تقول عاشقتي: هل شَفَّكَ السَقَمُ؟ |
أَمِ اصْطَفاكَ إلى شطآنِهِ السَأَمُ؟ |
فما لبحرِكَ لم يحفلْ بأشرعتي |
غداةَ جئتُ وموجُ الشوقِ يَرْتَطِمُ؟ |
أَوْصَدْتَ دون فتوني مُقْلَةً وفماً |
فضاقَ بي قلقي والحزنُ والألمُ! |
وكان وجهُكَ يَنْدى حين تبصرني |
فهل أصابَكَ مني يا فتىً نَدَمُ؟ |
وأينَ منكَ مواويلي، وَتَعْرِفُني |
رَبابَةً، حُبُكَ الأوتارُ والنَغَمُ |
* * * |
لا يا حبيبةُ، ما أَشْرَقْتِ مُشْمِسَةً |
إلاَّ وصاهَرَ مني خَطْوَكِ القَدَمُ |
لا يا حبيبة، ما أَبْصَرْتُ فاتنةً |
إلاَّ ووجهُكِ في عينيَّ يَرْتَسِمُ |
وكيفَ أنكرُ حبّاً كان يملكني؟ |
إني بحبّكِ محكومٌ، وَمُتَّهَمُ |
عذراً حبيبةُ لو أَبْحَرْتُ عن دَنَفي |
فخلفَ عشقيَ جرحٌ ليس يَلْتَئِمُ |
محاصَرٌ أنا في جرحي، فإنْ صَدَحَتْ |
ربابتي: راحَتِ النيرانُ تَضْطَرِمُ |
وجاء يَنْزِفُ مذبوحاً على شفتي |
نَخْلُ الضِفافِ، ويبكي جوعَهُ الكَرَمُ! |
عندي من الحزنِ غاباتٌ وأَوْدِيَةٌ |
عميقةٌ كظلام الليلِ تَنْتَظِمُ! |
قالتْ: وجرحُكَ جرحي.. يا لِغُربَتِنا |
جراحُنا وَطَنٌ.. أحزانُنا أُمَمُ! |
* * * |
رَمَتْ على كَتِفي وجهاً يُمَزِّقُهُ |
سَوْطُ البكاءِ فيدنو نحوَنا العَدَمُ |
حبيبتي كنتُ لو صافَحْتُها: سَكرَتْ |
أصابعي، وَتَصابى قلبيَ الهَرِمُ |
أَلَذُّ مِنْ خَدَرِ الأحلامِ ضحكتها |
تكادُ تمطرُ دِفْئاً حين تَبْتَسِمُ! |
تَضُمُّ كلَّ حقولِ الأرضِ في مُقَلٍ |
نجلاءَ يَثملُ فيها الصحو والحُلُمُ |
وكان إنْ ضَمَّنا ليلٌ على سَمَرٍ |
تراقَصَتْ فوقنا الأطيارُ والدِيَمُ |
حتى تناسَلَ دَغْلُ "البعث" في وطني |
فَكَبَّلَتْ صُبْحَنا الأحزانُ والظُلَمُ! |
* * * |
حسناءُ: إنَّ جراحَ الجسمِ تَلْتَئِمُ |
فَمَنْ يُطَبِّبُها إنْ تُجْرَح القِيَمُ؟ |
أما غَرَسْنا بِحَقْلِ المجدِ رايتَنا؟ |
فكيف أَصْبَحَ في المستنقعِ العَلَمُ؟ |
أَنَشْوَةٌ وسياطُ الكفرِ قد حَرَثَتْ |
ظهورَنا، ولئيمُ الأصلِ يَنْتَقِمُ؟ |
عشرون دورةَ شمسٍ ما احْتفى وطني |
يوماً، ولا اقْتَرَبَتْ من أَرْضِهِ النِّعَمُ! |
طغى الصَّفيقُ، ورهطٌ حولَهُ خَدَمُ |
لهُ على أهلِنا من غَيِّهِ نُظُمُ |
مُخَلَّعٌ يتباهى في نذالَتِهِ.. |
فليسَ يقربُهُ – من لُؤْمِهِ – اللُؤُمُ! |
إذا نَطَقْتَ بهِ يوماً – وإنْ حَرَجاً – |
فاشْطُفْ لسانَكَ، بئس القولُ ما يَصِمُ! |
وإن كَنَبْتُ اسْمَه يوماً، فقد بَرِئَتْ |
أناملي من يدي، والطِرسُ والقَلَمُ! |
* * * |
صدام: يا وَسَخَ الدنيا بِرِمَّتِها |
يا بئسَ مَنْ حُكِموا يوماً، ومن حَكَموا |
بِحَجْمِ مَجْدِكَ نَعْلي يا ابْن ألفِ أَبٍ |
نَذْلٍ لواحدةٍ، حيث الرضاعُ دَمُ!! |
تِهْ يا خَبيثُ.. فللأيامِ دَوْرَتُها |
وسوف يُنْتَعَلُ الطاغوتُ والصَّنَمُ! |