قِفْ لَحْظَةً بالشعر حيرانا |
أبكَمَ، لا يَسْطِيعُ تبيانا |
واسْتَوْحِ "مطران" بياناً؛ إذا |
أردت إجلالاً "لمطْرانا" |
إن كنتَ لم تُصْغِ إلى صوتِهِ |
يُزْجي فنون الشعر ألوانا |
فقد تمرَّسْت بآدابه |
وعشتَهُ حرّاً، وفنانا |
* * * |
غنَّى بلَحْن ما تغنى به |
من قبله في دوحه طائرُ |
فانتفضَ الفجرُ على لحنِهِ |
وقد شجاهُ صَوتُه السَّاحرُ |
واستيقظ الوادي، وكم ليلةٍ |
مَرَّتْ، ولا شاد ولا سامرُ |
إلاَّ الأسى، والخوْفُ تبّاً لهُ |
والقيد، والظُّلمةُ، والآسرُ |
* * * |
هامَ وفي أحشائِه جَمْرَةٌ |
تنبض بالأنفاسِ نيرانا |
وواثب الدهر وأرزاءه |
مفارقاً أهلاً وجيرانا |
يثور كالبركان أحياناً |
وتارةً يبسمُ جِذْلانا |
وقد يدوّي صاخباً مزبداً |
ويَخطُر لا يرهَبُ سلطانا |
* * * |
"سبعون" عاماً عاشها شاعراً |
مرزّأً بين الأسى والجراحْ |
كم بثَّ شكـواه إلـى "صخـرةٍ" |
ينتابها الموج وهوج الرياحْ |
والسَّقمُ في أعضائِهِ ناهش، |
والهمُّ في أحشائه كالرماحْ |
فما وَعَى الصَّخر، ولا دهره |
رقّ، ولا ملّ الأسى والنواحْ |
* * * |
في صدره شيءٌ؛ وعن كُنْهِه |
قد قَفَلَ الرَّائد حيرانا |
يرهبُ أن يُفْضي بأسراره |
وأن يقول الحق إعلانا |
فيخلُقُ الرَّمَزَ؛ على زعمِهِ |
ويَنْتَضي "نيرون" عِنوانا |
ويدمغ الظُّلْمَ، ويُذكي النُّهى |
ويملأ الأنفس إيمانا |
* * * |
من وحي "لبنان" وجنّاته |
ومن صُوى آثارِهِ الشاهدَهُ |
ومن ذُرا "الشام" وآلامها |
ومن ليالي غدها الشاردَهْ |
و"النيل" إذ تزأر أمواجه |
في لهفة للوثبةِ الخالدَهْ |
وحَّدَ "مطران" أحاسيسَهُ |
فهو شعار الأمة الواحدَهْ |
* * * |
"مطرانُ" ربُّ الشعر، كـم وقفـةٍ |
شاد بها للفنِّ أركانا |
يراعه محرابُ أحلامِه |
يَسْتنزل الحكمةَ ألحانا |
يَسْحَرُ ما يَلْمَسُهُ فنهُ |
فَيُلبِسُ الألوانَ ألوانا |
وتخلب اللبّ تهاويلُهُ |
فيرتَئِي في الكون أكوانا |
* * * |
كم حارَب "الفردَ" وآثامه |
والشرّ في حكم "السلاطينِ" |
وأنكر الطغيان؛ "مستعمراً" |
أو في تماثيل "الفراعينِ" |
تُرَى أَيَدري أنَّنا لم نزل |
نَصْلى بأسواط "المجانينِ" |
والمستبدون يسوموننا |
سوم المواشِي والمساكِينِ |
* * * |
قد كـان يلقـي "صفحـة" حـرة |
ينفث فيها الحقّ تبيانا |
ويرشد الشعب إلى حقّه |
ولا يبالي فيه عدوانا |
واليوم؛ لو عاد به دهرُه |
لوَد أن الكون ما كانا |
فالجورُ لم يترك لذي حكمةٍ |
رأياً، ولا قولاً، ولا شانا |