سلمتَ يا ابنَ "حجافٍ" مثلما سلِما |
مَن في "أزال" يصون العهد والذممَا |
أنت الطبيب الذي يشفي العليل، وفي |
جراب حكمته ما يقتل السَّقمَا |
فكيف بالشعر توري جذوةً خمدت؟ |
وهَلْ، لكي تستعيد اللَّفح والضرمَا؟ |
وهل وقفتَ على دائي الدخيل؟ وهل |
بالشعر تطمح أن تستحييَ الرِّممَا؟ |
وليس دائي في أنفي وحنجرتي |
لكن بقلبي قد استشرى وقد جثمَا |
* * * |
ولو أفاق "ابن سينا" قال مبتسماً |
مهلاً؛ فلا طبّ يشفي اليأس والهرَما |
إن الشباب لُبابُ العمرِ يغنمه |
من كان حرّاً شجاعاً قادراً فَهِمَا، |
وقد حلبتُ من الأيام أشطُرَهَا؛ |
نُعَمى وبُؤسى بحبل الصبر مُعتصِمَا |
وأنت يا "سالم الوافي" تمثل في |
زماننا شعراء العلم - لا جرمَا؛ |
وقد بلغت وفاءً ما يقدّسه |
أهل الوفاء، وقد جاوزتهم كرمَا، |
ما زلت بالصوت ترعى ضيغماً حردت |
عليه غابته، أو عافَها سأما، |
يكاد إن هتف "الإِرزيز" يسمع في |
هتافك الصدق والإِخلاصَ والشممَا |
فتسبح الروح في ذكرى شبيبتها |
وتنتشي وتبيد الهمّ والألمَا، |
وأنت تعرف ما في الصدر من حرقٍ، |
وأنت تعلم ما قد كان وانصرمَا، |
وأنَّ خنجرُ غدرٍ كان يصقلُهُ |
من كنتُ أحسبُه ردئاً ومُعتَصَمَا، |
* * * |
قد التَقَينا وأقسمنا اليمين على |
دستور عدلٍ يصون الحق والذِممَا، |
لكن ما آدني؛ بل ما ورى كبدي |
أن الذي خاننا من ألَّف القسمَا!! |
لذاك هِمتُ؛ ويوم الحشر موعدنا |
وقد أقابلهم في الأرض مبتَسما؛ |
* * * |
أن الذي رغم أخطائي وعجرفتي |
لم أعرف الغدر في عمري ولا النَّدمَا، |
مع العصافير يحيى في الصباح، وفي |
مسائه راضياً يحيى مع العلما، |
"سقراط" و"المتنبّي" و"الشّريف" ومن |
يحاورون "عليّاً" سيِّدَ الحكمَا |
وصوت "شوقي" يغنّي "رِيم قيعته" |
و"الرافعي" وحيُه يستنطق "القلَما" |
ولا يبال خلافاً، أو يخاف سنى |
زهور الجديد، ولا يستحقر القِدَمَا |
الكلّ من طينة غبراء لوّنها |
من لوَّن الزهر والأضواء والبُهُمَا |
نعم ومن لوّن الصِّيد الملوك بلا |
تفريق؛ من شيد "الإِيوان" أو "إرمَا" |
* * * |
يا ابن الوفا؛ أنت في الصحراء تحلب ما |
ترعاه؛ عيِساً كما قد قلت أو غنمَا |
و"كِنتُ" ليس بها عيساً فأحلبها؛ |
قد كاد جوفي يُشْوى لوعةً وظمَا |
النُّوق أرحم من هذي الطيور إذا |
عطشتَ، بل هي أغلى مضرباً وحِمَى، |
سلمتَ يا "سالم الوافي" تظلُّك من |
عناية الله سحبٌ تمطر النِّعَمَا |
وتستضيفك نخلات "الشيوخ" وفي |
ظلالها تتحسى قهوة النُّدَمَا، |
من تلْقَ منهم تقل لاقيت أسمحهم |
كفّاً فقد جاد حتَّى أخجل الدّيمَا |
وكلّ أنسابُهم تُنهى إلى سلفٍ |
قد عاش في "مأربٍ" يوماً وقد حكمَا |
وها هم اليوم يُعْلُون الذي انهدما |
من السّدود ويبنون الذي انحطمَا |
لهم من الشعب محمود الثناء كما. |
يثني عليهم رئيسٌ يحمل العَلَمَا . |
واقبل تحيَّة من لو بثَّ لوعته |
لأحرق الكفّ والقرطاس والقَلَمَا.. |