شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
غسلت بالصّلوات روحي
إلى حملة الأقلام، من أبناء زهير بن أبي سُلْمى والنابغة الذبياني وعنترة وكعب وحسان.. إلى شعراء هذه الأرض المباركة الطيبة.
صَبَوْتُ وللهوى صَبَتِ القلوبُ
فحقلي تَسْتَحِمُّ به الطيوبُ
ولي قلبٌ تتوقُ له العذارى
على شَغَفٍ، تنامُ به خَلوبُ
تُقَبِّلُها يدي، وَلَرُبَّ كَفٍّ
عن الشفتينِ في لَثْمٍ تنوبُ
يكاد إلى وريقِ الثغرِ منها
يَفُرُّ فمي، فَيَخذِلُهُ الوثُوبُ
تُحَدِّثني فَيأْرقُ نهر عطرٍ
على شطآنِهِ ثَملَ الأديبُ
وكاد على مَرايا الجيدِ منها
يسيلُ الضوءُ والأَلَقُ الرطيبُ
وَعَتَّقَ ليْ الهوى في مُقْلَتَيْها
رحيقاً ما لِشارِبِهِ ذنوبُ!
مُطَيَّبَةُ الثنايا في عفافٍ..
فليس لها – سوى أَرَقي – عيوبُ
تَطَبَّعْتُ الهوى مذ كنت طفلاً
فقلبي من صَبابتِهِ خَضيبُ
تعالَ تعالَ.. يا مَرَضاً لذيذاً
سألتُ اللَّهَ يُزْمِنُ.. لا يَطيبُ
تعالَ تعالَ، نُرْجِعُ للمرايا
وجوهاً باتَ يرهقُها الشُحُوبُ
تعال تعال نَخْتَتِمُ المراثي
تعالَ تعالَ من فَرَحٍ نذوبُ
تعال، غَسَلْتُ بالصَلَوات روحي
وفوق فمي تَزَهَّدَ عّنْدَليبُ
* * *
أكادُ أُجَنُّ: ما لحريقِ عشقي
إذا ما شَبَّ: يُطْفِئُهُ اللهيب؟
أكادُ أُجَنُّ، ما لنجوم ليلي
تراقبني، ولي نُسْكي رقيبُ!
أكادُ أُجَنُّ، ما للقلب يأبى
مطاوعتي، وقد كَثُرَتْ نُدُوب!
تَقَرَّبْ يا بعيدُ.. فأنت أدرى
بما يشكوهُ عاشقُكَ القريبُ
على شفتيك فاضَ دمي، وليلي
على عينيك يغفو، هل أتوبُ؟
أَقَلْبٌ ليْ فأعشقُ ألفَ نبعٍ
بِمَنْ أَحْبَبْتُ؟ أمْ عندي قلوبُ؟
وما عَرَفَ الصدود سليلُ قومٍ
بداءِ العشقِ من زمنٍ أُصِيبوا
يُبادِلُ بعضُهم بالوصل عمراً
لهم في العشقِ نحو غدٍ ركوبُ
وقلبي ما اعتراه غبار حقدٍ
وإنْ أَلْقَتْ غُلالَتَها الحروبُ!
وكم غَنَّيْتُ عن وطنٍ جريحٍ
تُهانُ به المحبَّةُ والشعوبُ
* * *
فيا نَخْلَ العراقِ متى نؤوبُ
لِيَجْمَعَنا شمالٌ أو جَنوبُ
ويا ماءَ العراقِ ألا ارتواءٌ؟
ذَوى حقلي، وبُستاني جَديبُ
ربيبُ هواكَ قلبي، كيف تَأْبَى
له وصلاً؟ ويفديك الربيبُ!
حَمَلْتُ تميمتي جُرْحاً وحزناً
خُرافيّاً – وذا زمنٌ عَصيبٌ
وللجرحِ الأخيرِ نزيفُ روحٍ
وما للروحِ لو نَزَفَتْ طبيبُ!
نَصَبْتُ على سفوح الموتِ كوخي
وقد ضاقَتْ هضابُكَ والسهوبُ!
وليس أَذَلَّ من ماءٍ وخبزٍ
يجودُ به المنافقُ والكَذوبُ
يُراوِدُني النعيمُ على عَفافي..
فَيَأْباهُ التَنَسُّكُ والنَسيبُ
فما شَرَفُ الهوى من دون عهدٍ
نموتُ عليه ما ثَقُلَتْ كروبُ؟
وحسبي قد سقيتُ حقولَ قومي
دماً صِرْفاً – وما اقتربَ الوجيبُ
أنا ابنُكَ يا عراقُ.. على اشتياقي
أصونُ العهدَ إنْ عَصَفَتْ خطوبُ!
فعذراً يا عراقُ إذا اشْتَكَيْنا
عتاباً، فالهوى أَمْرٌ غَلُوبُ!
أَتَعْرِف عاشقاً قد كان طفلاً
غَداةَ مضى، وجاء بهِ المشيبُ؟
غداً آتي فلا شَفَةٌ تُغَنّي –
مواويلي.. وتنكرني الدروبُ!
