شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أحلام مُشَيَّعة
إلى ذلك البدوي العـذب، صاحـب الصوت الشجيّ: الإِذاعي السعودي ياسر الروقي.
يا جَفْنُ لَنْ يأتي لكَ الوَطَنُ
فاغْمَضْ.. عسى يرتادُكَ الوَسَنُ
وعسى طيوفُ الأهلِ تطرقُنا
ليلاً فَتَغْمرُ قَفْرَنا المُزَنُ!
فاسْدِلْ ستائرَ مُقْلَةٍ ذَبُلَتْ
لمّا أغارَ بَخِيْلِهِ الزَمَنُ..!
حَرَثَ الضنى وجهي فما بَقِيَتْ
غيرُ الظِلالِ، كأنَّهُ الدِّمَنُ
فكأنني طَلَلٌ تَسِفُّ بهِ
ريحُ الأسى، والصُبْحُ مُرْتَهَنُ
شَيَّعْتُ أحلامي – وقد وُئِدَتْ
لمّا سمعتُ أَحِبَّتي دُفِنُوا
مَدْمِيَّةٌ روحي، فما نَجَحَتْ
في صبرِها – إلاَّ وَتُمْتَحَنُ!
فإذا اقْتَلَعْتُ الرمحَ من جسدي
غَرَسَ الأسى رمحين، والوَطَنُ!!
أَفَكُلَّما نَفَّضْتُ مركبتي
نَفَضَتْ عليَّ جراحَها المُدُنُ؟
* * *
واسْتَعْصَت الذكرى فما طَرَقَتْ
حَدَقاً تَحَجَّرَ دَمْعُها الخَشِنُ!
هي لَعْنةٌ أنْ لا يرى وطني
حقلَ الأمانِ، ولا ترى اليَمَنُ؟
أَعْلَنْتُ عِصياني على فرحي
فَرْداً، وحول عشيرِنا الدَرَنُ
يا قلبُ أَصْدِقْني لقد كَثُرَتْ
منكَ النِّصالُ عليَّ.. والإِحَنُ
في كل يومٍ تَشْتَهي حُلُماً
تشقى به الأمواجُ والسَّفَنُ
قلبي أنا خَصْمي! يُحَرِّضُني
ضِدِّي فَيَشْقى الناسِكُ الفَطِنُ
أَضْنَيْتَني يا قلبُ، أيُّ هوىً
هذا الذي برؤاهُ أَنْسَجِنُ؟
يا سُهْدُ: ما يُغْرِيكَ في رَجُلٍ
عَدَت الصروفُ عليهِ والمِحَنُ؟
هي مقلةٌ؟ أَمْ أنها وطنٌ
تغفو وراءَ جفونِها مُدُنُ؟!!
واسْتَعْذَبَتْها النارُ، ما انْطَفَأَتْ
إلاَّ وَيَنْفُخُ جَمْرَها الشَجَنُ!
عِشقي يُشُهِّرُ بيْ، فيخذلني
صبري، وَيَفْضَحُ جَذْرَهُ الفَنَنُ!
بعضي يقاتلني.. فيا قَلَقي
حتى متى يتخاصَمُ البَدَنُ؟
يا سُهْدُ رِفْقاً في مُشاكَسَتي
لقد اكْتَهَلْتُ وَهَدَّني الوَهَنُ
واحْتَلَّت الأيامُ من جسدي
والقيدُ، والتشريدُ، والدُّجَنُ
للوَجْدِ أَسْرارٌ مُكَتَّمَةٌ
رُغْمَ الخَفاءِ كأنَّها العَلَنُ!
يا سهدُ أحداقي سَتَفْضَحُني..
تبكي على مينائِها السُّفُنُ
يا سهدُ أجفاني مُسَمَّرَةٌ..
والليلُ عند مُشَرَّدٍ كَفَنُ!
جذري على ضِفَةِ الفرات غَفا
يشكو الجَفافَ، وها هنا الغُصُنُ
* * *
نَسَجَتْ على بغدادَ من شَغَفٍ
أهدابَها ثوباً، وَقَدْ طَعَنوا (1)
تبكي وتِستبْكي مصائِبَها..
إن العِراقَ لمقلتي: رَسَنُ
يا سهدُ: هل ثأرٌ؟ علام إذَنْ
هذا العَناءُ، وذلك الضَغَنُ؟
إنْ كنتَ تَسْتَهوي مُنازَلتي
زِدْ ما تشاءُ، فأنتَ تُمْتَحَنُ
فلسوفَ تلقى في مُجالَدَتي
صَخْرَ العَنادِ، أنا له السَكَنُ!
أَقْسَمْتُ أُرْدى واقفاً فأنا
نَسْلُ النخيلِ، ومنه بي سُنَنُ
الكبرياءُ رَضَعْتُها لَبَناً
وإذا انْجنيتُ: يُذِلُّني اللَبَنُ!
فإذا انْتَصَرْتُ: أضفْتُ لي شَرَفاً
وإذا قُتِلْتُ: فللتقى ثَمَنُ
يا سهدُ كمْ من حُفْرَةٍ لفتىً
جرداءَ، تَحْسِدُ مجدَها القُنَنُ؟
أسمى المنى موتٌ على شرفٍ
لِتَضُمَّني في روضِها "عَدَنُ" (2)
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :624  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 26
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.