لا تلُمْهُمْ إن هُمُ سَدروا |
في مآسيهم وما ادَّكروا؛ |
إنَّ ما قد كابدوه من الهمِّ |
لا يُبقي، ولا يذَرُ! |
ولكمْ ليلٍ به خَشعُوا |
يَرقبون الفجر.. وانتظروا؛ |
فإذا بالنّور أظلمُ مِن |
ليَلهمْ، والصبحُ مُعتَكرُ! |
لا تَلمهُمْ؛ إنهم بَشرُ |
ما هُم صخْر ولا بَقرُ..! |
طالما باتوا عَلَى أملٍ |
ثمَّ هَبّوا.. وهو يَنْتحرُ،! |
ألف عامٍ؛ والدعاء على |
ألسُنِ الدّاعين يَنْصهرُ؛ |
وبها الأنَّات ضارعة |
يلتظي في بَوْحِها الشررُ؛ |
واليَتَامى في مضَاجعهم |
حولَهمْ قد خيّمَ الكدَرُ |
ومآسي الأمسِ ما بَرحَتْ |
أدْمعاً تَهمي وتَنْهمرُ؛ |
وَرُؤاها في خَواطرهم؛ |
تَتَجلَّى ثم تَنْحَسِرُ؛ |
تَتَنَاجى في مَشاعرِهِم |
صورٌ تَجتاحُها صورُ! |
* * * |
لا تلُم مَن قام مجتهداً |
للعُلاَ والمجد يبْتَدِرُ؛ |
وتفانى مُخلصاً، وسَمَا؛ |
ثائِراً للحقِّ يَنتَصرُ |
ثم ولّى خائفاً جزعاً، |
أو توانَى وهْو مُنذعر؛ |
إنّ أقوالَ الألى نَصحوا |
جَمجَمَتْ بالمكْرِ تَدثَّر! |
مأرب عنْه النفاقُ سَرى |
في هَشيم الجهل يَستعر،! |
ليلة "الدستور" حين طَغَت |
ظُلَم بالرُّعب تنفجرُ |
همَس المهزومُ مُرتعِداً |
لِفَحيح البطشِ يعتَذرُ |
مَقسماً ما إنْ أتى شَطَطاً، |
أولهُ في خدْعةٍ وطَرُ! |
وتمادى خوفه هَلَعاً، |
ودهاه الحزنُ والخورُ؛ |
وصلاة العزّ تحضنُهُ |
ودموعُ الذل تَنْهمِرُ! |
لا تلُمه؛ إنّه بَشرُ |
عهده؛ قد خانَهُ البَشَر! |
غدروا عَمداً، وقَد حَلَفوا |
وعَلَيْهم تَشْهَدُ السُّورُ!! |
وصحا فَجراً وقَد هربوا |
وإلى أعدائه.. نَفَروا؛ |
وأتوه ينشدون دَماً.. |
هُم أباحوه. وهم هَدروا.! |
كيفَ خانوا العهدَ وانقلَبوا |
وهُم بالأمسِ منْ ثأروا؟ |
ثمّ باعُوه وما علموا |
أنَّهم بالبَيع قد خسروا؛ |
* * * |
كيف لا يَقْضي بحَسرته |
شاعرٌ يصحو فَيدَّكرُ؟ |
كلّما لجَّ الهيامُ بِه |
لَجت الآلام تشتجرُ! |
وإذا ما الأمس طلَّ على |
يومِه كالشيخ يحتضرُ؛ |
ضجَّ في أحشائِه غدُه |
مثل طفل مَسَّه الضجرُ |
أينَ يومُ الحشرِ؛ قد سئمتْ |
مُقْلةٌ للحشر تَنتظرُ؟! |
* * * |
يا صديقي إن تكن شَمَماً |
بعد أن قَد نالك الضّرُ؛ |
سِرتَ؛ لا تلْوي على أحدٍ |
ولَظى الأشواق تَستعرُ |
ذَاكراً "قحْطان" من قُحطَتْ |
أرضُه؛ إذا أجْدب المطرُ! |
والَّذي قد "مَاضَرَ" البؤسَا |
مُستضيفاً واسمه مَضَرُ |
فلقد أغرقْتَ مفْتخراً |
والَّذي يَضطر يَفتخرُ! |
شُغفوا بالتّيه واندمجوا |
بالأغاني فيه وانْصهروا! |
وكؤوس الرَّاح دائرةٌ |
وشَذاها فائح عَطِرُ؛ |
والندامى كلما انْذعروا.. |
عاقروا الصَّهباء وانعَقروا!! |
إن غَفَا لَيلٌ لهم سهروا |
أو صحا صبح بهمْ سكِروا |
لم يَعُد شيء بكونهم |
يُرتجى؛ إِلاَّ به سَخِروا! |
وحديث "القاتِ" في شبق |
إذ به تُستأنفُ الذكر |
حين تسري في مفَاصِلهم |
مِنه راحُ البشْر، والخَدرُ! |
لا تلمْهُم؛ إن هُمُ نثلوا |
جَعْبة الأشعار أو نثَروا |
كانَ لِلأحداث مبتدأ |
والَّذي نحيَا.. هُو الخبرُ! |
* * * |
يا أخي؛ ماذا إذا انبجَرتْ |
بجرُ الأسرار والعجَرُ؟ |
فهي في تاريخنا نتنٌ |
يتَوقّى نَفحهُ الحذرُ |
"ذو رعينٍ" قالها بَرِماً |
وهو للأجيال يعتذرُ |
باعَهم من جفنه سهراً! |
هل بنوم يُشْتَرى السَّهرُ؟ |
يطلبُ الغُفران إن مكرتْ |
"حميرٌ" بالقيلِ؛ أو غدروا! |
صوتُ حُرٍّ من بني "يمن" |
ظل في الأعْصار ينحدرُ |
ما تلاشى وهْوَ منتقل، |
أو تَوانى وهو مُنتظِرُ! |
ثم وافانا عَلَى قدرَ |
وهُو التاريخُ والقدَرُ |