شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
572- مولد البتول: فاطمة الزهراء
[مسرحية في فصل واحد]:
مصدر المسرحية
قال الإمام محمد بن إسماعيل الأمير في كتابه الروضة الندية في شرح التحفة العلوية: "وأما ما ورد من أنه حضر ولادتها أربع: "حواء" و"مريم" و"آسية" و"كَلْثم" وأنها وقعت على الأرض ساجدة رافعة إصبعها عند الولادة فأخرج الملاَّ في سيرته عن النبي صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل بتفاحة من الجنة فأكلتُها وواقعت خديجة فحملت فاطمة فقالت: إني حملت حملاً خفيفاً فإذا خرجتَ حدثني الذي في بطني فلما أرادت أن تضع؛ بعثت إلى نساء قريش ليأتينها فيلين منها ما يلي النساء ممن تلد، فلم يفعلن؛ وقلن لا نأتيك فقد صرتِ زوجة محمد، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة عليهن من الجمال والنور ما لا يوصف فقالت لها إحداهن: أنا أمُّك حواء وقالت الأخرى: أنا آسية بنت مزاحم، وقالت الأخرى: أنا كَلْثم أخت موسى، وقالت الأخرى: أنا مريم بنت عمران أم عيسى لنلي من أمرِك ما يلي النساء. قالت: فولدت فاطمة عليها السلام فوقعت على الأرض ساجدة رافعة إصبعها". ص: 191-192"الروضة الندية".
* * *
المنظر الأول
كانت أشعة الشمس تودِّع "مكة" المكرمة في نهار يوم من أيام الربيع: والسيِّدة "خديجة" بنت "خويلد" زوج الرسول عليه الصلاة والسلام.. تطوف حول البيت العتيق. و"عليّ" و"بلال" يراقبانها من مقام.. "إبراهيم" عليه السلام، وقد تجمَّع بالقرب من باب الصفا بعض نساء قريش وعجوز تخاطبهن:
العجوز:
هل رأيتنَّها تطوفُ حزينَهْ
قصَّرتْ خطوَها الهمومُ الدفينَهْ؟
لَهْفَتَا؛ كيف ربَّة الجاه والمال.. غدتْ مستضامةً، مسكينَهْ؟
حمَّالة الحطب:
لَهْف؟؟ لا لَهْف؛ تلك عُقبى الَّتي تجحدُ "نسراً" أو من يبدِّلُ دينَهْ!
هند "أم معاوية":
زوجُها، جُنَّ بالسماء فباتَتْ
بالأباطيل مثلَه مجنونَهْ!
أم جهل: "زوجة أبي جهل":
لقَّبوه "الأمين" يوماً فرامتْ
طمعاً أن تكون فينا "الأمينَهْ"!
هند:
شاعرٌ يدَّعي نبوَّةَ "موسى"
و"يهودُ" "النَّضيرِ" لا يعرفونهْ!
قد سألناهم؛ فقالوا: كذوب
ما له من ذكرٍ، ولا يقبلونَهْ؛
و"نصارى" "نجران" و"الشام" هيهات إذا رام نصرهم ينصرونَهْ؛
العجوز تخاطب نفسها في إشفاق:
ولَوِ انَّ "الرُّهبان" قد عرفوا الحقَّ، وهُم في "إنجيلهم" يقرؤنَهْ!
كتموا الحقَّ والشهادة عمداً؛
من ترى يحذرون؟ أو يرهبونَهْ؟
لهفتا.. لفتا؟؟ ويا رحمة اللهِ أغيثي "خديجةَ" المغبونَهْ!!
وتتجه ببصرها نحو السماء قائلة:
ليتني أستطيع شيئاً يجازي
بعض إحسانِها؛ ويقضي ديونَهْ!
غير أنّي رهن "الهُنَيدَةِ" لا أسطيع إلاَّ الدُّعا، وإلاَّ أنينَهْ (1) ؛
ربِّ؛ رفقاً بها.. وتعساً وخسفاً
لقريشٍ من أمَّةٍ مأفونَهْ!
"حمالة الحطب" تخاطب "أم معاوية" مشيرة إلى "خديجة":
هيَ في شَهْرِهَا؛ وعمَّا قريبٍ
ستعاني مخاضَها موهونَهْ!
قد أشرنا لِكلِّ "قابلةٍ" في الحيِّ، أن لا تمدّ كفَّ معونَهْ!
فدعوها تمتْ؛ وخلوا الأَب المجنون يندبْ عجوزَهُ، وجنينَهْ!
هند ساخرة:
ولْيُحَضِّرْ لها ملائكة اللهِ
ومن في سمائه ينفعونَهْ!!
أم جهل:
وليَمُتْ "أبتراً"، ولا وارثٌ يبكي عليه، أو معشرٌ يذكرونَهْ؛
وستبقى "قريش" تعبد "نسراً"
و"يَعُوقاً" والأَنصُبَ الموضونَهْ؛
هند:
ليس غير "العبيد" قد فُتِنَ البعضُ به، والحثالةُ المفتونَهْ
أم جهل:
بالمساواة ساسهم – وهي والربّ "يغوثٍ" دسيسةٌ ملعونَهْ!
