| وطني: سُكُوتُك عِفَّةٌ وتَرَفُّعُ… |
| أَمْ للطغاةِ تَذَللٌ… وتَخَضُّعُ؟ |
| بالأمسِ كان العشبُ ثوبَكَ، والشذى |
| ماءً، فما عرف الفجيعة موضِعُ |
| هل كان حُبّاً أَنْ تكون مُعَذِّبي |
| وسليلُ "هتلر" في رُباك يُمَتَّعُ؟ |
| حاشاكَ يا وطني.. فَلَسْتَ مُخَلَّعاً |
| كيفَ احتواكَ المارقُ المُتَخَلِّعُ؟ |
| الأربعون مَضَيْنَ فيكَ مع الأسى |
| والنائباتُ بكلِّ بيتٍ تَمْرَعُ! |
| شاخَتْ طفولتُنا على باب الصِبا |
| يا نُسْكَنا المنفيَّ هلاَّ ترجِعُ؟ |
| وَرَثَيْتُ أعوامي التي ما عِشْتُها |
| أنا في حياتي يا عراقُ مُشَيَّعُ! |
| وَدُفِنْتُ في جرحي لأُبْعَثَ ناسكاً |
| شهد الأسى جيلين وهو يُوَدِّعُ |
| خمسون سيَّافاً على أعناقنا |
| كلٌّ يبيعُ، وباسمنا يَتَبَضَّعُ! |
| يتزاحَمون على غنائمِ حزننا.. |
| هذا له مالٌ، وذلكَ مَخْدَعُ! |
| قانونهم؟ شعبٌ يجوع ويُسْتبى |
| وعصابةٌ – مما نعاني – تَشْبَعُ |
| فبأيِّ دينٍ تُسْتَباحُ شقيقةٌ |
| باسم العروبةِ، أو تُراقُ الأدمعُ؟ |
| رَبّاهُ: ما فَتَكَ الوَباءُ بأَهْلِنا |
| مثلَ السياسةِ عندما تَتَقَنَّعُ! |
| "وإذا السياسة أنشبَتْ أنيابَها |
| ألفيتَ كلَّ تميمةٍ لا تَنْفَعُ"
(1)
|
| مُرٌّ هو العَسَلُ الذي نَسْتافُهُ |
| من كأسها، وأَمَرُّ منه المَطْمَعُ |
| صار العراقُ خرائطاً حزبيةً |
| فمتى يوحِّدُنا "الحنيفُ" وَيَجْمَعُ؟ |
| تابوا – وما تابوا – فكلُّ سُوَيْعَةٍ |
| حزبٌ، وما عرفَ التضامنَ مَجْمَعُ |
| طَحَنَ الأسى روحي، وَسِيْمَ مساؤها |
| ذُلاًّ، متى شمس الأمان تُشَعْشِعُ؟ |
| شعبٌ يُباع ويُشْتَرَى سِرّاً، وفي |
| سوق السياسةِ في العِراقِ يُقَطَّعُ! |
| كلٌّ يُجاهِرُ باسْمِنا، وإذا ارتقى |
| كرسِيَّهُ: فهو النكورُ المُمْنِعُ! |
| من أين يأتينا الأمانُ – وبعضُنا |
| يبني، وبعضٌ هادمٌ وَمُشَرِّعُ؟ |
| * * * |
| حِزْبانِ في الدنيا: فأمّا مؤمنٌ |
| أو كافرٌ أركانه تَتَصَدَّعُ..! |
| وَلَرُبَّ جسمٍ ضاقَ من عِلاّته |
| َعَزَّ الدواءُ، وجاد فيه المِبْضَعُ |
| وإذا تَوَحَّدَت النفوس مع التُقى |
| ألْفَيْتَ صحراء العراقِ سَتَيْنَعُ |
| * * * |
| يـا صـدرَ "دجلـة" ما لِضَرْعِـكَ ضامـرٌ؟ |
| الشعبُ طفلٌ، أنتَ منه المُرْضِعُ |
| أَتْعَبْتَنَا وَتَعِبْتَ من أحزاننا… |
| هل أنتَ إلاَّ للأسى مُسْتَوْدَعُ؟ |
| وَلَئِنْ جَرَحْتُكَ في هوايَ معاتباً |
| حَسْبي بأنّ تشرُّدي ليَ يَشْفَعُ |
| يدعونني بابن العراقِ، وليس ليْ |
| بعضُ الأمانِ، أرى أخاً يَتَفَجَّعُ! |
| يدعونني بابن العراقِ - وزوجتي |
| مثلي مُشَرَّدَةٌ، وطفلٌ يَرْضَعُ! |
| يدعونني بابن العراقِ، وموطني |
| منفاي والغَدُ يا عراقُ مُضَيَّعُ! |
| يدعونني بابن العراق وليس ليْ |
| من رافديه سوى الضَنى بيَ يَفْرَعُ! |
| ما أنتَ؟ هل وطني؟ علام خَذَلْتَني |
| وتركتَ بابكَ "لابن صَبْحَةَ" يُشْرَعُ؟ |
| ثَكُلَتْ أمانينا فما سَقَطَتْ على |
| شجرِ الطفولةِ منكَ إلاَّ الأدْمُعُ! |
| * * * |
| عذراً حبيبي يا عراقُ.. فإنني |
| دَنِفٌ وإنَ البُعْدَ عنك لَمُوجِعُ |
| عذراً، سَنَرْجعُ يا حبيبَ قلوبنا |
| وسيلتقي الأحبابُ مهما وَدَّعوا |
| القائمون إلى الصباح تَهَيَّأوا |
| وطبولُ فجرِ الناسكين سَتُقْرَعُ |
| سنعودُ بالشَجَرِ الوريقِ وبالندى |
| للجائعين، فما يعود مُرَوَّعُ |
| وَلِناسِجين من التقى أثوابَهُمْ |
| ولعاشقين مع العَفافِ تَطبَّعوا |
| وَلَسوف ترجع يا عراق حديقةً |
| أزهارها برحيقِ طهرٍ تَنْبَعُ |
| وَسَيَزْدَهي شعري، فكل قصيدةٍ |
| عربيةِ الأخلاقِ: أنتَ المَطْلَعُ |
| نسمو بحبلِ اللهِ، لا مُتَعَسِّفٌ |
| يطغى، ولا سيف الضغينةِ يُشْرَعُ |
| في محكم الذِكْرِ العظيمِ نوافلٌ |
| لذوي العقولِ وألف شمسٍ تَسْطَعُ |
| والسُنَّةُ العصماء في أفيائِها |
| فَيْضٌ إذا رام الورى ما يَنْفَعُ |
| * * * |