ألا من يبلغ الخبرا |
صديقاً حجَّ واعتمرا؟ |
أكان وفاؤه ذنباً |
فحجَّ لذاك، فاغتفرا! |
وعند النحر، هل لصداقة |
"الأخوين" قد نحرا!
(1)
|
وهل نفرتْ مودَّتنا |
بيوم "النفر" إذ نفرا؟ |
وهي طويلة جداً؛ فأجاب عليه بما يلي: |
أخي: أنَّى يصير الودُّ |
فيما بيننا هَدَرا؟ |
وكيف تقول: إن الحبَّ |
ّقد أودى، وقد قُبرا؟ |
وكيف تظن أني أسمع |
أواشي ومن "هدرا"؟ |
أإمَّعةٌ تراني؟ أم |
غَبيّاً؟ أم فتى ضجرا؟ |
وكيف تقول في عتبكَ |
بيِّن ما الذي صدرا؟ |
ولم يصدر سوى ما يخلب |
الألباب والفِكرا؟ |
ولم يصدر سوى الذي يُطرب |
والدرِّ الذي نثرا |
ومن إفضال ذي خلقٍ |
كريم؛ ينقد البشرا |
فلا يختار خلاًّ غير |
من جلَّى، ومن قدرا |
وقد كنت أنا الجاني |
وها قد جئتُ معتذرا |
* * * |
أتذكر في المخادر إذ |
أتيت إليك منحدرا |
وكان "المُفْرح" العامل |
يحيى عيشَه الفقرا |
وأنت الكاتب النحرير |
تنفي الهم والكدرا! |
قرأنا في ظلال النو |
ر شعراً يلتظي شررا |
يناجي الشعب أن يثأ |
ر حتى يدرك الوطرا
(2)
|
فقلت؟ وما تراه؟ نَثورُ؟ |
قلتُ: نعمْ، فقلتَ: هُرا |
وكيف؟ وما لَنَا جيشٌ |
وكلّ ولاتنا أُمَرَا |
وماجَتْ بَيْنَنَا الأيَّام |
نجْني شوكَها زهَرا |
ونقطفُ مِن مآسيها |
ومن أحداثها العِبَرا |
وكانَ "الصِّلح" واسْتَعْلى |
به الدستور مُنتصرا |
وكانَ الصَّوتُ قد أشْر |
ب بالإِيمان، وانصهرا |
وفي لهفاتِه قد ذابَ |
ما اسْتَخْفَى، وما ظهرا |
هو الخاشعُ؛ يتلُو إنْ |
صحا الأورادَ، والسورا! |
يحاور من يجادلهُ |
بمنطقه؛ وإن سَكِرا |
روَى الأشعارَ والأخبا |
ر فناناً وإن سخرا |
وإنْ خانتْه همَّتُه |
ولاقى الذلَّ، واندحرا |
أهابَ بصبْره، وجثا، |
لمحراب الدُّجى، وسَرَى |
يُناجي قصصَ الأبطال؛ |
مُنْتَصِرا، ومُنْدَحِرا..! |
ومَن وافى منيَّته |
بلا هَلَعٍ، ومن ذعرا |
ومن فِي عزَّةٍ.. قَدْ سَـ |
ـف كاسَ السمِّ، وانتحرا |
ومَنْ مِن بعد أن عَثرا، |
بهمَّة حِذْقِهِ ظفرا..! |
ومَنْ مِن بَعْدِ أنْ ظفرا |
بحِدَّةِ حُمْقِهِ عَثرا |
هي الدنيا؛ فكمْ رفعت |
ذليلاً كان مُحتقرا |
وكم خُفَضَتْ بلا ذنب |
عزيزاً كانَ مُقْتَدِرا! |
وأقسم ما نسيتُكَ أَو |
قلوتُ الكُتْبَ، والذِّكَرا |
ولكن عذْتُ بالبَيْتِ العتـ |
ـيقِ، أحجُّ مُعْتَمِرا |
وسِرْتُ إلى "حَبيب |
الله" مشتاقاً، ومُعْتَذِرا! |
وكنتَ معي تناجيهِ، |
وتحكي ما مَضَى وجَرى |
وكانت "أيُّ" في النجْوى |
"ضميراً" ليس "مستترا"
(3)
|
فقد سَطَعَ الحديثُ بِهِ، |
شذىً "مُسْتَقْطِراً" عَطِرا |
وأمَّنَ كلُّ مَنْ صلَّى |
