شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الفارس العربي
في ذكرى فارس الخوري، سنة 1962
في ساحة الجِدِّ لا في ساحةِ اللَّعبِ.
كَبَتْ مطايا الرَّدَى بالفَارسِ العربي.
طَوَى الترابُ لواءً كلُّه شَرَفٌ
وصَفْحةً كُتِبتْ بالنور والذهبِ.
وغالَتِ الرِيحُ في هَوْجاء ثَوْرتِها.
نَسْراً ترعرعَ بين الشُّهبِ والسُّحُبِ.
وَصوَّحتْ لَفْحةُ الرَّمْضاء مدرسةً.
للعلم، للشعرِ، للأخلاقِ، للأدبِ.
شيخُ القبيلة نَستهدي بحِكْمتِهِ
ونملأ النفسَ مِنْ ينبوعه العَذبِ.
عروسُ شِعْريَ في نجواك تَخْذُلُني.
وعزّة النفس تَثنيني عن الهَرَبِ.
لا تَعْذُلِ الوَتَرَ الشادي إذا انتشرتْ.
في صوتِه بُحّةُ المستسلِمِ التَعِبِ.
هاضَ الحنينُ جناحي وانطفا أملٌ.
كالفجرِ أسقيه مِنْ قلبي ومِنْ هُدُبي.
ويحَ الغريبِ على الأشواك مَضْجعهُ.
وخُبْزُه من عجين الهمِّ والنَّصبِ.
يعيشُ عن رَبْعه بالجسم مُغْترباً
وقلبُه وهَواه غيرُ مُغْتربِ
يستقبلُ الليلَ لا تَغْفو هواجسُه.
ويوقظ الفَجْرَ في جيشٍ من الكُرَبِ.
مُوَزَّعُ الروحِ إحساساً وعاطفةً.
مُقَسّمُ الفِكْر في بُعْدٍ وفي قُرْبِ.
يا غُصةً في لسان الشاعر انعقدتْ.
مَنْذا يَحُلُّ لسانَ الصادحِ الطَّرِب؟.
ماذا أقولُ لغُوائي إذا هَتَفَتْ
هلاَّ أدرتَ علينا صوتَك الذهبي.
يا شاعرَ الشام قَلْبُ الشام مُضْطَرمٌ.
وَجْداً وقَلْبُك لاهٍ بابنةِ العِنَب
يطيرُ من فَنَنٍ غضٍّ إلى فَنَنٍ
غضٍ وتَنْساب من خِصْبٍ إلى خِصبِ.
لا حَوْرُ دُمَّر ميَّاسٌ كعادته
زَهْواً ولا بَرَدَى سَكْرَانَ من عَجَبِ.
ألاَ تهزّك في الأحداث دَمْعتُها
هل أنتَ من حَجَرٍ، هل أنت من خَشَبِ؟
كُفِّي ملامَك يا غلواء واتئدي.
يكفي هَزارَك ما يلقاه من وَصَبِ.
حَلَفْتُ باللهِ لم أنهضْ إلى أربٍ
إلا وكانت بلادي غايةَ الأربِ.
وقَفْتُ شعري عليها بل وقفتُ دَمي.
لولا هواها غزوتُ الغربَ في أدبي.
هَلْ أرّقَ الشامَ هَمٌ لم أحسّ له.
في مهجتي مثلَ حزِّ الصارم الذَّرِبِ.
وهَلْ تلألأ في آفاقها أملٌ
إلاَّ تَثَنيتُ من زَهْوٍ ومن طَرَبِ.
حملتُها نغمةً في القلبِ راقصةً
ورُحْتُ أزرعُها في مسبحِ الشُّهُب.
* * *
شيخَ العروبة دارُ العرب واجمةٌ.
كأنما أدركتْها ساعةُ الحَرَب
ماذا عليها إذا آوَتْك مُهْجَتُها
واستنزفَ الرُّزءُ نبعَيْ دمعها السَّرِبِ.
جابهتَ في حبِّها ما اشتدَّ من خطرٍ.
وخُضْتَ مِنْ أجلها ما عزّ من طلبِ.
حَمَلْتَ آمالَها في كل مؤتمر
وعِشْتَ آلامها في كل مُحْتَربِ.
إني ذكرتُك والسفَّاحُ عاصفةٌ
هوجاءُ مِنْ حَنَقٍ حَمْراءُ مِنْ غَضبِ.
يعيثُ في العُربِ تشريداً وغَطْرسةً.
ويُعملُ السيفَ في ساداتها النُّجُبِ.
فهزّني الفخرُ والإِعجابُ وازدحمتْ.
في خاطري صُوَرٌ للموقف الحَزِبِ.
وقفتَ في وجهه والسَّوْط في يده.
والحبلُ منتصبٌ أو شِبْه مُنْتصبِ.
يريدُ بالعنفِ أو باللين، أو بهما.
وِشايةً بأخٍ أو غَمْزةً بأبِ
فما اختلجْتَ ولا استعظَمْتَ سَطْوَته.
ولا استمالكَ بالألقابِ والرُّتَبِ.
خَيّبتَ بالصمتِ والإِيمان مأملَه.
لكنَّ فألك بالرحمان لم يَخِبِ
أودى تُواكبُه اللعناتُ هادِرةً
وشيَّعتْك دموعُ العُجْم والعربِ.
من لي بدَفْقة نورٍ منك دانيةٍ
تُضِيء دَرْبي وتُغنيني عن الدَّأبِ.
ذكرتُ مِنْ عَهْدِك الوضَّاح مَرْحلةً.
بل وَقْفةً بالعُلَى موصولةَ السبَبِ.
فَهَل أُحيطُ وباعي لا يُساعفني.
بعالَمٍ حافلٍ بالمَجْدِ والحسَبِ
وهَلْ أصوّر والأصباغُ باهتةٌ
دُنْيا مزوَّقَةَ الآفاقِ بالعَجَبِ
يا ابنَ الغطاريفِ من غَسانَ ما نسيَتْ.
ساحاتُ جِلَّق وَجْه الثائر الغَضِبِ.
أيامَ تَرْسفُ في أغلال طاغيةٍ
عاتٍ تنكَّر في أثوابِ مُنْتَدِبِ
يَسومُها الخَسْفَ والإِرهاقَ مُدَّعياً.
أنَّ الوصايةَ معنىً ليس في الكُتبِ.
أغراه أنَّ نوازي الموجِ هادئةٌ
وما دَرَى أن قاعَ البحر في صَخَبِ.
حتى أفاقَ، يَنوشُ الذُّعرُ أضْلُعَه.
على صباحٍ كيومِ الحشرِ مُضْطَربِ.
هبَّتْ دمشق إلى الباغي تحاسبُه.
وامتدّتِ النار من حِمْصِ إلى حَلَبِ.
وصالَ فارسُ في الميدانِ صَوْلَتَه.
كالليثِ في غضبٍ كالسَّيلِ في صَبَبِ.
يقودُ في غمراتِ المجدِ فِتْيَتَها
وصَدْره لرصاصِ العَسْكرِ اللَّجِبِ.
بئسَ الزعامةُ لا تمشي على لَهَبٍ.
إذا اقتضى الأمرُ أن تمشي على اللَّهبِ.
الخلقُ رايتُه والحقُّ عدتُه
لا خيرَ في النصر دون الحق بالقُضُبِ.
وصاحَ فارسُ في أعداء أمتِه
صَوْتاً تجاوَبَ من قُطْبٍ إلى قُطُبِ.
يا سامعَ الصوتِ في باريزَ مَعْذِرةً.
إذا استعدْنا وصايا الشاعر العربي.
" لا تشَترِ العبدَ إلاَّ والعصا مَعَهُ".
العبدُ بالروحِ لا باللونِ والنَّسبِ.
لسوفَ يُزْهقُ فَجْرُ الحقِّ باطلكم.
مهما تشبَّثَ بالأوتاد والطُنُبِ
ساءتْ حضارةُ من يَبْني حضارتَه.
على أساسَيْن من عَسْفٍ ومِنْ كَذِبِ.
غداً تَهُلُّ على الدنيا مواكبنا
أما سمعتُم هزيجَ النصر عن كَثَبِ.
لا بأسَ إن أصبحتْ أوطاننا خِرباً.
إنَّا سنبعثُ ماضينا من الخِرَب
* * *
يا فارسَ المجدِ في مثواك تهنئةً
الله توّجَ مَسْعَى الشام بالغَلَبِ
أنزلتَ بين مطاوي الجَفْن صورتَها.
فأنزلَتْك حنايا قلبِها الرَّحِبِ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :469  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج