خذوا الأمر عهداً بينكم ثم أبرموا |
فإن الذي تبغونه دونه الدمُ |
وأرواحكم في كلِّ كفٍ تربعت |
على راحةٍ، نعم المُقامُ المكرّمُ |
وما شاهد العهد الذي تكتبونه |
سوى الله، وهو العدل وهو المعظمُ |
فخفوا دمَ الغُرِّ الميامين حِبَره |
فأرواحهم إذ يُكتَبُ العهد حُوَّمُ |
تسائلُكم لمَّ الصفوف لنهضةٍ |
لها أرخصوا الأرواح حين تقدموا |
ليبقى شعاعُ الشمسِ يهدي سبيلكم |
وقد ضمهم ركنٌ من الأرض مظلمُ |
* * * |
أقيموا ضمير الشعب في صلب عهدكم |
فما غيره بالحق أدرى وأعلمُ |
وسيروا على هديٍ من الحق تَلتئِمْ |
صفوفٌ لكم كانت جُزافاً تُقَسّمُ |
تعمَّد باغٍ أن يثيرَ شكوكَها |
ببعض وأن يوهي قواها التشرذمُ |
ليصفو له وِردُ العراق وفيوُّهُ |
وبالأمن في ظلٍّ من الخُلفِ ينعمُ |
ويزهو بكل الطيبات خِوانُهُ |
وللشعب، إن يطعمْ، زعافٌ وعلقمُ |
* * * |
تنادى الحِمى من كل صوبٍ شبابُه |
يَهزُّ الطواغيتَ العتاةَ ويهزمُ |
وقد مُزِقَت أستار ليل، أسيرة |
كواكبه، والفجر في الأفق معتمُ |
وأشباحه تجتاح كل ثنية |
فألفٌ يُغنّيهِ وألفٌ يُنغّمُ |
أقاموا لـ (فرعونٍ) صروحاً دعيَّةً |
من المجد، والمجد الدعيُّ مذمَّمُ |
تهاوى كبيتِ الرملِ إذ هبَّ عاصف |
فأركانه عصف هشيم محطمُ |
ولم يبقَ من أنياب (ذئبٍ) يحوزه |
سوى واحدٍ غراه وهو مثلّمُ |
رأى الشعب كالبركان يشتد بأسه |
فراح لذاك الناب رُعباً يرمّمُ |
ألا من رأى (ذئباً) بنابٍ رميمةٍ |
طعين الحشا يغزو الديار ويهجمُ |
وقد كان في (الميدان) كالفأر ينثني |
ذليلاً أمام الزحف إذ يتقدمُ |
* * * |
تنادى الحِمى فالليل نَهبٌ خِمارُه |
وقد أسفر الوجه البهي الملثمُ |
وشعَّ بآفاق السما ضوء زاحف |
هو الفجر مرخي العنان، مُطهّمُ |
على متنه يرقى إلى المجد مارد |
فتيٌّ، جرئ القلب، لا يتجمجمُ |
يصد العوادي حين يذكو لهيبُها |
بصدر يردّ الموت إذ يتضرّمُ |
يشق الصخور العارضات بدربه |
فلا مهره يكبو ولا هو يُحجمُ |
فقل للطغاة السادرين بغيّهم |
لقد خاب فألاً ما حكاه المُنجّمُ |
فما مسخوا في الناس جلَّى أصالةً |
وزال السراب المرتجى والتوهمُ |
وتلك (العفاريت) التي طال حبسها |
أفاقت وفُضَّ اليوم عنهن قمقمُ |
وقد فار تُنّورُ (العراق) بغيضهِ |
فلا سَدَّ عن طوفانه اليوم يَعصِمُ |
* * * |
فويلٌ لمزهوٍّ أقام صروحَهُ |
على البغي إذ لاحَ المصير المحتّمُ |
سيبقى لعينَ الدهر ما حَلَّ ذكره |
ومأواه في يوم الحساب جهنَّمُ |
* * * |