بِدَمٍ رَسَمْتَ غداً.. وَدَرْبا |
فاخْلُدْ كما أَحْبَبْتَ صَبَّا |
سَهُلَ الرحيلُ على خطاكَ |
وكان عند سواكَ صَعْبا |
وَفَتَحْتَ بابَ المستحيلِ |
أَقَمْتَ للعلياءِ نُصْبا.. |
شَرَفٌ "لدجلةَ" أنْ تكونَ |
لها – مع الدنيا – مَصَبَّا |
فكأنَّما ما بين شَخْصِكَ |
والخلودِ جسور قُرْبى |
يا نائماً عَفَّ الشهادةِ |
قال للصَّاحينَ: تَبّا.. |
للواقفين على رصيفِ الـ |
ـعمرِ يرتشفونَ نَخْبا |
عَبَدوا الدراهمَ والنساءَ |
وأنتَ أنتَ، عبدتَ رَبَّا |
أَرْخَصْتَ عمرَك يومَ شَحَّ |
كريمُهم زاداً وَشِرْبا |
لم تَخْشَ موتاً، والعَتِيُّ |
من الطغاةِ يخافُ نُدْبا |
ما مُتَّ يا ابْنَ المؤمنينَ |
ولا نزلتَ اليومَ ترْبا |
جَسَدٌ "عراقُكَ" فاصْطفاكَ |
له بصدرِ الأرضِ قَلْبا |
وَغَدَوْتَ في مُقَلِ الـ |
ـعراقيين: أجفاناً وَهُدْبا |
* * * |
يا أَفْقَرَ الفقراءِ في |
مالٍ، وأغنى الناسِ حُبّا |
شَرَفٌ لِنَعْلِكَ يوم شَنْقِكَ |
أنْ عَلَوْتَ البَغْيَ كَعْبا |
أَرْعَبْتَ موتَكَ يا فَتِيُّ |
فَمَنْ أذاقَ الموتَ رُعْبا؟ |
قَدْ كانَ صَحْبُكَ سامِرِيكَ |
وصارت الأقمارُ صُحْبا |
هذا الخلودُ! فكلما زدْتَ |
ابتعاداً: زدْتَ قُرْبا |
* * * |
يا سيدي هَلاَّ جَلَسْتَ؟ |
فإنَّ عندي بعض عُتْبى |
إني أَرَدْتُكِ ليْ إذا |
وَحْشُ الزمانِ عليَّ دَبَّا |
عاهَدْتَ قَيدي أَنْ تَلُمَّ |
شتاتَ بستانٍ، وَزُغْبا |
مَنْ للشقيقاتِ اللواتي |
ما عَرَفْتُ لهنَّ حَدْبا؟! |
يا سيدي هل خُنْتَ عهدكَ |
فاسْتَبَقْتَ الصحبَ غُلْبا؟ |
يا سيدي طَغَت الكروبُ |
وأصبحَ الإيمانُ ذَنْبا! |
ضاقَ العراقُ على بنِيهِ |
وكان قبلَ اليومِ رَحْبا..! |
قَدَري – كأقدارِ الجميعِ: |
ملاجئٌ شرقاً.. وَغَرْبا! |
مَنْ ذا رأى شَرَفاً يُراقُ |
وَمَنْ رأى الأحلامَ تُجْبى؟ |
فردٌ أرادَ من الشعوبِ |
حرائراً، فطغى.. وَعَبَّا |
خَسِئَ الصَفيقُ، غداً نعودُ |
ونُشْعِلُ الأنهارَ حَرْبا |
يأْبى الرجالُ ونخلُنا يأْ |
بى، ودينُ اللهِ يأْبى |
لن يُصْبِحَ الوطنُ المُدَمَّرُ |
خيمةً، ويكون نَهْبا..! |
الجوعُ يُشْبِعُني إذا |
وطني تعافى.. واسْتَتَبَّا! |
وأُذَلُّ كيما لا يُذَلُّ |
عراقُ روحي.. لَنْ يُسَبَّا |
هو قِرْطُ طفلتيَ البَكورِ |
"وَحِرْزُ" أُختي حين تُسْبى |
وهو المُصَلَّى حين يدعو |
ني التُقى فأطيل نَحْبا! |
* * * |
صَبري بحجمِ الأربعين |
وكنتُ في النكباتِ صُلْبا |
ما لي أُحَشِّمُ كبريائي |
أَدَّعي بالصبرِ كِذْبا..؟ |
لَمْلَمْتُ روحي واسْتَرَحْتُ |
بكوخِ جرحي مُشْرَئِبَّا.. |
وَفَرَشْتُ أحداقي لطيفكَ |
يا عراقُ، وقلتُ: عُقْبى |
وَنَبَشْتُ بالأهداب سوراً |
كي أَمُدَّ عليكَ ثُقْبا |
فأراكَ والشعبَ المُحاصَرَ |
بالمشانقِ: كيف هَبَّا |
* * * |
يا أَفْقَرَ الفقراءِ في |
مالٍ وأغنى الناسِ حُبّا |
يا ساجداً سَجَنَ العصورَ |
بقبرِهِ لمّا تَصَبَّى… |
يا دافِئاً دِفْءَ الرغيفِ |
وموقِظاً في القَحْطِ عُشْبا |
قد كنتَ فَرْداً في الحياةِ |
وَصِرْتَ منذ شُنِقْتَ شَعْبا! |
فانْزَعْ قميصَكَ قد نَسَجْنا |
من خيوط الضوءِ ثَوْبا |
يكفيكَ مجداً أَنْ سَمَوْتَ |
وأنْ غَدَوْتَ اليوم قُطْبا |
صَلَّيْتَ للهِ الوجوبَ |
وصام غيرُك: مُسْتَحَبَّا! |
* * * |