها في كلِّ نَفْس مَعْقِلاً |
ثَبْتاً على الأحداث غَيْرَ مُبَاحِ |
وأقام للشعر المجنَّح دَوْلةً |
عربيةَ الأَنفاس والأوضاحِ |
مَدَّتْ على الآفاق وارفَ ظلِّهَا. |
واجتاحَتِ الدنيا بغير صِفاحِ |
فتحٌ يُدِلُّ على السيوف بزَهْوه. |
ترعاه عَيْنُ الواحد الفتَّاحِ |
لبنانُ لا تَلُمِ الذين تأجنبوا |
أُخذَ الفراشٌ بخِدْعَة المصباحِ |
ماذا عليكَ إذا اتسعتَ لأحمقٍ |
ما كلُّ أولادِ الربيع أقاحي |
* * * |
لبنانُ دونَكَها تحيةُ شاعرٍ |
مُتَغَربٍ عن سِرْبه مُلْتاحِ |
وَشَّى غُلاَلَتها الربيعُ وأشرقَتْ. |
مَزْهُوَّةً بجمالها الفضَّاحِ |
أنا مِنْ ربوعِ الشام، تحت سمائِها. |
فتَّحتُ أجفاني وَرفَّ جناحي |
لكنَّني أفسحتُ قلبي هَيْكلاً |
للعرُب بين سَباسبٍ وبِطاحِ |
أيَّان رَفَّتْ رايةٌ عربيةٌ |
ألفيتَني في مَعْشري ومَرَاحي |
ربَّاه شطَّ على الغريب مَزَارُه |
فمتى تَرِقُّ لدمعه السَحَّاحِ |
في القلب شَوْقٌ لا يقرُّ قَرَارُه |
ما حيلتي بلَهيبِه اللفَّاحِ؟ |
عَلَّلْتُهُ بغَدٍ فزادَ أوارُه |
وزَجَرْتُه فافتنَّ في الإِلْحاحِ |
ذهبَ الصَّبا إلاَّ بقايا نُضْرةٍ |
في القلبِ، فارحمني بفكِّ سَراحي. |