| لا توقدي شمعَ البكاءِ.. وأَوْقِدي |
| حقدي على دَغْلِ الخطيئةِ واحْقِدي |
| فإذا سَقَطْتُ على التراب مُضَرَّجاً: |
| شُدِّي ذراعَكِ وانهضي بِمُهَنَّدِ |
| ما العَيْشُ إنْ ثَكِلَ العَفافُ وأَصْحَرَتْ |
| سُبُلُ الفضيلةِ في العراقِ المُرْمَدِ؟ |
| إنْ يُوصِدوا بابَ الحياةِ بوجهنا |
| فجهادُنا أبوابُهُ لم تُوْصَدِ |
| وَلَطَالَما كابرتُ رغمَ فجيعتي |
| أرنو إلى فجر الصلاحِ وأَغْتَدي |
| لا تَجْزَعي مما أصابَ سفينتي |
| وَلْتُرْخِصي الدنيا لدين محمَّدِ |
| فَتَيَمَّمي صوبَ العراقِ شهيدةً |
| أو شِئْتِ بيتاً للأمانِ: فَأَنْجِدي |
| أعداؤنا جاروا، لهم في حقلنا |
| دغلٌ خبيث الجذرِ في العشب النَدِي |
| فاضَتْ عواديهم على عُوّادِنا |
| فاسْتطعموا قلبَ الأخِ المُتَوَدِّدِ |
| هل كان عدلاً سَبْيُ ذاتِ مروءةٍ |
| ويُصانُ في وضحِ النهارِ المُعْتَدي؟ |
| * * * |
| أغفوا على رمحٍ يُغِلُّ حشاشتي |
| وإنِ اسْتَرَحْتُ على وثيرِ المَقْعَدِ |
| أَوْرَثْتَني يا حزنُ كلَّ رزئيةٍ |
| ما كان أشقاني بغيرِ تَعَبُّدي!؟ |
| وأَضاءني وَعْدٌ بأنَّ مسيرةً |
| بغدِ العراقِ تدكُّ عرشَ المُفْسِدِ |
| فَتَمَرَّدي كالسيلِ في غلوائِهِ |
| فالخيرُ يا بغدادُ: أَنْ تَتَمَرَّدي! |
| وطني؟ يُقال بأنَ ليْ وطناً، فما |
| أبصرتُه إلاَّ وقيدي في يدي! |
| وأَراهُ أحياناً ينام كطعنةٍ |
| فوق الخرائطِ، أو بصوتِ المُنْشِدِ! |
| يا موجَةَ العَدَمِ اشهقي في ليلِهِ |
| وَتَقَحَّمي تلك الكهوف، وَعَرْبِدي |
| عَبَثَتْ بيَ الأغلالُ ثمَّ تَقَيَّأَتْ |
| ظِلّي على نهرٍ عَصِيِّ المورِدِ |
| فَنَهَضْتُ: أكفاني على كتفي، وفي |
| قلبي كتابُ اللَّهِ… لم أَتَرَدَّدِ |
| أنا ما كَبَوْتُ لأنَّ مهرة ثورتي |
| جزعتْ وأنّ الدربَ غيرُ مُعَبَّدِ |
| لكنَّ بعضَ القانطين قد ادَّعى |
| إرْثاً بِسَيْفي قبل قتلِ مُشَرِّدي |
| * * * |
| يا قَلْبُ قد يَبِسَ الفراتُ، فماؤنا |
| كالقيحِ، واخْتَلَطَ التَقِيُّ بِمُلْحِدِ |
| هذا عراقُ الخيرِ يَشْحَذُ خُبزَهُ |
| يقتاتُ أحزاناً، وَذُلاًّ يرتدي |
| بادَأْتُهُ عِشْقي فبادَأَني الضنى |
| والْتَذَّ مفتوناً بجمرِ تَسَهُّدي |
| كَحَّلْتُ أجفاني بطينِ "فراتِه" |
| وَعُصَيَّةٌ من سَعْفِ "دجلة" مِرْوَدي |
| آهٍ! متى جذري يَضُمُّ غصونَهُ |
| فيعود لي نهري وزورقُ سُؤْدَدي؟ |
| فَلْتُطْفِئي يا ريحُ نبضَ رجولتي |
| إنْ بعتُ إيماني بماءِ العَسْجَدِ |
| * * * |
| وَوَقَفْتُ شَحّاذاً على باب المنى |
| فرأيتُ جرحَ الأمسِ يشربُ من غدي! |
| ورأيتُ ذُلّي في حدائق مقلتي |
| يسري مسارَ الماءِ في الجسمِ الصَّدِي! |
| فَتَّشْتُ في المرآةِ عن وجهي فما |
| أبصرتُ غيرَ مقاتلٍ مُستَشْهِدِ! |
| عَكّازتي؟ وطني وقد غادَرْتُهُ |
| قَسْراً غداةَ اسْتأسَدَ النذل الرَدِي |
| ولربما وَجَدَ الفتى بمفازةٍ |
| ما لم يَجِدْهُ على بساطِ زُبُرْجُدِ |
| فَدَريئةُ العاصين غيرُ دريئتي |
| وَتَزَهُّدُ العافين بعضُ تَزَهُّدي |
| يا قلبُ: كُنْ صخراً ولا تَدَعِ الهـوى |
| يُغْري، وإنْ ثَقُلَ المَصابُ: تَجَلَّدِ |
| فإنْ ارْتَعَبْتَ من الطغاةِ وَجَدْتَهمْ |
| وَثَبوا عليكَ بشهوةِ المُسْتَأْسِدِ |
| فاغْضَبْ إذا غضبوا، فإن نيوبَهم |
| تخشى قِراعَ الفارسِ المُتَوَقِّدِ |
| ويدي إذا أَسْلَمْتُها لِخَصيمِها: |
| أدركتُ أَنَ الموتَ تجلبه يدي! |
| إنْ لم يَقُمْ فجرُ الصلاحِ بعمرِنا: |
| فالموتُ أَوْلَى لامرئٍ مُتَعَبِّدِ |
| فيمَ التَشَبُّثُ بالحياةِ إذا اعتلى |
| سَقْطُ الخليفةِ فوق منبرنا الهَدِي؟ |
| إنَّ العصورَ – وإن تطاول عمرُها – |
| لمحٌ إذا قِيْسَت بروضةِ أَحْمَدِ |
| فَوَحَقِّ مَنْ جَعَلَ "البُراقَ" سحابةً |
| فَسَجى وصلَّى في رحابِ الأَوْحَدِ |
| وبجوعِ أطفالي وَعِفَّةِ أُمِّهِمْ |
| وبسبي أختي واغترابِ تَشَرُّدي |
| أمشي على هدبي إذا قدمي اشتكى |
| وَهْناً، فأمضي للصباحِ الأَرْغَدِ |
| وأَمُدُّ كفّي كالضريرِ، يقودني |
| نسكي، وفانوس البصيرةِ مُرْشِدي |
| فأصيحُ: تَبّاً يا حياةُ، إذا ابْتَغَتْ |
| ذُلّي بِمَدِّ يدي لكفِّ مُهَدِّدي |
| * * * |