تساميت نفساً واعتليتَ بها فكرا |
وخضت بحور الشعر لم تَتِّركْ بحرا |
وأوقفت عمراً للقريض تصوغُه |
قلائد يزدانُ الزمان بها فَخرا |
تُعيدُ القوافي زاهيات كأنَّ في |
مطالِعِها (هاروت) ينفثُها سِحراً
(2)
|
أذبت بها قلباً يمور مشاعرأً |
لِطافاً إذا ما جاشتِ انتظمت شِعرا |
ملكت بها حبَّ الملايين شاعراً |
وخلّفت فيها ما يظل لها ذُخرا |
فكنتَ الغنيَّ الفذَّ صيتاً وسمعةً |
وإن كان قولُ الشعر أورثكَ الفقرا |
* * * |
جنيتَ على روح تَفرَّى أديمُها |
إباءً وما أحنتْ لعاصفةٍ ظَهرا |
تخطيتَ فيها الشوك تَهْزا بوخزهِ |
وجرَّعتها الحرمان كأساً على أخرى |
وألزمتها درباً على كلِّ مفرقِ |
تلوح به أفعى تريد بكَ الشرّا |
تَحكَّمتَ فيها حُكمَ (فرعون) أهلهُ |
وأبرمتَ فيها أن تجوعَ وأن تَعرى |
وجشَّمتها ما لا يُطاقُ من الأذى |
فأعليتها قدراً وأوطَأتَها جمرا |
"ذممتَ مقاماً في العراقِِ فهل تُرى |
حمدت وقد أسريتَ عن أرضهِ المَسرى" |
وقد كنتَ ترجو شبرَ أرضٍ منزَّهاً |
من الغدرِ، هل ألفيت في عرضِها شبرا |
* * * |
لعمري أراكَ اليوم كالأمس لم تزل |
تضيق بما تلقى وتجرعه مرّا |
أتبغي من الأيام عدلاً ومُنصفاً |
وما هذه الدنيا بمنصفة حُرّا |
ألستَ تراها تَستقيمُ لأحمق |
وتبدي لذي فكبر نواجذَها غدرا |
وما الدهرُ إلاَّ حاكمٌ سلَّ سيفَه |
فذلَّتْ رقابُ العالمين له قهرا |
تُجَزُّ نواصينا بأيديه عُنوةً |
وندفعُ عن جزِّ النواصي له أجرا |