شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قَابيْل.. لاَ تدفن أخاك!!
هذه القصيدة محاكاة لقصيدة الشاعر بدر شاكر السياب وهي بعنوان "حفار القبور"، وقد اقتطف الشاعر مقطعاً منها، جعله مدخلاً لقصيدته.
وقد كُتبت القصيدة خلال حرب الخليج التي أعقبت غَزْو الطاغية للكويت، وفيها إشارة إلى الانتفاضة الشعبية لشعب العراق والتي قمعها الطاغية بالنار والحديد.
 
قابيل .. لا تدفن أخاك!!
[ما زلت أسمع بالحروب... فما لأعين موقديها لا تستقرُّ على قُرانا... ليت عيني تلتقيها كالنيازِكِ ...كالرعود... تهوي بهنَّ على النخيل... حتى تحدقَ أعينُ الموتى، كآلاف اللآلي من كلِّ شبرٍ في المدينة ].
 
بدر شاكر السياب من قصيدته الشهيرة (حفّار القبور)
(1)
هلاَّ مللَتَ الموتْ؟
هَلْ في ذلكَ الجسدِ الرميمْ
بُقيا طموحٍ أن تعودْ
من الجنانِ أو الجحيمْ
لكي ترى ما كانَ يطمحُ أن يراهْ
"البائسُ الحفّار" تبحثُ مقلتاهْ
عن ميتٍ، أكلته إذ أكلَ السنينْ
ليسُدَّ أفواهَ الحفاة الجائعينْ
ويشتري لحماً بما واراهْ
في تلك المقابرْ
من لحومِ الميتينْ
* * *
 
(2)
حفارُك المنكودْ
كم حفرتْ يداهُ من قبورْ
وظلَّ ينتظر الجنائزَ، واللحودْ
يكادُ ينفذُ صبرُها
وهو الصبورْ
أبداً يُمنِّيها ويحلُم بالجنازة والنقودْ
حتى طواه الموتْ
لم يتركْ لأهليه سوى
فأسٍ تُشَقُّ بها الصخورْ
حَفروا بها لحداً لهْ
وثوى إلى يوم النشورْ
* * *
 
(3)
حفارُك الملحودْ
لو أحيا الإِلهْ
رميمَهُ الفاني وعادَ إلى الوجودْ
لرأى النيازكَ وهي تهوى
والقنابلَ كالرعودْ
تدُكُّ أعذاقَ النخيلْ
وتصُبُّ من كبد السما
حمماً تسيلْ
على المدائن والقُرى
تتخطَّفُ الأرواحَ تخطئ أو تصيبْ
فالموت صار بأرضنا
"حظْ يا نصيبْ"
يسلُّ من حضن أمّهِ
طفلاً يتوقُ إلى الحليبْ
يهدُّ بيتاً سقفهْ
أوى الحبيبة والعجيبْ
كانا هنا يتناجيان ويحلمانْ
فأفزع الأحلامْ
كابوسٌ رهيبْ
يوزع الموتَ الزؤامْ
بالعدلِ والقسطاسْ
لا ( جيكورْ) تخشى أن تُضامْ (1)
ولا ربوعُ (أبي الخصيبْ)
* * *
لو عاد (حفار القبورْ)
لرأى رياحَ الموتْ
وهي تهبُّ من كل الجهاتْ
من الجَنوبْ
من حيث تمتدُّ البحارْ
على كنوز اللؤلؤ المكنوز في قلبِ المحارْ
من الشَمالْ
من حيث تطوي دجلةُ اللهفى
إلى لقيا الفراتْ
بطون أودية الجبالْ
ويحَ الردى
ألقى عصا الترحالْ
في أرض العراقْ
على شواطئِهِ يُقيمْ
يحيلُ وجه الصبح كالليل البهيمْ
يجولُ في الطُرُقاتْ
يدخلُ للبيوتْ
يهدهدُ الطفلَ الفطيمْ
على دويّ الرعب مقتلعاً سريرهْ
يرميه في وجه الجدارْ
ويلتقيه براحتيهْ
لكي ينامَ هناكَ نومته الأخيرهْ
* * *
لو عادَ حفارُ القبور إلى هناكْ
إلى بلادِ التمر والنخل الظليلْ
ورأى الدمَ القاني يسيلْ
وجثة الأخ في الترابْ
لم يحتفرْ قبراً لهابيل القتيلْ
ولصاحَ من أعماقه:
قابيلُ لا تدفنْ أخاكْ
فإنَّ ما فعلَ الغرابْ
حكايةٌ طُويت مع الزمن الطويلْ
أو مَا تُحِسُّ الجوعَ يعوي كالذئابْ
في كل درب حيثُ آلافُ الجياعْ
تكادُ تلتهمُ النخيلْ
ألا ترى الأجسادَ راقصة تغني
أينعَ المرعى
فأطعمْ قومَكَ الجوعى (2)
لحومَ الأخوة الصرعى
فخيل البغي في أجسادهم ترعى
وتشربُ حين يشتد الظما دمهمْ
وتشرب منهم الدمعا
سواءٌ عندها أن تأكلَ الطفلا
أم الشيخ أم الكهلا
لماذا يأكل الأغراب
أبناءَ الأخ القتلى
فنحن الأهل يا قابيلْ
نحن بلحمهم أولى
فأطعِمنا لحومَ الأهلْ
لا أبقتْ لنا كفُّ القضا أهلا
وإن قال لكَ الكُهَّانْ
لحمُ الأخ لا يؤكلْ
فقل كلا
هُراءٌ ما تقولونْ
فقد حلَّلتمو أكلَ الأخ المقتولْ
مُذْ حلَّلتم القتلا
* * *
هنيئاً أيها الحفارْ
قد عدتَ فهالتِ الفأسْ
واحفرْ هذه الأرض لنا قبرا
فإن جراحنا
هيهات لا تَبرا
وإن وسَّدتَ قتلانا
لحودَ الموتْ
فاقطع صلة الأرحامْ
عن أجسادها بترا
وذرِّيها بوجه الريحْ
تحملُها إلى الصحرا
وخَلِّ دمائنا تجري
فمن أحرى
من الأوباش تحكمنا
بحدِّ السيفْ
كي تجري لهم تِبرا
* * *
هنيئاً أيها الحفارْ
قد كنتَ حريصاً أن تموتَ الناسْ
كي تدفع عن أطفالك الفقرا
وقد أغناكَ أهلونا
فبارِكْ رزقَكَ الموفورْ
يزددْ إن تزدْ شكرا
وبُشرى
إن أطفالَك بعد اليوم لن تعرا
فإن جلودَ قتلانا
تُخاطُ لجلدهم سترا
يقيها البردَ والحرّا
وإن عظامَ موتانا
كصخر (الهرم الأكبر) لا تبلى
فمن أضلاعهم إن شئتَ
شيِّدْ واتَّخِذْ قصرا
وإن دموعَ ثكلانا
سنعصرُها لهم خمرا
ألستَ ترى رؤوسَ الحاكمين اليومْ
من دمنا انتشتْ سكرى
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :442  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.