شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
458- علي بن علي زبارة
في يوم 17 ذي القعدة 1396هـ/ 9 نوفمبر 1976م، تلقَّى صاحب الديوان من زميله الشاعر أحمد بن علي زبارة، قصيدة يرثي بها أباه، ومطلعُها: ليطوِ أوراقه، وليصمت القلم. فاستعبر وقالَ]:
جُرحٌ بقلبك في قلبي لهُ ألمُ
هيهات، تعربُ عن أسراره الكلمُ
ونحنُ في الجرحِ إخوانٌ، ويجمعُنا
في الهمِّ عرقٌ، وفي حَمل الأسى رحمُ
وقد أثرتَ جراحي بالبيانِ.. فما
شعرتُ إلاَّ ودمعُ العين ينسجمُ
أبكي زماناً، وخلاناً، وأندبُ منْ
قَضى شهيداً، ومن ماتُوا وما علمُوا
وما مُصابكَ في العِزِّي. ووالده
إلاَّ مُصابُ بني "الزهراء كلِّهمو"
وقد عهدتُكَ ذا صبر تخرُّ لهُ
ذُرا "براش"، ويهوي تحتَه "نقمُ"
وما "عليّ" وقد وافاهُ موعدهُ
من بعد عيشٍ بفعل الخير يتسمُ
إلاَّ مثالُ حياةٍ كلُّها شرفٌ
بها تصانُ عهودُ الناس والذِّممُ
ما العيش إن لم يكنْ حقّاً يصابرهُ
ُذوو "العقائد" إلاَّ الذلُّ والندمُ
* * *
أخي، أتذكرُ إذ كانت طفولتُنا
روضاً، أزاهيرهُ العرفانُ والشممُ
لا نعرفُ الشر، إلاَّ حينَ نسمعهُ
عن الأُلَى غدروا بالناس، أو ظلموا
كمْ عن أبيكَ روينا كلَّ نادرةٍ
مِمَّا به تُحفظُ الأعراضُ والحرمُ
"بني زبارةَ" ما زالتْ مجالسكمْ
روَّادها السادة الأحرارُ والبُهُمُ
وعن محمدكم، كم "نيلَ" من "وطر"
وكم تضوَّع "عرف" وانجلت ظُلَمُ (1)
قد صان للشعبِ تاريخاً، وسنَّ له
طرائقاً يتحرَّى دربَها الفهمُ
وكم لَهُ من يدٍ عندي، ومِن فكرٍ
ٍبها تغذَّى طموحي وارتوى القلمُ
"بني زبارةَ" ما زالتْ فضائلكمْ
إذا انطوى علمٌ منْها انبرى علمُ
فكيف يقتلُ عدواناً "محمدُكم"؟
وكيف يُسجنُ منهوباً "عليّكمو"؟
وكيف يجرؤ "مغلوب" بشهوتِهِ
"فيشرعُ" الحقدَ قانوناً ويتَّهمُ؟ (2)
ما كانَ أروع، والقاضي يُحاورهُ
والشيخُ بالصَّبر والإِيمان يعتصم
ماذا جنيتُ؟ ومَن خصْمي؟ وما اقترفتْ
يدي؟ ومَن ذا تُراهُ فيكمُ الحكمُ؟
قالوا "أخادمكُم" وقعتَ مُعترفاً؟
فأينَ عقلَك؟ أينَ العزُّ والشَّممُ؟
فقال: إن كان جُرمي لفظ "خادمكُم"
أو"عبدُكم" فهو شأني ليس شأنكمو
وسيدُ القومِ ساقيهمْ، وخادمهم
وأكرمُ الناس "أتقاهُم" وخيرهمو
ولم تكُن بدعةً في الخلقِ خُصَّ بها
آباؤُنا؛ بلْ همو فيها كغيرهمو
وكان أكبَرُنا "يُمضي" لأصغرنا
"مملُوككم" شغفا في وصف ودهُم
* * *
وبعدُه.. فنَّدَ الويْسي مزاعمهُمْ (3)
فأجْفل "المدَّعي" وانهارتِ التهمُ
وقد أحاطتْ بهم أعمالُهم؛ فمضوا
في "التِّيهِ" لا أملٌ يُرجى، ولا حُلُمُ
وعاشَ بعدهُم حُراً أبوكَ، وقدْ
عفا على من به قدْ زلَّت القدمُ
وتلك أخلاق من طابوا ومن كرمُوا
ومَن تواصوا بتقوى الله واعتصموا
جرحٌ تَرشرشَ بالذِّكرى دماً؛ ولَكُم
على جراحي بالذكْرى استحرَّ دَم
شقاشقُ الحزنِ في صَدري يُهدْهدُها
صَمتُ اليقين؛ وقد تطْغى فتحتَدمُ
ما إن أسفْت على همٍّ أبوحُ به
وكمْ على الكبتِ أدمَى قلبي الندمُ
كأنَّني بخيامِ الحيِّ مقفرةٌ
أرْكانُها تتعاوى وهيَ تنهدِمُ
والذَّارياتُ
على الأطْلالِ
سافيـةٌ
والأرضُ يصرخُ
من أحشائها العدَمُ
بروملي: 18 ذي القعدة 1396هـ
10 نوفمبر 1976م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :497  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 486 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج