هو العلمُ موفورٌ بك اليوم جانبُهْ |
كفى العلم زهواً أنَّ مثلكَ طالبُه |
أراك له أهلاً، فأنعمْ بنَيْلِه |
لك العلمُ مخطوبٌ وأنكَ خاطِبهْ |
سهرت الليالي ناصباً غير عابىءٍ |
وأسرفتَ فيما تقتضيك مطالبُه |
وكنتَ جديراً إذ وفيت بنَذْرِه |
فَضمَّت جناحيها عليكَ محاربُه |
ومن يبتغي خيراً ويسعى لنيلِهِ |
يجدْهُ جنى شهدٍ تهون متاعبُه |
ومن يبذلِ الجهدَ الجهيدَ لغايةٍ |
ينَلْها، وإن كانتْ زعافاً مشاربُه |
* * * |
سلامٌ ( لعبد المحسن) اليومَ إنه |
تجلّى كما ليل تجلّتْ كواكبُه |
وفاضتْ بنفسي، إذ أفاض بيانُه |
مشاعر حبٍّ قد تأجّجَ لاهبُه |
على غَرّةٍ مما أحسُّ رايتُه |
تفجّر يُنبوعاً وفاضت مساربُه |
أهنّيكَ من قلبٍ هو الصدق ناطقاً |
وإن قيل إنّ الشعر أحلاهُ كاذبُه |
أرى العلم درباً للحياة وغايةً |
لنيل العُلا تطوي الدروب مواكبُه |
وليس سواه للمَواطنِ رفعةً |
وللحق مسلوباً، يُقاتَلُ سالبُه |
على أنه قد يدّعي العلمَ جاهلٌ |
فيُزري به حتى تسوء عواقِبُه |
وللعلم آفاتٌ، ومنها رجالُهْ |
فبعضٌ يداجيه وبعضٌ يحاربُه |
وبعض يرى فيه ثراء ومغنماً |
إلى جيبه تجري سِراعأ مكاسبه |
وآخر لمْ يغنمْ من العلم ميزةً |
سوى رئّةِ الألقاب زُلفى تُخاطبة |
ونهازةٍ للعلم يرقاهُ سلَماً |
سلالِمُه تنزو عليها رغائبُه |
إلى منصبٍ عال وعيش منعَّمٍ |
وجاهٍ به تخفى علينا مثالبه |
* * * |
أُعيذكَ من هذي وتلكَ فإنها |
وحقِكَ داءٌ ليس يبرؤُ صاحبه |
وإني على عِلمٍ بأنك ذو نُهىً |
تراهُ شديد الوَطءِ شتّى وجائبه |
وأولُها أن التواضع شيمةٌ |
لذي العلمِ موصوفٌ بها لا تُجانبه |
ومنها التزامُ الحقِ فيما يقولُه |
وإن كان جبارٌ عليه يُغالِبه |
وللصدق نبضٌ دافقٌ في عروقه |
يعيشُ الضميرُ الحيُّ فيه يحاسبه |
* * * |
وإني وربُّ البيتِ ما كنتُ قائلاً |
مقالي لو أني لم أجدْكَ تُناسبه |
فمرحى لأهلِ العلمِ إن عشيرَهم |
بكَ اليوم مزهوٌّ تعززَ جانبه |
ومرحى لراعٍ كنتَ غرسَ أكفه |
ليهنا به (سعدٌ) أبوه وواهبُه
(1)
|
ويزهو (أخٌ) برُّ يفاخرُ باسمه |
و(أمٌّ) غذَتْه فاستقامتْ مواهبُه |