أَعِرْني جَنَاحَ النَّسر أرْقَ إلى النَّسرِ. |
وحَنجرةَ القُمْرِيِّ أشْدُ مع القُمرِي. |
كَبَا قلمي في حومةِ الشِّعْر وانطوَتْ. |
على نفسِها جِنِّيةُ الشاعر الحرِّ |
سَقَى الله عَهْداً كَانَ يَضْحَكُ وَجْهُه. |
فَتَضْحَكُ أَحْلاَمِي عَلى دَرْبهِ النَّضْرِ. |
أنام وفي عينيَّ تزدحمُ الرُّؤَى |
وأصحو على شَدْوِ الطيورِ مع الفجرِ. |
خلقتُ لنفسي من خياليَ جنّةً |
مُنَمنمةً بالحبِّ والشعرِ والزهرِ. |
تموجُ بأرْدانِ الربيع نَديةً |
وتغمرُها أنفاسُ غلواء بالسحرِ. |
كأنيَ في العشرين طفلٌ مُقَمَّطٌ |
يعيشُ بلا وَعْيٍ ويحيا بلا فِكْرِ |
خَلَتْ مهجتي ممَّا يعكرُ صَفْوَها. |
فلا هَمَّ في رأسي ولا غَمَّ في صدري. |
إذا غاصَ في الأرقام تفكيرُ تاجر. |
ثنيتُ عِناني خَلْف قافيةٍ بِكْرِ |
يثير اقتتالُ الناس كامِنَ حَيْرتي. |
ويدهشُهم أَني سعيدٌ على نَقْري. |
لكم سائلٍ فاخرتُه بقناعتي |
فلم يرَ فيما قلتُ شيئاً من الفَخْرِ. |
يقولُ وقد شامَ ازدرائي بمالِه |
أتدفعُ أجر البيتِ من غَلَّة الشعر. |
أتأكلُ نفحَ الروضِ إن كنت جائعاً. |
وتلبس مما تَنْسُجُ الريحُ للنهر؟. |
دَعِ الشعرَ لا تهدُرْ حياتَك باطِلاً. |
فإني رأيتُ المالَ أنبهَ للذِّكرِ |
إِذا لمْ تكنْ دنياك دانيةَ الجَنَى |
أيُغنيكَ أن تحيا كتاباً على قَبرِ؟... |
* * * |
سلاماً على عهدِ الخيالِ فإنني |
لأذكرُه بالدمع مِنْ كَبِدي يَجري. |
لقد كان وَكْري في النجوم فَليتني. |
تَشَبثتُ في زُهدي فأوغلتُ في وَكْري. |
يقولون شكواكَ افتعالٌ وتُخْمةٌ. |
ولو سَبَروا غَوْرِي لأحزنَهم أمري. |
هَبُوا قَفَصَ الحَسّون طرْفةَ صائغٍ. |
أيغنيه عن أيكٍ، أيغنيه عن قفر؟. |
خُذوا دَعَةَ العيش التي أنا عبدُها. |
وفكّوا إذا اسْطَعْتُم جناحي من الأسرِ. |
فتى الشعر إن تَعقدْ لساني رَطانةٌ. |
فقلبي يجثو ما تبطَّن من سِرِّي |
صَدَحْتَ فلم تتركْ مجالاً لصادحٍ. |
وصُلْت فعاد السيفُ يَعْثًر من ذُعْر. |
وقفتَ على مجد العروبة مَرْقماً. |
هو البحر يسخو بالكريم من الدُّرِّ. |
تدكُّ به حِصْن الخيانةِ والخَنَا |
وتنشقُّ عن آياته ليلةَ القَدْرِ |
إذا هاجه ذِكرُ المرؤة والنَّدَى |
تهادَى صَباً ندباءَ تَعْبقُ بالعِطْرِ |
وإن حرَّكتْهُ غضبةٌ مُضَريةٌ |
سمعتَ هديرَ السيل أو زَعْقَة النَّسرِ. |
* * * |
فتى الشعر أنذرتَ اليهودَ بوقَعةٍ. |
تقاصَرُ عن أهوالها ساعةُ الحشرِ. |
فهل يزدهي حُلْمُ العروبةِ يقظةً. |
فنقذفُ أولادَ الأفاعي إلى البحرِ. |
ونَبْني على أنْقاض تلِّ أَبيبهم |
صروحاً من الإِيمانِ والسِّلْم والنَّصْر؟. |
بلى.. إن يومَ الثأر قد لاح فجرُه. |
فهل طرقت أسماعهم صيحةَ الثأرِ. |
وهل علموا أن القناةَ تمصَّرتْ |
وأن طريق الموت يبدأ من مِصْرِ؟. |
صبرنا إلى أن فَجحَّرَ الكيدُ حِقْدَنا. |
فلا صدرَ بعد اليوم يُطوى على صَبْرِ. |