شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
طريق الموت
إلى شاعر الجمال والبطولة إلياس فرحات
أَعِرْني جَنَاحَ النَّسر أرْقَ إلى النَّسرِ.
وحَنجرةَ القُمْرِيِّ أشْدُ مع القُمرِي.
كَبَا قلمي في حومةِ الشِّعْر وانطوَتْ.
على نفسِها جِنِّيةُ الشاعر الحرِّ
سَقَى الله عَهْداً كَانَ يَضْحَكُ وَجْهُه.
فَتَضْحَكُ أَحْلاَمِي عَلى دَرْبهِ النَّضْرِ.
أنام وفي عينيَّ تزدحمُ الرُّؤَى
وأصحو على شَدْوِ الطيورِ مع الفجرِ.
خلقتُ لنفسي من خياليَ جنّةً
مُنَمنمةً بالحبِّ والشعرِ والزهرِ.
تموجُ بأرْدانِ الربيع نَديةً
وتغمرُها أنفاسُ غلواء بالسحرِ.
كأنيَ في العشرين طفلٌ مُقَمَّطٌ
يعيشُ بلا وَعْيٍ ويحيا بلا فِكْرِ
خَلَتْ مهجتي ممَّا يعكرُ صَفْوَها.
فلا هَمَّ في رأسي ولا غَمَّ في صدري.
إذا غاصَ في الأرقام تفكيرُ تاجر.
ثنيتُ عِناني خَلْف قافيةٍ بِكْرِ
يثير اقتتالُ الناس كامِنَ حَيْرتي.
ويدهشُهم أَني سعيدٌ على نَقْري.
لكم سائلٍ فاخرتُه بقناعتي
فلم يرَ فيما قلتُ شيئاً من الفَخْرِ.
يقولُ وقد شامَ ازدرائي بمالِه
أتدفعُ أجر البيتِ من غَلَّة الشعر.
أتأكلُ نفحَ الروضِ إن كنت جائعاً.
وتلبس مما تَنْسُجُ الريحُ للنهر؟.
دَعِ الشعرَ لا تهدُرْ حياتَك باطِلاً.
فإني رأيتُ المالَ أنبهَ للذِّكرِ
إِذا لمْ تكنْ دنياك دانيةَ الجَنَى
أيُغنيكَ أن تحيا كتاباً على قَبرِ؟...
* * *
سلاماً على عهدِ الخيالِ فإنني
لأذكرُه بالدمع مِنْ كَبِدي يَجري.
لقد كان وَكْري في النجوم فَليتني.
تَشَبثتُ في زُهدي فأوغلتُ في وَكْري.
يقولون شكواكَ افتعالٌ وتُخْمةٌ.
ولو سَبَروا غَوْرِي لأحزنَهم أمري.
هَبُوا قَفَصَ الحَسّون طرْفةَ صائغٍ.
أيغنيه عن أيكٍ، أيغنيه عن قفر؟.
خُذوا دَعَةَ العيش التي أنا عبدُها.
وفكّوا إذا اسْطَعْتُم جناحي من الأسرِ.
فتى الشعر إن تَعقدْ لساني رَطانةٌ.
فقلبي يجثو ما تبطَّن من سِرِّي
صَدَحْتَ فلم تتركْ مجالاً لصادحٍ.
وصُلْت فعاد السيفُ يَعْثًر من ذُعْر.
وقفتَ على مجد العروبة مَرْقماً.
هو البحر يسخو بالكريم من الدُّرِّ.
تدكُّ به حِصْن الخيانةِ والخَنَا
وتنشقُّ عن آياته ليلةَ القَدْرِ
إذا هاجه ذِكرُ المرؤة والنَّدَى
تهادَى صَباً ندباءَ تَعْبقُ بالعِطْرِ
وإن حرَّكتْهُ غضبةٌ مُضَريةٌ
سمعتَ هديرَ السيل أو زَعْقَة النَّسرِ.
* * *
فتى الشعر أنذرتَ اليهودَ بوقَعةٍ.
تقاصَرُ عن أهوالها ساعةُ الحشرِ.
فهل يزدهي حُلْمُ العروبةِ يقظةً.
فنقذفُ أولادَ الأفاعي إلى البحرِ.
ونَبْني على أنْقاض تلِّ أَبيبهم
صروحاً من الإِيمانِ والسِّلْم والنَّصْر؟.
بلى.. إن يومَ الثأر قد لاح فجرُه.
فهل طرقت أسماعهم صيحةَ الثأرِ.
وهل علموا أن القناةَ تمصَّرتْ
وأن طريق الموت يبدأ من مِصْرِ؟.
صبرنا إلى أن فَجحَّرَ الكيدُ حِقْدَنا.
فلا صدرَ بعد اليوم يُطوى على صَبْرِ.
1956
 
طباعة

تعليق

 القراءات :641  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 14 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[حياته وآثاره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج