رعى الله ذِكراً في فمِ الدهر أوحدا |
بغُرِّ القوافي جالَ حتى تفرَّدا |
تعالتْ بدُنيا الشعرِ راياتُ مجدِه |
وشعَّ بليلِ العبقريَّاتِ فرقدا |
"أبو الطيبِ" الساري مع الشعرِ ذكرُه |
هزاراً على كلِ الغصونِ مغرّدا |
أقامَ لنا والمجدِ صرحاً، عطاؤُه |
وفيرُ الجنى ما زالَ ضخماً مُمَرّدا |
نُباهي به الدنيا ونهفو لجَرْسِه |
كأنَّ له في القلب ما لاح موعدا |
* * * |
"أبا الشعرِ" ما زالتْ على البحرِ تغتدي |
إليكَ رواةُ الشعرِ ظمأى لتَسْعَدا |
وما انفكّتِ الأوتارُ تجري رخيمةً |
بما أنتَ مُعطيهِ من اللحنِ والصدى |
وما زلتَ في سِفرِ الدواوينِ.. آيةً |
بها يُختمُ السحرُ المُبينُ ويُبتدى |
* * * |
وبيتٍ فريدٍ في المعاني نَسَجْتَهُ |
أقامَ له "الفنانُ" نحتاً مجسَّدا |
"وما الدهرُ إلاَّ من رواةِ قصائدي |
إذا قلتُ شعراً أصبحَ الدهرُ منشدا" |
أعِدْهُ علينا ألفَ ألفٍ وخلِّهِ |
يُدّوي على الأسماعِ فينا مُجَدَّدا |
ودعْهُ يهزُّ الناسَ علَّ حروفَهُ . |
تُذكِّرهمْ مجداً تسامى ليخلُدا. |
* * * |
على ملتقى دربينِ أبصرتُ شاهداً |
من الصخرِ منحوتاً يخلّدُ "أحمدا" |
يمثّلُ للرائي "دواةً" و "ريشةً" |
وبيتاً سما في الشعر حتى توحدا |
وكان حريّاً أن أرى الوردَ عندَهُ |
على الصخرِ يزهو أو أرى الصخرَ أوردا |
فما لي أرى "كثبانَ رملٍ" تكدستْ |
لديه، فهل للرمل أضحى "مورِّدا "؟ |
وصارَ "يبيعُ" الرملَ إذ عزَّ سوقُهُ |
وسوقُ القوافي النابغاتِ تكسّدا |
وقد كانَ من إلفٍ "يبيعُ" جواهراً |
من السحرِ يُزجيهنَّ تِبراً وعسجدا |
يُقيمُ بها للشعرِ "سوقاً" تَزينهُ |
قلائدُ ما زالت أماليدَ خُرَّدا |
ينامُ قريرَ العينِ عنها، ويقتفي |
شواردَها خلقٌ عليها تسهَّدا
(1)
|
* * * |
أزيحوا مهيلَ الرملِ عنهُ فإنني |
لأخشى عيونَ الشعرِ أن تترمَّدا |
وإلاَّ أزيحوهُ عن الرملِ جانباً |
وأخلوا مكاناً للبناءِ ممهّدا |
أقيموهُ في وسط الطريق منارةً |
يذكّرنا مجداً تليداً مُخلَّدا |
وإلاَّ فَخُطّوا من نِكاياتِ عصرنا |
على النحتِ قولاً بالدليلِ مؤيدا |
وما الرملُ إلاَّ مرقد لقصائدي |
إذا قلتُ شعراً ضمَّه الرملُ مرقدا |
* * * |