وَتُطْفَأُ ضحكةٌ كحفيفِ زهرٍ
ويومئُ نازلٌ: هذا غريبُ!!
كأني ما نَسَجْتُ الروحَ شعراً
ولا رقَصَتْ لقافيتي طروبُ!
* * *
فيا أهلَ الهوى صبراً جميلاً
فإنَّ غدَ العراقِ غدٌ رحيبُ
ويا أهل الهوى لا طابَ حبٌ
بقلبٍ لا يرى شَعْباً يذوبُ
أَضاعَ ليَ الشبابَ ظلامُ كهفٍ
غُرِسْتُ به، وطاغيةٌ لَغُوبُ
إذ قيلَ "العراقُ": وَضَعْتُ كفّي
على قلبي، وَيَخْنِقُني النحيب!
كأني قد شُدِدْتُ لِرَحْمِ أمي
بسَعْفِ نخيلِ دجلةَ يا عَذوبُ!
وما نَكَرَ العراقُ هواي، لكنْ
تَنَكَّرَ ليْ، وللوطنِ "المهيبُ"
"وإنَّ غداً لناظرِهِ" بعيدٌ
إذا صَمَتَ المفكِّرُ والخَطيبُ!
إذا اسْتَعْدى الجنوبُ على شَمالٍ
ونامَ على ضَحاياه الجنوبُ!
وما نَفْعُ الحمائلِ دونَ سَيْفٍ
يَذودُ بهِ عن الشَرَفِ الطَلوبُ؟
فيا شعراءُ، يا خُطباءُ: عندي
لكم من شعبِنا عَتَبٌ يَهيبُ
"أبو تمام" حَمَّلَني عتاباً..
"وأحمدُ" و"المعرّي" و"اللبيبُ" (1)
وأطفالُ العراقِ، وكلُّ أُخْتٍ
مُشَرَّدَةٍ، وَشُبّانٌ، وَشِيبُ
لكم شَرَفُ البداءةِ في جهادٍ
ولولا فجرُكُمْ: ما طابَ طيبُ
حملتم رايةَ الإِسلامِ طرّاً
فما ذُلَّتْ – بِنَخْوَتِكم – عَروبُ
فما لقصائدِ الشعراءِ تشدو
لليلى – وهي فاتنةٌ لَعُوب؟
وأَنْتُم في كتابِ الشعرِ "كعبٌ"
و"حسانُ بن ثابتَ" والمُثِيبُ
أَيَغْتالُ القصيدَ مليسُ جيدٍ
وثغرٌ للهوى لا يَسْتَجيبُ؟
فيا شعراءُ: هذا الجرحُ جرحي
وجرحُكُمُ، لنا شَرَفٌ سليبُ
إذا سَكَتَ القصيدُ عن الخطايا
فلا كان القصيدُ، ولا الأديبُ!
* * *
وليْ قلبٌ إذا مَا رَفَّ هدبٌ
بأرضِ الشامِ: نبضي يَسْتَجيبُ!
وأقسمُ: ما شَدَوْتُ بحبِ أنثى
ولا عَبَثَ الهوى بيَ والحبيبُ
"حِجازيٌّ" تُقايَ، وإنَّ عشقي
وقد أَحْبَبْتُ: "نَجْدِيٌّ" قشيبُ
وَطَهَّرَني من الأدران بيتٌ
حَجَجْتُ له، وعافاني "القليبُ"
قد الْتَحَما معاً عشقي ونُسكي
كما التَحَمَتْ بلادُكُمُ الخَلُوبُ!
ونحنُ إذا اشتكى ظَبْيٌ بنجدٍ:
بَكَتْ "أربيلُ" وانْتَحَبَ "الخَصيبُ"
وإنْ هَطَلَ السحابُ على "عسيرٍ"
ففي "بغدادَ" تَخْضَرُّ الدروبُ!
وإنْ لَثَمَ الربيعُ حقولَ "أبها"
تَغَنّى "بالسماوةِ" عندليبُ
عَشِقْنا هذهِ الأَفياءَ لمّا
حَباها اللهُ مجداً لا يؤوبُ
كأنّا تَوْءمانِ بِرَحْمِ أُمٍّ
وإنْ عَزَّ المزارُ فلا نَجُوبُ!
فَوَاقَوْماهُ من رُزْءٍ عظيمٍ
أصابَ الرافدين ولا مُجِيبُ!
يَئِمُّ بنا الصلاةَ ربيبُ كُفْرٍ
لهُ في البَغْيِ مُنْتَجَعٌ مُرِيبُ
فَقِبْلَتُهُ المدافعُ والخَطايا
وَكَوْثَرُهُ من الصَهْباءِ كُوْبُ!
وفاضَ العُمْرُ في بغداد لمّا
تَوَحَّلَ في رذائلِهِ "المَخِيبُ"!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :666  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 26
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الخامس - حياتي مع الجوع والحب والحرب: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج