مثلما يتوغَّلُ مسمارٌ في خشبة.. |
أو جذر في لحم الأرض: أتوغَّلُ في |
أودية الحنين.. |
أجوبُ بحاراً ما مرَّتْ في ذاكرة عصفور |
أو السندباد.. لا على سفينةٍ في |
بحرٍ.. ولكن: |
على قدميَّ الحافيتين، متجهاً نحو الوطن! |
لا تخافي الرحلة يا حبيبتي.. لأنكِ لو |
خفت الرحيل نحو المدينة الفاضلة – |
فإن فمي سيعلن الإِضراب عن القبلات.. |
وستعلن الحقول الإِضرابَ عن الخضرة.. |
والضفاف لن تعانق الموجة العاشقة.. |
وستعلن البراءةُ عصيانها على الطفولة! |
فتفقد الحياة عذريتها، ويجفُّ عفاف الكبرياء.. |
ستنتحر الأغنية على شفة القيثار..، |
والنخلُ سيبرأُ من أعذاقه.. فأَنْحني – |
أنا الذي أريد أن أموت واقفاً كنخيل العراق! |
* * * |
الَّلهُمَّ اجعلني عشبة في وطني.. لا غابةً |
في منفى.. |
اللهمَّ اجعلني ذرَّة رملٍ عربية، لا |
نجمة في مدن الثلج والنحاس.. |
اللهمَّ اجعلني عُكَّازاً للضريرِ، لا |
صولجاناً في يد قيصر بغداد.. |
اللهمَّ اجعلني شريطاً لضفيرة عاشقةٍ |
قرويةٍ، لا سوطاً يحمله الجلاّد.. |
اللهمَّ اجعلني حصاناً خشبياً لطفلٍ يتيمٍ، |
لا كوكبةً ذهبية على كتفٍ أثْقَلَتْه الخطايا.. |
فلقد أرهقتنا مهنة القتل، وهوايات المارقين.. |
ومن أجل ذلك: أعلنتُ تضامني مع |
الحفاة، في حربهم العادلة ضد "المماليك".. |
ومع البرتقالة ضدَّ القنبلة.. |
مع الأرجوحة ضد المشنقة.. ومع |
أكواخ الفقراء ضدَّ حصون الطواغيت! |
* * * |
كما يشمُّ البَجَعُ رائحة أُنثاه عبر |
السواحل النائية.. |
وكما يتأمل العاشق وجه المعشوق – |
أتأمَّلُ وجهك النازف يا وطني.. وأشمُّ رائحة احتراقِكَ.. |
ومع ذلك: سأهتدي إليك، رغم دخان |
الحرائق - فللعشاق قولب تبصر لا كالعيون! |
أيها الناس: أريد وطني! |
إن القيثار لا يعزف على نفسه.. |
والوردة لا ترحق عطرها.. |
فكيف سأغني إذا كنت مثقوب الحنجرة، |
ويداي صادرهما الحرس الليلي – |
عندما أخذوا وطني للاعتقال؟! |
* * * |