شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بختيار ...
كان في عُمر الزّهُور وفي مَيعةَ الصّبا..
كانَ شُعلةً وهَّاجة من التألق والذكاء...
كان مَحطّ الأنظار بهدُوئه...
وَبالألق المتوهج في عَينَيه...
كذلك كان ولده (بختيار) الذي خلف وراءه حَسْرَةً لا تطفئ لهيبَها الأيام، ولا تطوي مرارتها السّنون، وَلا يخفِّفُ وطأتها إلا الإيمَان بأنّ الله حقٌّ والموت حَقٌّ، وإنا للهِ وإنا إليه راجعوُن...
 
بختيار.. (1)
هلا أيها الحزن المَهيبُ ومرحبـا
تعودت أن ألقاكَ صبحاً ومغربا
تولَّيتَني عشراً من العُمر، لم أجدْ
سوى الهمِّ فيها والفجيعة مركبا
فكانت رفيق الدرب إن زلَّ منكب
بأحمالها، عوَّضتُها عنه مَنكِبا
* * *
لقد آن أن تلقى الرحال وتبتني
على سقف بيتي للفواجع ملعبا
أقم بين أضلاعي، ولح في نواظري
وخُذْ من دموعي إن ظمِئتَ لتشربا
ففي القلب "آه" لو بسطت خوانها
على مَدَّ عُمري لن تجوع وتسغبا
وفي الروح مرعى للهموم إذا ذوى
ومرَّت به ذكراكَ عاد فأعشَبـا
* * *
ويا ( راحِلاً) أعجَلْتَ مسراك هل تُرى
تساءَلتَ عني إذ دُعيتَ لتذهبا
وهل كُنتَ تدري ما يَحُلُّ بساحتي
من الهَوْلِ إذ تزَّلزل الروح بالنبا
وعيناكَ هل أبدينَ عُتْبى لغيبتي
وقد كان حكم الله أن أتغيَّبا
* * *
حنانيك لا تعتَبْ فلم يَغْلُ عندنا
نفيس بذلناه لديك لتعتبا
وما كان أحلى أن تجود بروحها
لتفديك أمّ كنت منها المُقرَّبا
وقد وهَبتْ من قلبها كلَّ خفقةٍ
لترعاك حتى كاد أن يتعطَّبا
ولم تَنزعِ الأجفانُ منها لغفوة
وعيناك يقظى _ حيطة أو تحسبا
فكانت مثالاً للأمومة لم يزل
لدى الناس يجري في المجالس مَضربا
* * *
سلاماً ( حبيب الروح) ما لاحَ في الدُجى
سَنا كوكب إنا فقدناك كوكبا
ورمزاً لآمال ضِخام تعلَّقت
بها أمُّك الثكلى وقد كُنَّ خُلَّبا
سلاماً إذا ما البدر جَلاَّ بنوره
يُحاكيكَ حُسناً أو إذا هبَّتِ الصبا
تُناغيكَ والفجرُ الضحوكُ مشوقة
لخدٍّ كوجه الصُبـح قد بات مُتْربا
* * *
سلاماً رعاك الله إني لمُعْجلٌ
أرى أجلي من طَرفةِ العين أقربا
وإني مُلاقيه قضاء مقدراً
وأيُّ امرءٍ يَلقى من الموت مَهربا
بلى كنت أخشى الموت قبلك إنّما
غـدا إذ رحلت اليوم بعدَكَ مطلَبا
وقد نِلتَ إحساناً من الله فالتمِسْ
رضاه عسى أن يرحَمَ الأمَّ والأبا
وأن يَبسِطَ الصبرَ الجميل لأخوة
رَحلتَ وكانوا عن سريرك غُيَّبا
فواللهِ لم تَتركْ لنا غيرَ حَسْرة
بأعماقنا تطوي فؤاداً مُعذَّبا
وبيت كئيب الصحن ليس يَزينُهُ
سوى الله ذكراً والصلاة تَقرُّبا
* * *
رعى اللهُ قبراً في ( الكِنانةِ) ضَمَّ في
حَناياهُ جسماً كالربيع مُطيَّبا
وعينين كانا كوكبين، سَناهُما
سِراجٌ لأيّامي إذا نورها خَبا
وخَدَّينِ كالمرجِ الفَسيحِ أجولُ في
مرابعها لثماً إذا جئت مُتعَبا
* * *
سقى الله قبراً قـد نزلْـتَ رياضَـهُ
و(رَضوانُ) فيه يلتقيكَ مُرَحِّبا
وما أنتَ فيه بالوحيد وإنّما
ستلقى به وجهاً صَبوحـاً مُحبَّبـا
فيا (عَمرو)هذا (بَختيارُ) وديعة
بأرض كلاكُمْ في ثَراها تَغربَّا (2)
وقد ودَّعَ الدنيا عريساً تَحُفُّهُ
ملائكة الرحمن للخُلد موكبا
فكونا رَفيقَيْ جَنَّةٍ في رحابها
يمورُ الشباب الغَضُّ والحُسن والصِبا
[القاهرة في أغسطس 1991م]
• • •
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :510  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 122 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.