مُصابنا فيك غير منفصمِ |
وجرحنا فيك غير ملتئمِ |
جلَّ عن الوصـف هولـه، وطَمَـى |
على الأسى، والدمـوع، والكَلـمِ |
وأضرم الحزنَ في الحشا لَهَباً |
وأشرب الدمع حَسْرَةً بدَمِ |
مُصابُ آل "الشامي" بسيِّدهم |
هيهات يُسْطاع نعمتُه بفمِ |
بالسيِّد الندب خير متزرِ |
بالعلم، بالصالحات ملتثمِ |
الباسم الثَّغر، دون ما ملق |
الشامخ الأنف دون ما ورمِ |
* * * |
تبلَّجي يا سماء، وابتسمي |
أو دمدمي بالخطوب والنِّقَمِ |
وأمطريها بما تؤمِّله |
أو ضرِّجيها بلاهبٍ ضرمِ |
فمن بـه الرّبـعُ كـان مزدهـراً |
بالخير، والطيبات، والنِّعَمِ |
قَضى؛ فلا بهجةٌ، ولا أمَلٌ |
ولا شعاعٌ لثغر مبتسمِ |
وكلّ قلبٍ بالحزن منصدعٌ |
وكل نفس تضجُّ بالألمِ |
وكل طرف بدَمْعِهِ شرِقٌ |
عن كل شيء في الكائنـات عمـي |
فانفطري مهجـتي أسـى، وكفـى |
بالدمـع عيـني؛ ودُمـت يا ألمـي |
* * * |
أنا الذي قد عرفته سَنَداً |
لكل ذي حاجة وذي عُدُمِ |
أنا الـذي مـا حضـرت مجلِسَـهُ |
إلاَّ كأني في حضرة الحَرَمِ |
أنا الذي ما سمعت نبرَتَهُ |
إلاَّ.. تلَقَّفْتُها من الحِكَمِ |
يا ويحَ نفسـي لقـد فقـدت بـه |
أبا غذاني بالبرِّ والكرمِ |
وكان لي كلَّ ما أؤمِّلُهُ |
وما أرجِّـي مـن دهـري الـبرمِ |
وكان لي موئلاً ومدَّخراً |
ومشعلاً في حوالك الظُّلَمِ |
كان مثالاً للخير يصنَعُهُ |
بطبعِهِ صنع طاهرِ فِهمِ |
لا يرتجي غير ربِّه أحداً |
ولا يُحابي لمقصدٍ وخمِ |
وعلماً ما سما إلى شرف |
إلاَّ وقد كان حامل العَلمِ |
لسانه طاهرٌ، ومهجتُه |
تشمُل بالحبّ سائر الأممِ |
* * * |
بأي شعر أبكيك يا أبَتي |
وقد تلاشى بحسرتي نَغَمي |
ولا فؤادي معي، ولا خَلَدي |
ولا لساني يندى، ولا قلمي |
بأي دمـعٍ أبكـي وقـد نفـدَ الد |
معُ ولم يبق منه غير دمي |
* * * |
أخي
(1)
وأنت النجيبُ مـن نُجُـبٍ |
من سادةٍ يُعْرَفون بالشَّمَمِ |
الشُّمُّ تهوي لما أصِبْتَ |
والزُّهْر تخبو للحادث العَرِمِ |
لكنَّ قلباً تَضُمُّهُ جذلاً |
بطاعة الله عنك لم يَرِمِ |
فاصْبِرْ وصبِّر أهلاً قلوبهمُ |
على الفقيد العظيم في ضَرَمِ |
أنتَ ملاذٌ لهم، ومُعْتَصَمٌ |
ونعم أهل، ونعم مُعْتَصِمِ |
* * * |
ورحمة الله للفقيد غِنى |
عن كل شيء يرجـى مـن النعـمِ |
قَدْ عـاش بـرّاً، ومـات مفتقـداً |
ذكراه حمـدٌ يَسـري بكـل فَـمِ |