| أَطْلِقْ سراحي يا فؤادُ.. كفاكا |
| شوقاً، فليلى لم تَعُدْ ليلاكا |
| ما بالُ وَجْدِكَ تَسْتَبيكَ مليحةٌ |
| نَصَبَتْ على دربِ الجهادِ شِباكا |
| أَطْلِقْ سراحي يا فؤادُ فَلَسْتَ مِنْ |
| صدري إذا أَوْثَقْتَني بِهَواكا |
| واحْذَرْ مطاوَعَةَ الهوى فَنَعيمُهُ |
| ذُلٌّ إذا أَغْواكَ في دُنْياكا! |
| كَذَبَتْ رؤاكَ وقد ظَنَنْتَ بغادةٍ |
| وطناً ترى فيه المُنى عيناكا |
| أَطْلِقْ سراحي، ما فَخارُ هواكَ إنْ |
| سَكَن الخيالَ وغادَرَ الأفلاكا؟ |
| مَنْ يَلْتَمِسْ ماءَ السرابِ لحقلِهِ: |
| كان الحصادُ فَجيعةً وهلاكا |
| فاخْتَرْ إذا ما شِئْتَ هودجَ عِزَّةٍ |
| عشقاً يُعَمِّدُ بالضياءِ دُجاكا |
| الحبُ؟ حبُّ القائمين إلى الهدى |
| والحاملينَ سيوفَهم نُسّاكا |
| المُسْرِجينَ الليلَ في صَلَواتِهِم |
| والذائِدينَ إذا الضعيفُ تشاكى |
| الآمرين بكلِّ ذاتِ فضيلةٍ |
| والممسكين عن النهى إمْساكا |
| * * * |
| يكفيك يا قلبي أَساك، فيما هوىً |
| ِرِفْقاً، ويا كأْسَ الغرامِ كفاكا |
| سَكَبَ الهوى عمري بصحراء المُنى |
| مَنْ يجمعُ العمرَ المُراقَ هناكا؟ |
| يا واقفاً جيلين بين رماحِهِمْ |
| ما قالَ يوماً "للمخيب" فِداكا |
| عابوا عليكَ هُزالَ غُصْنِكَ، لَيْتَهم |
| بالأمسِ قَدْ نَظروا جميل صِباكا! |
| أيامَ كان العِطرُ تُمْطِرُهُ يدٌ |
| وتجول ما بينَ الحِسانِ خُطاكا |
| مَنْ سامَهُ "نذل العراقِ" بظلمِهِ |
| خَبَرَ الأسى وَتَطَبَّعَ الإِنهاكا! |
| هَرِمَتْ قناديلُ الدروبِ وأَقْحَلَتْ |
| خَضْرُ الحقولِ فأَنْبَتَتْ أشْواكا! |
| ما صامَ سَيْفُ الحقِّ إلاَّ أَفْطَرَتْ |
| نُصُلُ النهى وَتَطاوَلَتْ إِشْراكا |
| * * * |
| ماذا أُجِيبُ إذا سُئِلْتُ بغربتي: |
| هذا العراقُ الفَحْلُ، كيفَ تباكى؟ |
| كيف ارتضى كفراً وكان ربيئَةً |
| للطهرِ تأبى أنْ تكون شِراكا |
| قُلْ يا عراقُ، العارُ قد غَمَرَ الزُّبى |
| والنخلُ غَطَّ بِذُلِّهِ، وَرُباكا |
| قُلْ يا عراقُ، نَسِيْتُ كيف أُجِيبُهم |
| ونسيتُ كيف – على لظىً – أَنْساكا! |
| عارٌ علينا أَنْ يقودَكَ ماحقٌ |
| نَذْلٌ، وَيَحْسَبُهُ اللئامُ مَلاكا |
| كيف ارْتَضَيْتَ لنغل عَفْلَقَ يستوي |
| رأْساً، وَيَسْفَحُ يا عراقُ شذاكا؟ |
| من ألف عامٍ تَسْتَغيثُ ولمْ يزلْ |
| ثَغْرُ العذابِ يُعيدُ رَجْعَ صَداكا |
| قُلْ يا عراقُ متى ستفطر – ثائراً – |
| بدمِ الطغاةِ؟ كفى بنا إمْساكا |
| ما غادَرَ "الحجّاجُ" أَرْضَكَ، إنّما |
| عشرون "حجّاجاً" بها، سَفّاكا |
| زَرَعَ "ابن يوسفَ" في العراقِ عشيرةً |
| غَسَلَتْ يَدَيْها من نزيف دِماكا |
| نُطَفٌ مُدَنَّسَةٌ ترى في رِجْسِها |
| مَجْداً وفي عَثَراتِها أَفْلاكا |
| أَسْنَدْتُ بالأَضْلاعِ خَيْمَةَ عِفَّتي |
| وجعلتُ جرحَ رجولتي شُبّاكا |
| فَرَأَيْتُ قومي يشربون دموعهم |
| فمتى سَتَنْفضُ يا عراقُ أساكا؟! |
| * * * |