كَمْ أبكي أهلي، وأرثي صحابي |
وأعزّي بموتهمْ أترابي |
أتراني خلقتُ للدمع، أم قدْ |
أرصدتني الأقدارُ للأتعابِ؟ |
كلما كاد يرقأُ الدمعُ وافى |
نبأ آخر يُثير اكتئابي |
ويْحنا، ما الذي جنيناهُ حتّى |
نبتَلي بالمصابِ إثر المصابِ؟ |
* * * |
كنت أبكي بالأمس دُرة مجدٍ |
هجعتْ في "البقيعِ" بين الصِّحابِ |
بعدَما قد بكيتُ "أمي"، ومن |
مِتْنَ شهيدات المجد والاغترابِ؛ |
وأنا اليوم أندب المجد قد جَاهَد |
جهْد الأسَى وجهدَ العذابِ؛ |
في ابنهِ "المرْتضى" "خديجة" من فَا |
زَتْ بقرب المُهيمنِ التوابِ |
نشأتْ كالزُّهور تمرحُ بالعطرِ، |
وماتَتْ ملفوفةً بالشبابِ؛ |
فعزاءً يا أهلها، وعزائي |
صادقٌ، خالصٌ من الأوشابِ؛ |
وهيئاً يا أمَّها، فلقد نلتِ |
بها عند الله حُسْن الثوابِ |
ورثتْ منكِ فضلَها، وبهاها، |
وتغاضي التقْوى ولطْف "الجنابِ" |
جدّها "راغب" أبوك، وقد كا.. |
ن عظيماً مجاهداً لا يحابي |
مؤمناً لم يُصِخْ لصوتِ "أتاتُورك" |
ولا للكفَّار والأحزابِ |
وجفَا قومه و"هاجرَا" حُرّاً |
يتحرى صِراط أهل الصوابِ |
وهوَ من كان "مستشاراً بمُوسكو" |
عارفاً بالرؤوس والأذنابِ |
إن يكُنْ فاتني البكاءُ عليه |
حينما أودعوهُ تحتَ الترابِ |
فلقد ماتَ حينَ كنتُ غريباً |
أتمنى الممات مِن فرط ما بي |
غير أنِّي كالطِّفل أجهشتُ حُزناً |
واعتباراً، وعفتُ حتى شرابي؛ |
كيف أنسَى فضلاً لهُ كان يُوليني |
به دون سائر الأترابِ؟! |
ومراراً قد زرتُه مع "فخري" |
وهو في "منظر" الفنون العجابِ |
حيث يزهو "التاريخُ" فيها على |
الفنِّ، ويزدانُ العِلم بالآدابِ |
وحباني بنصحِه دون كبرٍ |
بل حنان الأحبابِ بالأحبابِ؛ |
* * * |
وأنا اليوم في "حفيدته" أبكيه، |
رغم المدى، ورغْمَ اغترابي |
عارفاً أنه تفانَى وضحَّى |
ناصحاً للولاة والأصحابِ..! |
كيف أرثي "خديجة" ولقد قا |
سَت كثيراً من قسوة الأوصاب!؟ |
لحِقتْ "صنوها" الذي عاش في |
الأرض نقيَّ الضمير والآرابِ، |
وَبشوشاً فلا يُباهي بجاهٍ |
أو بمالٍ ولا بفضل انتسابِ |
وقنوعاً قد ظل، حُرّاً فلم يخضعْ |
لوهْمِ المُنى، ولا للكذابِ؛ |
* * * |
فسلام عليك، قد عِشت في |
الدُّنيا سؤالاً يبكي بدون جوابِ |
عشْتِ في الأرض كالغريبة لمَّا |
كنت أسمى ممن عليها يحابي |
لم يكنْ أهلُ الأرض أهلاً لما في |
قلبك الحُرّ مِن مُنى ورِغابِ |
كنتِ في حسِّك المطهر معنىً |
يزدري نبلُه بكلِّ الصِّعابِ |
كنتِ لا تحملين حقداً، ولا |
تَدرينَ معنى للؤم والارتيابِ؛ |
كنتِ تبغينها سناً، وسلاماً |
لبني الأرض دون أي اكتِئاب؛ |
* * * |
نعم ما قد حبوتِ أمك من |
أجرٍ وفضل، ومنةٍ، وثوابِ |
وقليلٌ هُم الأُلى يمنحون "الأمّ" |
في الأرض أمن يوم الحسابِ |
فلقد صابَرت، وعانتْ وقاستْ |
فيكِ ما لا يُطاق من أتعابِ |
فهنيئاً لها بما قدَّمت من |
عَمل صالحٍ ليوم المآبِ |
وسلامٌ عليكِ ما لاح نجمٌ |
أو همى في السُّهول غيث السَّحابِ . |