جُرحٌ بقلبك في قلبي لهُ ألمُ |
هيهات، تعربُ عن أسراره الكلمُ |
ونحنُ في الجرحِ إخوانٌ، ويجمعُنا |
في الهمِّ عرقٌ، وفي حَمل الأسى رحمُ |
وقد أثرتَ جراحي بالبيانِ.. فما |
شعرتُ إلاَّ ودمعُ العين ينسجمُ |
أبكي زماناً، وخلاناً، وأندبُ منْ |
قَضى شهيداً، ومن ماتُوا وما علمُوا |
وما مُصابكَ في العِزِّي. ووالده |
إلاَّ مُصابُ بني "الزهراء كلِّهمو" |
وقد عهدتُكَ ذا صبر تخرُّ لهُ |
ذُرا "براش"، ويهوي تحتَه "نقمُ" |
وما "عليّ" وقد وافاهُ موعدهُ |
من بعد عيشٍ بفعل الخير يتسمُ |
إلاَّ مثالُ حياةٍ كلُّها شرفٌ |
بها تصانُ عهودُ الناس والذِّممُ |
ما العيش إن لم يكنْ حقّاً يصابرهُ |
ُذوو "العقائد" إلاَّ الذلُّ والندمُ |
* * * |
أخي، أتذكرُ إذ كانت طفولتُنا |
روضاً، أزاهيرهُ العرفانُ والشممُ |
لا نعرفُ الشر، إلاَّ حينَ نسمعهُ |
عن الأُلَى غدروا بالناس، أو ظلموا |
كمْ عن أبيكَ روينا كلَّ نادرةٍ |
مِمَّا به تُحفظُ الأعراضُ والحرمُ |
"بني زبارةَ" ما زالتْ مجالسكمْ |
روَّادها السادة الأحرارُ والبُهُمُ |
وعن محمدكم، كم "نيلَ" من "وطر" |
وكم تضوَّع "عرف" وانجلت ظُلَمُ
(1)
|
قد صان للشعبِ تاريخاً، وسنَّ له |
طرائقاً يتحرَّى دربَها الفهمُ |
وكم لَهُ من يدٍ عندي، ومِن فكرٍ |
ٍبها تغذَّى طموحي وارتوى القلمُ |
"بني زبارةَ" ما زالتْ فضائلكمْ |
إذا انطوى علمٌ منْها انبرى علمُ |
فكيف يقتلُ عدواناً "محمدُكم"؟ |
وكيف يُسجنُ منهوباً "عليّكمو"؟ |
وكيف يجرؤ "مغلوب" بشهوتِهِ |
"فيشرعُ" الحقدَ قانوناً ويتَّهمُ؟
(2)
|
ما كانَ أروع، والقاضي يُحاورهُ |
والشيخُ بالصَّبر والإِيمان يعتصم |
ماذا جنيتُ؟ ومَن خصْمي؟ وما اقترفتْ |
يدي؟ ومَن ذا تُراهُ فيكمُ الحكمُ؟ |
قالوا "أخادمكُم" وقعتَ مُعترفاً؟ |
فأينَ عقلَك؟ أينَ العزُّ والشَّممُ؟ |
فقال: إن كان جُرمي لفظ "خادمكُم" |
أو"عبدُكم" فهو شأني ليس شأنكمو |
وسيدُ القومِ ساقيهمْ، وخادمهم |
وأكرمُ الناس "أتقاهُم" وخيرهمو |
ولم تكُن بدعةً في الخلقِ خُصَّ بها |
آباؤُنا؛ بلْ همو فيها كغيرهمو |
وكان أكبَرُنا "يُمضي" لأصغرنا |
"مملُوككم" شغفا في وصف ودهُم |
* * * |
وبعدُه.. فنَّدَ الويْسي مزاعمهُمْ
(3)
|
فأجْفل "المدَّعي" وانهارتِ التهمُ |
وقد أحاطتْ بهم أعمالُهم؛ فمضوا |
في "التِّيهِ" لا أملٌ يُرجى، ولا حُلُمُ |
وعاشَ بعدهُم حُراً أبوكَ، وقدْ |
عفا على من به قدْ زلَّت القدمُ |
وتلك أخلاق من طابوا ومن كرمُوا |
ومَن تواصوا بتقوى الله واعتصموا |
جرحٌ تَرشرشَ بالذِّكرى دماً؛ ولَكُم |
على جراحي بالذكْرى استحرَّ دَم |
شقاشقُ الحزنِ في صَدري يُهدْهدُها |
صَمتُ اليقين؛ وقد تطْغى فتحتَدمُ |
ما إن أسفْت على همٍّ أبوحُ به |
وكمْ على الكبتِ أدمَى قلبي الندمُ |
كأنَّني بخيامِ الحيِّ مقفرةٌ |
أرْكانُها تتعاوى وهيَ تنهدِمُ |
والذَّارياتُ |
على الأطْلالِ |
سافيـةٌ |
والأرضُ يصرخُ |
من أحشائها العدَمُ |