شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشهيد
بِدَمٍ رَسَمْتَ غداً.. وَدَرْبا
فاخْلُدْ كما أَحْبَبْتَ صَبَّا
سَهُلَ الرحيلُ على خطاكَ
وكان عند سواكَ صَعْبا
وَفَتَحْتَ بابَ المستحيلِ
أَقَمْتَ للعلياءِ نُصْبا..
شَرَفٌ "لدجلةَ" أنْ تكونَ
لها – مع الدنيا – مَصَبَّا
فكأنَّما ما بين شَخْصِكَ
والخلودِ جسور قُرْبى
يا نائماً عَفَّ الشهادةِ
قال للصَّاحينَ: تَبّا..
للواقفين على رصيفِ الـ
ـعمرِ يرتشفونَ نَخْبا
عَبَدوا الدراهمَ والنساءَ
وأنتَ أنتَ، عبدتَ رَبَّا
أَرْخَصْتَ عمرَك يومَ شَحَّ
كريمُهم زاداً وَشِرْبا
لم تَخْشَ موتاً، والعَتِيُّ
من الطغاةِ يخافُ نُدْبا
ما مُتَّ يا ابْنَ المؤمنينَ
ولا نزلتَ اليومَ ترْبا
جَسَدٌ "عراقُكَ" فاصْطفاكَ
له بصدرِ الأرضِ قَلْبا
وَغَدَوْتَ في مُقَلِ الـ
ـعراقيين: أجفاناً وَهُدْبا
* * *
يا أَفْقَرَ الفقراءِ في
مالٍ، وأغنى الناسِ حُبّا
شَرَفٌ لِنَعْلِكَ يوم شَنْقِكَ
أنْ عَلَوْتَ البَغْيَ كَعْبا
أَرْعَبْتَ موتَكَ يا فَتِيُّ
فَمَنْ أذاقَ الموتَ رُعْبا؟
قَدْ كانَ صَحْبُكَ سامِرِيكَ
وصارت الأقمارُ صُحْبا
هذا الخلودُ! فكلما زدْتَ
ابتعاداً: زدْتَ قُرْبا
* * *
يا سيدي هَلاَّ جَلَسْتَ؟
فإنَّ عندي بعض عُتْبى
إني أَرَدْتُكِ ليْ إذا
وَحْشُ الزمانِ عليَّ دَبَّا
عاهَدْتَ قَيدي أَنْ تَلُمَّ
شتاتَ بستانٍ، وَزُغْبا
مَنْ للشقيقاتِ اللواتي
ما عَرَفْتُ لهنَّ حَدْبا؟!
يا سيدي هل خُنْتَ عهدكَ
فاسْتَبَقْتَ الصحبَ غُلْبا؟
يا سيدي طَغَت الكروبُ
وأصبحَ الإيمانُ ذَنْبا!
ضاقَ العراقُ على بنِيهِ
وكان قبلَ اليومِ رَحْبا..!
قَدَري – كأقدارِ الجميعِ:
ملاجئٌ شرقاً.. وَغَرْبا!
مَنْ ذا رأى شَرَفاً يُراقُ
وَمَنْ رأى الأحلامَ تُجْبى؟
فردٌ أرادَ من الشعوبِ
حرائراً، فطغى.. وَعَبَّا
خَسِئَ الصَفيقُ، غداً نعودُ
ونُشْعِلُ الأنهارَ حَرْبا
يأْبى الرجالُ ونخلُنا يأْ
بى، ودينُ اللهِ يأْبى
لن يُصْبِحَ الوطنُ المُدَمَّرُ
خيمةً، ويكون نَهْبا..!
الجوعُ يُشْبِعُني إذا
وطني تعافى.. واسْتَتَبَّا!
وأُذَلُّ كيما لا يُذَلُّ
عراقُ روحي.. لَنْ يُسَبَّا
هو قِرْطُ طفلتيَ البَكورِ
"وَحِرْزُ" أُختي حين تُسْبى
وهو المُصَلَّى حين يدعو
ني التُقى فأطيل نَحْبا!
* * *
صَبري بحجمِ الأربعين
وكنتُ في النكباتِ صُلْبا
ما لي أُحَشِّمُ كبريائي
أَدَّعي بالصبرِ كِذْبا..؟
لَمْلَمْتُ روحي واسْتَرَحْتُ
بكوخِ جرحي مُشْرَئِبَّا..
وَفَرَشْتُ أحداقي لطيفكَ
يا عراقُ، وقلتُ: عُقْبى
وَنَبَشْتُ بالأهداب سوراً
كي أَمُدَّ عليكَ ثُقْبا
فأراكَ والشعبَ المُحاصَرَ
بالمشانقِ: كيف هَبَّا
* * *
يا أَفْقَرَ الفقراءِ في
مالٍ وأغنى الناسِ حُبّا
يا ساجداً سَجَنَ العصورَ
بقبرِهِ لمّا تَصَبَّى…
يا دافِئاً دِفْءَ الرغيفِ
وموقِظاً في القَحْطِ عُشْبا
قد كنتَ فَرْداً في الحياةِ
وَصِرْتَ منذ شُنِقْتَ شَعْبا!
فانْزَعْ قميصَكَ قد نَسَجْنا
من خيوط الضوءِ ثَوْبا
يكفيكَ مجداً أَنْ سَمَوْتَ
وأنْ غَدَوْتَ اليوم قُطْبا
صَلَّيْتَ للهِ الوجوبَ
وصام غيرُك: مُسْتَحَبَّا!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :924  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 7 من 26
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.