مضى الأمسُ مطوياً فهل بعد حاضرٍ؟ . |
يجيء لنا الآتي بصفوٍ مُبادر |
فلا عاد هولُ الأمس والحاضر الذي. |
تلاه وشيكاً مُثْقلاً بالمجازر |
ملاحمُ حرَّى في لظى نارها اكتوتْ. |
عوالمُ شتى. ذاكَ من صُنْع غادر |
تنزَّى على حـرِ الوطيـس. شواظُها |
ودارتْ بشقواها على رأسِ خاسر. |
فكم مُدْقعٍ ذاق الطوى بيْن أهله |
وكم بائسٍ.. مثواه بين المقابر |
مضتْ حقبةُ البلوى وفي إثرها بدا. |
نعيمُ مصيرٍ.. في غدٍ جدُّ ناضر |
أحستُ به الدنيا بوادرَ رحمةٍ |
بواطنها تُومي إلى كلِّ ظاهر |
كأني وهذا الدوحُ للطير مُرغن |
وبينهما همسٌ كهمسِ الأزاهر |
كـلا اثنيهما.. في ساحـةِ الأمن ناعمٌ. |
ونجواهما بالهمسِ شجوُ القياثر |
وفي الغصن ما في الطير من فرحةِ المُنى. |
تميل به نشوان.. ميل المُعاقر |
وفي الجدول الرقراق أنباض نشوةٍ. |
تفيضُ كسيَّال المُنى في السَّرائر |
وفي نسماتِ الفجر نجوى صبابةٍ |
تـرفُّ كسحر الوحي في نفسِ شاعر. |
وفي خلوات الليل أفراحُ أنْجمٍ |
تلجُّ بأشواقِ الظلام المُسامر! |
وفي رحبات الكونِ يخفقُ عالمٌ |
سروراً بتحقيق المُنى، خفق طائر |
كأني وهـذا الدهـرُ ينظُر مـن عَلٍ |
يُطلُّ على الدنيا ببسمة ظافر |
ويبسم للمجدود.. إذْ عاد غانماً |
ويُضفي على المسلوب عزمة صابر. |
وينضو عن المأزوم شقوةَ همه |
ويمحو عن المظلوم نقمةَ جائر |
ويبعث في روح الوجود.. سماحةً |
تطوفُ على الدنيا لربطِ الأواصر |
هنالك حيـثُ الأمـنُ، حريـةُ الورى |
تنال على دستور نهج التآزر |
يـرى الناسُ.. فردوس السلامِ مُجلَّلاً. |
بنور التَّصافي لانجلاء المصائر |
فيسعد منصورٌ. بنُعماء نصره |
ويرجع مدحورٌ بأعباء داحر |
وتنفجرُ الدنيا نشيداُ مُخلداً |
تردده الأيامُ.. ترديدَ ذاكر |
وتُصبح أحداثُ الزمان التي مضتْ. |
أحاديثَ مَلهاةِ العُصور الأواخر |
فيا أيها الساقي، أنلني تفضلاً |
كؤوسكَ من صفوِ النعيم المُجاور |
أنلني وقد طاب الزمانُ مُعاوداً |
عطاياه، من فيضِ المُنى، المتوافر |
لعلك تُشفي بعض ما بي من الأسى. |
وما خلَّفتْه موبقاتُ المخاطر |
هنا اليوم ينبوعُ الثقافة مُترعٌ |
بأكرمِ ما يُحيي طماح المشاعر |
هنا ملتقى حريةٍ، وحضارةٍ |
ومجلى وئامٍ حافلٍ بالذخائر |
ذخائرُ إسعادٍ تفيضُ عدالةً |
على عالمٍ مستيقظٍ غيرٍ سادر |
لعمركَ فالٌ تبتغيه مدائنٌ |
لدينا أضاءتْ بالأماني النواضر |
ليهنأْ جميعُ العالمين، قريبِهم |
وأبعدِهم داراً، بدنيا البشائر |