شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
525- دَعوَة (ذي رُعين)
[وبعث إليَّ الشاعر أحمد المعلِّمي بقصيدة "اغترابية" عنوانها "أنين" ومطلعها: "هذه الأشواق تَسْتعر* وفؤادي الصبُّ يَنْفطرُ".. فتذكَّرت ما قاله "ذو رُعين". و"أسطورة السَّهر"؛ وغدر "حمير" وقصة "الدستور"، فقلت]:
لا تلُمْهُمْ إن هُمُ سَدروا
في مآسيهم وما ادَّكروا؛
إنَّ ما قد كابدوه من الهمِّ
لا يُبقي، ولا يذَرُ!
ولكمْ ليلٍ به خَشعُوا
يَرقبون الفجر.. وانتظروا؛
فإذا بالنّور أظلمُ مِن
ليَلهمْ، والصبحُ مُعتَكرُ!
لا تَلمهُمْ؛ إنهم بَشرُ
ما هُم صخْر ولا بَقرُ..!
طالما باتوا عَلَى أملٍ
ثمَّ هَبّوا.. وهو يَنْتحرُ،!
ألف عامٍ؛ والدعاء على
ألسُنِ الدّاعين يَنْصهرُ؛
وبها الأنَّات ضارعة
يلتظي في بَوْحِها الشررُ؛
واليَتَامى في مضَاجعهم
حولَهمْ قد خيّمَ الكدَرُ
ومآسي الأمسِ ما بَرحَتْ
أدْمعاً تَهمي وتَنْهمرُ؛
وَرُؤاها في خَواطرهم؛
تَتَجلَّى ثم تَنْحَسِرُ؛
تَتَنَاجى في مَشاعرِهِم
صورٌ تَجتاحُها صورُ!
* * *
لا تلُم مَن قام مجتهداً
للعُلاَ والمجد يبْتَدِرُ؛
وتفانى مُخلصاً، وسَمَا؛
ثائِراً للحقِّ يَنتَصرُ
ثم ولّى خائفاً جزعاً،
أو توانَى وهْو مُنذعر؛
إنّ أقوالَ الألى نَصحوا
جَمجَمَتْ بالمكْرِ تَدثَّر!
مأرب عنْه النفاقُ سَرى
في هَشيم الجهل يَستعر،!
ليلة "الدستور" حين طَغَت
ظُلَم بالرُّعب تنفجرُ
همَس المهزومُ مُرتعِداً
لِفَحيح البطشِ يعتَذرُ
مَقسماً ما إنْ أتى شَطَطاً،
أولهُ في خدْعةٍ وطَرُ!
وتمادى خوفه هَلَعاً،
ودهاه الحزنُ والخورُ؛
وصلاة العزّ تحضنُهُ
ودموعُ الذل تَنْهمِرُ!
لا تلُمه؛ إنّه بَشرُ
عهده؛ قد خانَهُ البَشَر!
غدروا عَمداً، وقَد حَلَفوا
وعَلَيْهم تَشْهَدُ السُّورُ!!
وصحا فَجراً وقَد هربوا
وإلى أعدائه.. نَفَروا؛
وأتوه ينشدون دَماً..
هُم أباحوه. وهم هَدروا.!
كيفَ خانوا العهدَ وانقلَبوا
وهُم بالأمسِ منْ ثأروا؟
ثمّ باعُوه وما علموا
أنَّهم بالبَيع قد خسروا؛
* * *
كيف لا يَقْضي بحَسرته
شاعرٌ يصحو فَيدَّكرُ؟
كلّما لجَّ الهيامُ بِه
لَجت الآلام تشتجرُ!
وإذا ما الأمس طلَّ على
يومِه كالشيخ يحتضرُ؛
ضجَّ في أحشائِه غدُه
مثل طفل مَسَّه الضجرُ
أينَ يومُ الحشرِ؛ قد سئمتْ
مُقْلةٌ للحشر تَنتظرُ؟!
* * *
يا صديقي إن تكن شَمَماً
بعد أن قَد نالك الضّرُ؛
سِرتَ؛ لا تلْوي على أحدٍ
ولَظى الأشواق تَستعرُ
ذَاكراً "قحْطان" من قُحطَتْ
أرضُه؛ إذا أجْدب المطرُ!
والَّذي قد "مَاضَرَ" البؤسَا
مُستضيفاً واسمه مَضَرُ
فلقد أغرقْتَ مفْتخراً
والَّذي يَضطر يَفتخرُ!
شُغفوا بالتّيه واندمجوا
بالأغاني فيه وانْصهروا!
وكؤوس الرَّاح دائرةٌ
وشَذاها فائح عَطِرُ؛
والندامى كلما انْذعروا..
عاقروا الصَّهباء وانعَقروا!!
إن غَفَا لَيلٌ لهم سهروا
أو صحا صبح بهمْ سكِروا
لم يَعُد شيء بكونهم
يُرتجى؛ إِلاَّ به سَخِروا!
وحديث "القاتِ" في شبق
إذ به تُستأنفُ الذكر
حين تسري في مفَاصِلهم
مِنه راحُ البشْر، والخَدرُ!
لا تلمْهُم؛ إن هُمُ نثلوا
جَعْبة الأشعار أو نثَروا
كانَ لِلأحداث مبتدأ
والَّذي نحيَا.. هُو الخبرُ!
* * *
يا أخي؛ ماذا إذا انبجَرتْ
بجرُ الأسرار والعجَرُ؟
فهي في تاريخنا نتنٌ
يتَوقّى نَفحهُ الحذرُ
"ذو رعينٍ" قالها بَرِماً
وهو للأجيال يعتذرُ
باعَهم من جفنه سهراً!
هل بنوم يُشْتَرى السَّهرُ؟
يطلبُ الغُفران إن مكرتْ
"حميرٌ" بالقيلِ؛ أو غدروا!
صوتُ حُرٍّ من بني "يمن"
ظل في الأعْصار ينحدرُ
ما تلاشى وهْوَ منتقل،
أو تَوانى وهو مُنتظِرُ!
ثم وافانا عَلَى قدرَ
وهُو التاريخُ والقدَرُ
بروملي: 3 ذي الحجة 1399هـ
24 أكتوبر 1979م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :317  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 555 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج