شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
532- دَمعَة اليمَن السَّعيد..!
[عَلى أبي سَلمى.. أُنشدت في حفلة ذكراه بلندن]:
للمجدِ والشرفِ التليدِ، للصَّبر، للحق الشَّهيدِ
للعلم، للأخلاق، للآداب، للرّأي السَّديدِ
أمضَى، "أبو سَلمَى" حَياة الثائر، الحرِّن العنيدِ
يشوي عواطفه، ويصهرها.. على لَهبِ القصيدِ
ويصوغها لَهفات مأسور يُصلي في القيودِ
طوراً مُولولة، وآونةً تجلجلُ.. كالرُّعودِ
ولقد يوقعُها فترقصُ كلُّ ذرّات الوجودِ
وتكادُ تجذِبُ قاصرات الطَّرفِ من دار الخلودِ
تبكي العدالة وهي تجأرُ بينَ أنياب "اليهودِ"
وتؤنِّب الأسيافَ قد هجعتْ طويلاً في الغمودِ
تشدُو، وتهتفُ "بالشآمي"، و"العراقي"، و"السَّعودي"
والقومِ في "وطني"، وهُمْ ما بين "قات"، أو هُجودِ
كيْ ينهضوا، ويمزِّقوا حجُب الجهالةِ، والجمودِ
"عبد الكريم"، و"صنوه"، نجمان في فلكٍ فريدِ
"حسنانٍ" في الآداب، والأخلاق، والحسب التَّليدِ
هذا يُحاور "سيبويه".. وذاكَ يروى عن "لَبيدِ"
ذاكَ "ابن هاني"، في قصائِده، وهذا "ابن العَميدِ"
قَطفا "كرومَ" الفن، والشِّعر المعتق، والجديدِ
وتوزِّعاهُ فارسيْن، مُظفرين، بلا نديدِ
العالمُ النحريرُ يملأ صوتُه سمعَ الوجودِ
"قولٌ علىَ قولٍ" بِه، ما شئت.. منْ أدَب مفيدِ
والشاعر الغرّيد، يعبثُ بالنهى "عبث الوليدِ"
يُنشي القصائد كالعرائِس للمتيمِ، والعميدِ
ويذيبُها في كأسِه لهباً يُعربد بالنشيدِ
روح تُصلّي للوعود… ولا تخاف لظَى الوعيدِ
قد تيَّمتها قوةُ الإِيمان.. بالنَّصر الأكيدِ
رُحمى "أبا سَلمى"، ولا تسألْ.. فما إن من مزيدِ
والحالُ، ما زَالت.. كما فارقَت.. في كربٍ شديدِ
كلٌّ لَهُ وطن، سوى هذا "الفَلسطيني" الشريدِ
ما انفكَّ يرحلُ ثلثَ قرنٍ.. تائهاً في كلِّ بيدِ
بينَ العواصِفِ صابراً، أو رابضاً خلفَ الحدودِ
يُصغي إلى الأقوال: تُنشئُها، عباقرةُ "الوفودِ"
"عبد الكريم"، وهاكَها شكوى القوافي، والقصيدِ
عاثوا بأوزانِ "الخليلِ" وبالبيانِ، وبالعمودِ
هدموا بيوتَ الشعر.. فانْهارتْ تُحشرجُ بالنشيدِ
ترثي قوافي "الأخطل" العربيد و"الملك الطَّريدِ"
وسُهاد "جروَلَ"، وهو ما بينَ المهامِه والنُّجودِ
كالجرو يعْوي، يرصُد الأوزانَ في لحنٍ شرودِ
لِيصوغَها في شعره عقداً من الدُرِّ النضيدِ
لم يعقلوا أنَّ القوافي في "الخفيف" وفي "المديدِ"
مثل "المقاطع" في "اللّحون"، وفي "النقوش"، وفي "العقودِ"
والشعر موسيقى، ولا نغمٌ بلا وتر و"عودِ"؛
"عبد الكريم".. وأنتَ في غُرفات جنّات الخلودِ
وأنا "حبيسُ" الذكْريات، وخدن أخبار "البريدِ"
عفتُ السياسةَ، بل وعافتني، فقد كلتْ جهودي
وحبستُ نفسي، حارسي قَلمي، وأوراقي قيودي
والكتبُ صحبي، والقناعةُ والمحبةُ من شهودي
هذي تحيةُ شاعر يرنو إلى الأفقِ البعيدِ
يترقبُ الأجلَ الهصورَ بمقلة العاني العنودِ
أو لمحة الحُر المريدِ، أو نظرة الشيخ القعيدِ؛
هي دمعة الحُلمِ اليتيم، على مُنى الأمل الشهيدِ؛
طفرتْ لذكرى وقفة بيني وبينكَ في "الصعيدِ"؛
في "مصر"، و"الأصواتُ" تهتفت بالوعود، وبالوعيدِ
وأنا بأحلام الشباب أهيمُ في عيشٍ رغيدِ؛
قد قلتها: .. لا بالوعود، ولا الوعيد، ولا العهودِ
بلْ بالجحافل، والقنابل، والمدافع، والجنودِ
بلْ بالفداء، وبالضّحايا تحت رفرفةِ البنودِ
ومقانب الأبطال تزحفُ في السهول وفي النُّجودِ
سَنعودُ.. أو أبناؤنا رغم المكابرِ، والجحودِ
"قُدسي"، "فلسطيني"، مرابعُ صبوتي، وثرى جدودي؛
* * *
واليوم ماذا؟ ها هُمو الأبطالُ بالعزمِ الأكيدِ
وجحافلُ الأحرارِ من "حَلبٍ"، إلى "بلد الرَّشيد"
وهِضاب "تطوانٍ" إلى "أحُدٍ" إلى "اليمن السَّعيدِ"
يتنافسون على الشهادةِ كالفهودِ، وكالأسودِ
* * *
مَن ذا أعزّي في الفقيد؟ مَن ذا أكرمُ في الفقيدِ؟
أأخاهُ؟ أمْ زملاءهُ؟ أمْ كلَّ مُغتربٍ شريدِ؟
أمْ منبر "القدس الشَّريف"؟ أم الأشاوس في الحديدِ؟
أمْ كل مُبتهلٍ "بإنجيل"، و"قرآنٍ" "مَجيدِ"؟
* * *
لو شئتُ قلتُ: ومَن "بصَنْعا" من جحاجحةً وصيدِ؛
نشأوا على أشعاره، وتلقَّنوها في المهودِ
كانتْ "زواملُهم" وهمْ بينَ السَّلاسِل والقيودِ؛
وتكاد تذكر في القيامِ، وفي الركوع وفي السجودِ
ويُودعونَ بها الشهيدَ… وينشجون على الطَّريدِ
* * *
يا مزنةَ الرَّحماتِ جفَّ الدمعُ، فانتحبي، وجُودي؛
قد جفَّ من طُول البُكاء على المقابر، واللُّحودِ
يا مزنةَ الرحمات.. فانتحبي معي -حَدباً- وزِيدي؛
زيدي. بما يَشفى أوامَ الروحِ من عَطشي المبيدِ؛
"ذهب الَّذين أُحبُّهم"
وبقيتُ كالطيرِ الوحيدِ
أبكي بلا دمعٍ ولكنْ…
باللُّحونِ وبالقصيدِ
بروملي: 23 صفر سنة 1401هـ
30 يناير 1980م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :322  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 562 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الأول: خميس الكويت الدامي: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج