ضيَّعتُ في تلك الديار فؤادي |
ونسيتُ أُنسي عندها ورقادي |
حيث الشبابُ تفتحتْ أكمامه |
والحسن تاه بغُصْنه الميَّاد |
حيث الهوى يزهو مناظر فتنةٍ |
ونجوم آمالٍ، وزهر وداد |
حيث الصبابة لا ينام شجيُّها |
إن لم ينَلْ، إلاَّ على ميعاد |
* * * |
أفنيتُ كل العمر في محرابه |
أَشدو بما أدري من الأَوراد |
عن "قيس"، عن "لُبنى" |
عن "المجنون" عن؛ "ليلى" |
عن "ابن ربيعةٍ" و "زياد" |
عن كل من قتل الهوى ببكائه |
وقضى شهيد الحب والأَوعاد |
قلبان يختصمان في قلبي وللـ.. |
ـقلبينِ قد أَسلمت كل قيادي |
هذا له ما يشتهي من رغبتي |
ولذاك ما يهواه من إسعادي |
* * * |
والحرب.. أعرف كيف أذكي نارها |
ومتى أَجمجمُ جمرها برماد |
قالوا: أنانيّ، فقلتُ: كرامةً |
أنا ليث غابتها وشيخ الوادي |
أصبحتُ لا أَخشى محاذير العدا |
بل شرَّ من أَكرمتُ من حُسادي |
لي كل يوم وقفةٌ أَنسى بها |
نفسي؛ لأذكر أمَّتي وبلادي |
* * * |
قل للأُلى انتقموا ولم يتورعوا |
أسرفتمو؛ والله بالمرصاد |
قد كان قبلكُمُ "الولاة" بمأمن |
من كل ذات سخيمةٍ، أو عادي |
ركنوا إلى الأَوغاد، وامتهنوا بهم |
حرمات أهل الفضل والأمجاد |
مردوا على الطغيان واستخذت له |
منهم طبائع خسَّةٍ وفساد |
وتمسَّكوا بحباله، وتعصَّبوا |
لضلالِهِ، بوقاحةٍ، وعنادِ |
فتقطعتْ أسبابه، وتصرَّعوا |
في وثبةٍ للثار والأَحقادِ |
من لقمة المسكين لـم ينفعهـم الْـ |
مالُ الذي ذخروه للأولاد |
* * * |
شطَّ المزار، فلا الدِّيار، ولا الأُلى |
كانوا مُنى الزوَّارِ والروَّاد |
وتعطلتْ أكواب عشاق الطَّلى |
وتغيَّب السَّاقي، وأَقْوى النَّادي |
والروض جف غديره؛ والزهر مات |
عبيرُه.. والطير أخرس صادي |
هل عودةٌ ترجى؟ فيحتفل الثرى |
بتخطِّر المُلاَّكِ، والأَسياد.. |
وإلام يبقى الخوف من فقر، ومن |
سجنٍ، ومن شناقة الجلاد؟ |
وإلام يبقى عيش كل مهذب |
متكدِّرا، ويطيب للأَوغاد؟ |
وإلامَ يبقى ذَلكَ "الفرعون" في |
الوادي، يبيح محرَّمات الوادي؟ |