حمالة الحطب:
فرَّقت بين "الحرّ" و"العبد" هذا؛ غمطوا حقَّه، وذا يرفعونَهْ
أيّ عدلٍ؟؟ أطينةُ العبدِ تسمو
فَتُسَاوي من عزّ أصلاً وطينَهْ؟!
"فحمةٌ" هذه ورجسٌ؛ وهذي
"درَّةٌ" كُرِّمَتْ وشعّتْ ثمينَهْ
* * *
المنظر الثاني
خديجة في بيتها تقول لعليّ وبلال: أسرعا بإفطار رسول الله ثم تستلقي متعبة وتقول:
ربِّ قد أذنبتْ "قريشٌ" وها هُم
يعشقون الضلال؛ بل يعبدونَهْ:
لا نرى غير كافرٍ، أو لعينٍ،
زوجه مثله كفورٌ لعينَهْ؛
جانفوا شرعة "الخليل" أبيهِمْ،
وأماتوا المكارم المسنونَهْ؛
قد أتاهم "محمَّدٌ" منكَ بالذكر
بشيراً؛ وهو الذي يعلمونَهْ؛
صادقاً؛ لا يخون عهداً، ولا يخلف وعداً، ولا يطيش رعُونَهْ،
جاءهم بالهدى فصدُّوا ضلالاً،
وتمادوا في غيِّهم يجحدونَهْ،
* * *
ربِّ قد أغرقت "قريش" نساءاً
ورجالاً؛ وأمعنوا في الضعينَهْ!
قد أخافوا حتَّى "القوابل" كيما
يرهقون الجنين، أو يقتلونَهْ!
ربِّ؛ ماذا جنى الجنين؛ فلا يُعطَى حقوق الولادةِ المأمونَهْ؟
صوت من السماء:
حفِّفي الهمَّ يا "خديجة"؛ فاللهُ سيرعى "بتوله" الميمونَهْ!
خديجة تفتح عينيها وتتمتم:
بتُولَهُ! بتُولَهُ!؟
اسمٌ لأنثى رابعَهْ!
ستنتشي "هندٌ" و"أمّ عَمْروٍ" المخادعَهْ؛
و"أمّ جهل" ستهبُّ ليغوث خاشعَهْ!
شاكرةً إفضالَهُ
ساجدةً، وراكعَهْ!
ثم تستعيذ بالله من الشيطان وتقول:
ربِّ؛ هلاَّ أكرمْتَني بغُلامٍ
"هاشميّ" يهدي لقلبي السكينَهْ؛
فلقد أزعجتْ نساء "قريش"
بالأقاويل صبرَه، ويقينَهْ؛
ولهنَّ الذكور تعطي؛ ولي تمنح ما يدفنون، أو يكرهونَهْ!
أَلأنّي قد كنتُ أوَّل من أَسلم شرَّفتني بما يدفنونَهْ!؟
رب عفواً إذا شطحْت؛ فلي مُهْجةُ أمٍ مظلومةٍ مَحزونَهْ؛
وتشتد أوجاعها فتغمض عينيها متأوهة.. وفجأة ينفتح باب غرفتها فترى أربع فتيات عليهم ثيابٌ سماوية اللون وهن يقلن:
سلامٌ على أمِّ خير البناتْ،
سلامٌ على أشرف الأمهاتْ!
سلامٌ على أوَّل المسلماتْ،
ومن زوجها سيِّد الكائناتْ
خديجة تفتح عينيها وتبتسم، وتحاول أن تنهض قائلة:
سلام عليكنْ؛ سامحنني
إذا كنت لا أستطيع الحراكْ؛
وأهلاً وسهلاً؛ وقد جاءني المخاض؛ وفيهِ أحسُّ الهلاك!