وزارَ "القبر".. مُدَّكِرا |
أخي إن شئت أن تعـ |
ـرف من بالجدِّ قد ظَهَرا |
ومن بالحقد والأطما |
ع نال الذلَّ، والضررا |
ومن بالمجد والنَّخْوة |
حازَ الفوز، والوطرا |
فخذْها قصَّة عجباً.. |
لشَهْم فارسٍ ثأرا
(4)
|
تجشَّم كلَّ نائبةٍ |
شديدَ البأسِ مُصْطبرا |
وعانق عزمُهُ الأهوا |
لَ، والآفات والخطرا |
فأدرك ما يؤمله |
من الأمجاد، وانتصرا |
شريدٌ في "الكُويت" سَمَا |
إلى العلياء، وابتدرا |
وشيَّد دولةً كبرى |
وكانت قبله صَحَرا..! |
ترى الفيصَل، والما |
جدَ، و المقْدَامَ، والحذِرا |
وكلّ سميدع شهم، |
كريم يبذلُ الصَّررا |
لهم مثل الأُلَى سبقوا |
قبابُ ندىً، ونارُ قِرى |
أنحسدُهم، لأنَّ الله |
أكرم أرضَهم قَدَراً!؟ |
وهُمْ ما أهملوا جاراً، |
ولا هدموا له أثرا! |
أنا الشاكِرُ، والذاكرُ |
لِلْمعروفِ؛ مُفْتَخِراً! |
ومَنْ لم يدخر شكراً؛ |
لإِحسَانٍ، فَقَدْ كَفرا! |
وهُمْ من أكرموا نُزُلي، |
ومَن آوَى، ومَنْ نَصَرا |
وأما ما ادَّكرت؛ وما |
أجلَّ الحرّ مُدَّكرا! |
وما قد قاله في مجـ |
ـمع "الحَابُورِ" من بَطِرا؛ |
بِأَنَّكَ خلّ مَنْ بِهِمُ |
مَضى في الأرض واندحَرا |
فدعْ نَهْباً يُصَاحُ بِهِ؛ |
مَنِ استَغْنَى به خَسرا |
كبيرهُم الَّذي اسْتَعلى |
بما قد قالَهُ.. صَغُرَا |
وقد أخزاه بالحجةِ |
فحلٌ ينثرُ الدُرَرا |
إلى "أريان" بيتِ الفَنِّ |
والمجد الَّذي اشتهرا |
يُعَنْعِنُ مَحتدَ الأفذاذ |
والأبرارِ، والشعرا |
تأمُرهُمْ على الأدَبا |
ءِ قد سمُّوهُ "مُؤتَمرا" |
وقد شهدته كَوكَبَةٌ |
من العلماء والكُبَرا |
تمنَّى بعضهم لو أَنَّهُ |
ما جاءَ، أو حَضرا |
فقد سمعوا فنونَ اللغو |
والإِفك الَّذي ظهرا |
على الإِحسانِ مَجحُوداً |
على الإِيمان مُنْقَهِراً |
وقد فتحوا "لِعَلْوانٍ" |
وسَيْفٍ كلّ باب فرى |
فقالوا نحنُ قد جئنا |
هُنا؛ كي نُمعنَ النَّظَرا |
نجدِّدُ كل ما في الكون |
حتَّى الشمس والقمرا |
ونَنْقُلُ هَا هُنَا "نُقُماً" |
ونقلعُ مِن هُنا "صَبُرا" |
نعمرُ في الهوا قَصْراً |
ونغرس حَوْلَهُ الشجرا |
* * * |
أخي فاعجب، ولا تحزن |
عليهم، واذكرِ السّيرا |
فما برحت حشود البغي |
ترمي نَحْونا الغِيرَا |
تسلّط كل ذي جهلٍ |
على آدابنا.. بَطَرا |
يعيثُ بها، ويُرْهقُها |
ببُطْلِ هُرائه أَشِرَا |
ولكن بُطْلَه سَرْعان |
ما ينهارُ مُنْدَثرا |
ويبقى الحق يتلو الشِّعرَ |
بالأَوْزَانِ، والسّورا! |
سحابةُ صَيفهم ستَبيدُ |
مُجْفِلةً.. وسوف ترى |
وهَا قَد جئت مُعتَذراً |
فَوارِ الذَّنبَ؛ مُغْتَفِرَا |