أما العراقُ فدعْكَ عن أخبارهِ |
رجعَ الزمانُ به على أدبارهِ |
وأتى بـ (هولاكو) ليُكمِلَ زحفَه |
ويقيمَ مأتِمَ أهله بديارهِ |
كُمّت به الأفواهُ حتى لم يَعدْ |
ليلٌ يتوقُ لملتقى سُمّارهِ |
وتبدّل الزمنُ الرتيبُ، فيومُه |
عامٌ، وعدةُ ليله كنهارهِ |
والناسُ فيه يرقصونَ لموتهم |
يمشي الخرابُ وهم على آثارهِ |
بلدٌ تملّكه الضلالُ ولم يعدْ |
للعقل سلطانٌ على أفكارهِ |
ونأى الرضا عن بُرجه حتى لقد |
غَضِبتْ شواطِئُه على أنهارِه |
* * * |
ماذا تؤمّلُ أن يفيدَكَ شاعرٌ |
عَصفَ البلاءُ بأهله وبدارهِ |
وأقامَ بين ضلوعه لحنُ الأسى |
ليصبَّ كأسَ الحزن في أوتارهِ . |
وتملَّكَ الهمُّ المقيمُ فؤادَه |
فهمومُه تنسابُ في أشعارهِ |
واغتالَ طاغيةُ العراق طموحَه |
فغدا يئنُّ على صدى قيثارهِ |
* * * |
دَعْ عَنْكَ أخبار العراق وأهلِه |
ودعِ الأسى متلفِّعاً بدِثارهِ |
تحتَ الرمادِ مجامرٌ لو مسّها |
عصفُ الرياح لآذنتْ بدمارهِ |
لا يخدَعنْكَ (العازفونَ) فإنهم |
باعوا الضميرَ بثوبه وإزارهِ |
أو (جوقةُ المتشاعرين) يقودُهم |
(ثورُ الصحافة) معجباً بخُوارهِ
(1)
|
يتهافتون أذلَّةً في بابه |
وعيونُهم لهفى إلى دينارهِ |
في حينَ يفترشُ الثرى (صنّاجةٌ) |
للشعر أكرمُهم نَثارُ غبارهِ
(2)
|
سبعونَ عاماً توَّجت أشعارُه |
هامَ العراق وكلَّلته بغارهِ |
واليومَ لا بيتٌ يلوذُ بسقفه |
أو سائلٌ عنه وعن أخبارهِ |
بئسَ الذي يُؤي الغُرابَ وتتقي |
أذناهُ عندَ الفجرِ صدحَ هَزاره |
* * * |
يا صاحبي إن العراقَ وأهلَه |
أسرى وفي يدهم فَكاكُ أسارهِ |
إني لأعلمُ أنَّ يوماً قادماًً |
سيلفُّ أرضَ الرافدين بنارهِ |
ويهدُّ (بيتَ البغي) حتى لا تُرى |
شُرُفَاتُه من سقفِه وجدارهِ |
ويهزّ سمعَ الحاكمين بأمرهم |
قصفُ الرعود على ذُرى أسوارهِ |
* * * |