الأولى؛ وخمارُها أخضر:
أنا "حوَّاء" قد بعثتُ إلى الأرض لأستقبل "البتول" الطهورَهْ،
وأحيّي من أبدع الله منها
للتقى والإِيمان أجمل صورَهْ،
الثانية؛ وخمارها أسود:
وأنا "مريمٌ" هبطتُ لكي أنفخ فيها روحَ الفداءِ ونورَهْ؛
وأحيِّي جيشَ الشهادة؛ أحفا
د بنيها من صابرٍ وصبورَهْ
الثالثة؛ وخمارها أصفر:
وأنا من لقَطْتُ "موسى" من اليمِّ، وعنه "فرعون" ذُدْتُ شرورَهْ،
الرابعة؛ وخمارها أحمر:
وأنا "كَلْثَمُ" أُخْتُ "موسى" و"هارون" الذي كان ردئَه ووزيرَهْ
حوّاء:
قد بُعثنا "قوابلاً" لفتاةٍ
ببنيها؛ سيحفظ الله دينَهْ؛
خديجة:
شكر الله سعيَكُنَّ؛ وقد كرَّم ربِّي رسولَه، وأمينَهْ؛
وتدمع عيناها قائلة:
ليت خلّي "محمداً" يجتليني
فيصلّي؛ ونفسُه مطمئنَّهْ،
إنَّه في "حراء" يعلم أنّي
من همومي ووحشتي في أكنَّهْ؛
و"بلال" لا شك – قد بث شكواي إليه؛ ووحدتي المرجَحِنَّهْ؛
وروى البغيَ عن نساء "قريشٍ"
والذي قد أبرمْنَ مِنْ مَكرِهِنَّهْ،
حوَّاء:
لا تخافي بُنيَّتي؛ إنه يعرف؛ بل يشهد الذي تشهدينَهْ
قد مررنا عليه في الغار نهديه سلاماً من ربِّه وسكينَهْ
خديجة:
و"عليّ" هل كان قد جاءه بالتَّمرِ والماء كي يبلَّ وتينَهْ؟
حوَّاء:
قد رأيناهُ جنبَه خاشعَ الطرف يولّي شطر السماءِ جبينَهْ؛
نشيد مولد الزهراء
ويتصاعد ضباب نوراني تتحرك في أحشائه هياكل السيدات؛ ويقع هيكلٌ لطيف على الأرض لصغيرة ترفع إصبعها ساجدة! ويتعالى نشيد رتيب حنون:
تعالى الله! ما أقدرْ؛
وجلَّ الله ما أكبرْ!
سلام الله؛ ما أزكى؛
سلام الله ما أطْهرْ!
سلام الله ما أزهى؛
وما أبهى، وما أبهرْ،
* * *
هي "الزهراء"؛ سبحان الذي لكيانها صوَّرْ؛
جلال الحقِّ في العينين كالصُّبح إذا أسفَرْ؛
يحوط قوافلَ الشهداء؛ نسل "شبير" أو "شبَّرْ"،
ومن يأمر بالمعروفِ، أو ينهى عن المنكرْ،
* * *
هي الزهراء، قبل الكون؛ باري الخلق قد قدّرْ،
بأن تحفظ للأجيال سرّ قرينها، "الأزهرْ"
يصونان كتاب الله حتى يراد المحشَرْ!
* * *
بفاطمةٍ رسول اللهنال جزاءه الأوفَرْ؛
حباه بها، وأكرمه
فأعطاه بها "الكوثرْ"،
وبات وذكره الأبقى،
وشانئه هو الأبتَرْ.
[حوَّاء، ومريم، وآسية، وكَلْثَم يتهيأْنَ للإِنصراف].
حوَّاء:
إِيْه: "أمّ البتولِ"، و"الكوثر"الدفَّاق بالطهر، والهدي والجلاَلهْ
شرَّف الله قدرنا، حينَ أحيا
نا لكي نخدم الرسولَ وآلَهْ!
مريم:
ونُحيِّي الفداءَ في أمِّ أزكى
أسرةٍ في الورى، وأنما سُلالَهْ
آسية:
خمسةٌ طُهِّروا؛ وهُمْ نطفٌ في الغيبِ، كيْ يحملوا حقوقَ الرسالَهْ
كلثم:
قرناء القرآن؛ والحَكَمُ الفاصلُ بين الهدي وبين الضلالَهْ
صوتٌ من السماء يُعرِّج على غار "حراء" ثم يتحدر كقوس قزح إلى بيت "خديجة" و"فاطمة" قائلاً:
آل بيت النبي: لا زلتمُ الهدْيَ الذ أَهْلُ ودِّهِ يتبعونَهْ
أنتم النور في الدياجي لمن ضلَّ، وأنتم للغارقين السفينَهْ
آل بيت النبي؛ أنتم عيون العدل بين الورى فصونوا عيونَهْ!
لا تُضِيعوا عهدَ "المودَّة في القربى"
"فلا أجر غيره تأملونَهْ؛
حظّكم في الدنيا "المودَّةُ"؛ لا "الأمر"؛ فخلُّوا متاعَهُ وشؤونَهْ؛
ودعوا "الأمرَ" للألبَّاء ممَّنْ
يصطفيه الأنام؛ أو يرتضونَهْ؛
واستقيموا على الطريقةِ؛ بالإِحسان، والعدل جهرةً تأمرونَهْ
وتظهر لوحة خضراء كُتِبَ فيها بمداد من نور البيتان المشهوران للإِمام محمد بن إدريس الشافعي:
"يا آل بيت رسول الله حبّكمُ
فرض على النَّاس في القرآن أنزلَهُ"
"يكفيكم من عظيم الفضلِ أنَّكمُ
من لم يُصَلِّ عليكم لا صلاة لَهُ".
ويتعالى نشيد "مولد الزهراء" من جديد:
تعالى الله ما أقدرْ
وجلَّ اللهُ ما أكبرْ
…إلخ، إلخ.
[ويُسدل الستار]
أورلاندو "ويلت دزني"
الأربعاء: 13 ربيع الآخر 1406هـ
25 ديسمبر 1985م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :536  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 602 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج