بِي مِثلُ ما بِكَ: لوعةٌ وذهولُ |
سَكَنَ الهوى قلبي وَعَزَّ وصولُ |
خَبَّأْتُ ذُلِّي تَحْتَ ثوبِ تَجَلُّدي |
وَتَصَنَّعَ الكِبَرَ الجميلَ ذَلولُ! |
وَدَفنْتُ قلبي في رمادِ حرائقي |
فإذا فؤادي: ساحةٌ وَصَهِيلُ |
وَمضَيْتُ يرشدني الضَياعُ فَيَقْتَفي |
أَثَري العَذابُ وَسَيْفُهُ المسلولُ |
عِشْقي؟ ولكني كَتَمْتُ صبابتي |
عينايَ؟ لكنَّ الظلامَ ثَقيلُ! |
مَنْ تَعَرَّفَني وكل ملامحي |
هَرِمَتْ، وأَضْناني نوىً وَنُحُولُ؟ |
لم يَكْتَهِلْ قلبي على رغم الأسى |
لكنَّما اكْتَهَلَ الغَدُ المأمولُ |
بيْ من رمادِ العشقِ إثْرَ حرائقي |
جَبَلٌ، ومن عُشْبِ الجراحِ حقولُ! |
قد كان ليْ بَيْتٌ يُظَلِّلُهُ الهوى |
يوماً، وليْ في ليلِهِ قِنْدِيلُ |
حتى تقاسَمَتِ الهمومُ عراقَنا |
لمّا تَسَيَّدَ فاسِقٌ ضِلِّيلُ! |
أَضْحَتْ مناديلُ الهوى أكفانَنا |
فالعاشقون: مُكَبَّلٌ وقتيلُ! |
نَمَتِ الطحالبُ في حقولِ رَغيفِنا |
أَمَّا الغناءُ، فعبرةٌ وعويلُ |
* * * |
عشرون عاماً والكفورُ يَجولُ |
فالنائباتُ صوارمٌ وخيولُ |
عشرون عاماً والعراقُ بُحَيْرَةٌ |
دمويةٌ، وصباحُهُ مَسْلُولُ! |
مَنْ ذا رأى وَطَناً يُسَلُّ كموطني |
وعلى الرجالِ الطيِّبين ذَليلُ؟ |
أَمْشي على جُرْحَين: جرح كرامةٍ |
هُدِرَتْ، وجرح ذُلَّ منه نخيلُ |
فَطَرَقْتُ "جُدَّةَ" والعواصف تَرْتَعي |
بدمي، ولي نحو الحجازِ دليلُ |
ما دَلَّني إلاَّ تقايَ على التُقى |
إنَ النوارسَ للبحارِ تَميلُ |
* * * |
ليْ مثلُ ما لَكَ يا صديقُ خَليلُ |
عّذْبٌ له في مُقْلَتَيَّ حُلُولُ |
وَرَبابَةٌ يغفو على أنغامِها |
أَرِقٌ، وَيَثْمَلُ عاشقٌ مَتْبُولُ |
أَوْدَعْتُهُ قلبي ورَوْضَ حُشاشَتي |
حتى تَفَرَّقنا أسىً وسيولُ |
فَعَبَرْتُ سورَ الأربعين ولم تزلْ |
بيْ للطفولةِ عَوْدَةٌ ورحيلُ |
* * * |
لي مثلُ مالَكَ، في الضميرِ عَذولُ |
إنْ زَلَّ بيْ قَدَمٌ وَزَاغَ نبيلُ |
فيكادُ – من شوقٍ – يُغادِرُ أَضْلعي |
قلبي إذا ما كَبَّرَ المأمولَ |
وَيَهزُّني في الفجرِ آي مُؤَذِّنٍ |
وَيُذِيبُني بِهُيامِهِ الترتيلُ |
فَسَجَدْتُ في محرابِهِ مُتَبَتِّلاً |
يا صاحبي، أنا للعفافِ سليلُ |
وأنا ابنُ "عروةَ" ما اقْتَرَبْتُ لِغيلَةٍ |
يوماً، وعندي للغرامِ أُصُولُ |
أغفوا على جرحِ السنين مُكابِراً |
وَتَنَسُّكي نحو الصراطِ سبيلُ |
وَأَذَلَّني عشقي.. فكيف أَصدُّهُ؟ |
أنا والعراق: "بُثَينَةٌ" و"جميلُ"! |
أَزِفَ الوداعُ.. فيا دموعَ رجولتي |
لا تَفْضَحيني.. فالطريقُ طويلُ! |
* * * |