شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
92- ضراعة روح
[قُدِّمت إلى الإِمام أحمد في 27 شعبان 1372هـ، بالحديدة]:
خذِ الناي، واصدحْ بالنشيد المطلسم
وحرّك صبابات الغرامِ المكتّمِ
طحا بك شوقٌ في سمائم برحه
تذوب حنايا كل قلبٍ متيّمٍ
تبيت تداري السُّهد أو تنشد الكرى
وتصبح في ليل من الهم مظلمِ
أحبًّا وقد ولى الشباب؟ وصبوة
وقد صرتَ مثل الهيكل المتهدمِ
ولم تدع الأيام منك بقيةً
لنزوة حُبّ وافتتان تتيّمِ
فؤادي شهيد الحُبّ؛ لا تطلبوا له
غريماً سوى ثغر الهوى المتبسّمِ
صبرتُ على هوج الخطوب ولم أطق
على الحُبّ صبراً وهو ينساب في دمِي
سقاني سعيراً في رسيس لهيبه
فناءٌ لعمري واحتراق لأعظمي
ومن يُعْط قلباً مثل قلبي يعش به
يتيم الأماني للتعاسة ينتمِي
إلام التمادي في الهيام؛ وقد ذوتْ
حياتك في لفح السقام المسممِ؟
فدعه ولُذْ بالروح من عطفِ "أحمدٍ"
ملاذ المرجّى، بهجة المتألّمِ
هنا حيث أعلام الشريعةِ تزدهي
هنا؛ حيث آمال العروبة تحتمِي
هنا حيثُ قلبُ الشرق ينبض بالعلا
هنا؛ حيث عرضُ العرب غير مثلّمِ
هنا حيث تجلو رحمة الله رفقها
ونعمتها للبائس المتَجَهِّمِ
مقام "أمير المؤمنين" وليتني
أطوف به كالمستجير المسلّمِ
ألا.. لا تلومني إذا صحت جهرةً
دعوني على أعتابه اليوم أرتمِي
ففي قدسها رفّت تمائم ميعتي
وفيها عرفت العيش غير مذممِ
وكنت بها طيراً يرقرق لحنُهُ
على كل سمع خمرةَ الروح والدَّمِ
وبتّ.. ولم أحرص على فضل خيرها
فأصبحتُ في قفر الشقا والأسى عَمِي
خرجتُ طريداً مثل "آدم" باكياً
لساني معقودٌ يتمتم في فمِي
وروحي تناجي حظها وهو موثقٌ
بأغلاله رهن الأسى والتندُّمِ
أمولاي لا تكبتْ دموع تحسري
بنظرةِ زجرٍ، أو بلمح تجهّمِ
فقد طهَّرتها حقبةً نارُ توبتي
وفارتْ على يحموم قلبي المحطّمِ
فلو رسمتها ريشةُ الفنّ مَثَّلَتْ
ضراعة روح المستهام المتيَّمِ
ولو صُبّ منها -وهي تنساب- قطرةٌ
على النّار لم تقدَحْ ولم تتضرّمِ
ولو طاف في الآفاق ظلُّ حميمها
لهبَّتْ بجبّار السموات تحتمِي
وجدتك بعد اليأس جنة رحمة
ففئتُ إليها من زفير جهنَّمِ
وشاهدتُ من بعدٍ أسرةَ طلعةٍ
إلى سيّد الخلق المكرم تنتمِي
فدارتْ بي الدنيا، وطارت بي المنى
وعاقرتُ منها خمرةً لم تحرَّمِ
وأيقنت أني قد ظفرت ببغيتي
ونلتُ الذي قد كان محض توهّمِ
* * *
أأحرم من حظ الحياة وخيرها
وحلمك لا يشقى به ذنب مجرمِ؟
أأشفق من جور الزمان وبطشِه
وقد لذت بالركن الوثيق المعظَّمِ
كفاني وقد شاهدت وجهك نعمةً
تدافع عني كل هولٍ مدمدمِ
فخذ بيدي يا "ناصر الدين" واكفني
شرور زمانٍ سامني كلّ مؤلمِ
وسجّل بعفوٍ منك صك سعادتي
وسوف تراني نابذاً كل مأثمِ
وأقطع باقي العمر وهو ثمالَةٌ
ببابك أشدو طاهر القلب والفمِ
فوالله ما أبقى الزّمان بمهجتي
سوى شخصك الغالي على كل مسلمِ
ونجلك؛ فهو ذخري وعدّتي
محبتُه دينٌ يقدسه دمِي
الحديدة: 1372هـ/ 1953م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :335  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 116 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج