تنقَّلْ يا أمير المؤمنينَ |
تحوطك عينُ ربِّ العالمينَ |
وأرواح الرعايا المخلصينَ |
وأَحْي قُلوبَ شعبكِ أَجمعينَ |
فقد ملكُوا بكَ الكنْزَ الثَّمينَا |
* * * |
هبَطتَ على تهَامَةَ غَيْثَ بِر |
وإحسانٍ وإفضالٍ ويُسْرِ |
فبادَ بيُسْر عطفِكَ كل عُسْر |
وذابَ بخير جودك كلُّ شرِّ |
وهبَّ الخلق نحوك شاكرينَا |
* * * |
تسَاءَلتِ القفارُ وَأَنْتَ فِيها |
أدار بها القَضَا وحَنا عليْهَا |
فصَيَّر جَدبَها عَيشاً رَفِيهَا |
أم الفردوس قد أَهدت إليْها |
مثالاً من نعيم الخالدينَ؟ |
* * * |
أتُفْنِي دَهْرَها قَيْضاً وجَدْبَا |
وتَطْوي عُمْرَها سَغَباً وَرُعْبَا |
ولا تزدانُ أزهاراً وعُشْباً |
فتطلَعُ فجأةً فتفيضُ خِصْبا |
وتَجْمُلُ منظراً وتَطيبُ طِينَا |
* * * |
بعثتَ اليومَ فيها العِلْمَ حيَّا |
وصيَّرتَ المُقَامَ بها هَنِيَّا |
فنور "الكهربا" يزهو قويَّا |
وصافي مائها يجري نقيَّا |
وإصلاحاتها تبدو فنونا |
* * * |
وقد حَصَدَتْ من التاريخ قَفْرا |
وإِهمالاً وإعناتاً ونُكْرا |
يعيث بها البِلى عَصْراً فَعَصْرا |
ولا مَلِكٌ بها قد شادَ فخرا |
ولم تعرفْ سوى المتجبرين |
* * * |
مضى فيها الملوك "بنو زياد" |
وهَمُّهمُ الشموخُ على العبادِ |
"وآل نجاح" ظَلُّوا في طرادِ |
وحُكِّم بعدَهُمْ أهلُ الفسادِ |
فنكَّل "تورنشاه" بهم فُنُونا |
* * * |
وأضنى الخلقَ جُلُّ "بني رسول" |
وهل ترك "المجاهِدُ" من سبيلِ |
لفضلٍ أو ليسْرٍ أو جميل |
وظلَّ الناس جيلاً إثر جيلِ |
لغصَّات الشقا يتجرَّعُونَ |
* * * |
سل التاريخ كم نُثِرَتْ رؤوس |
وكم خُنقَتْ بكربتها نُفُوسُ |
وكم في ليلِهِ قُبِرَتْ شموس |
أديبٌ أو حكيمٌ أو رئيسُ |
وباتُوا بالمنون مصفَّدينَ |
* * * |
و"أهل البيت" في جزرٍ ومَدٍّ |
يذوقونَ العنَا في كل عهدِ |
دماؤهم تسيل بكل نجْدِ |
وأنفسُهم تُبَاحُ لكل وغدِ |
وهم بجِهَادِهِمْ متمسِّكينا |
* * * |
وأشرق جدُّك "المنصور" بدراً |
فأحيا نورُه الأرواحَ طُرّا |
وجدَّد للهدى والحقِّ ذكراً |
وطال "أبوكَ" طوداً مشمخرّا |
وكان بشعبه برّاً أمينَا |
* * * |
وحين طلعتَ في الآفاق نُورا |
كسوت معالم الدنيا حُبورا |
وتاه الشعب مختالاً فخورا |
وغنّى بهجةً، وزها سرورا |
وضوَّعَ ذكرُهُ في العالمينَ |
* * * |
وقُدْتَ الشعبِ نحو المجد حرّا |
تشقُّ أمامه ما كان وَعْرا |
وتحطم دونَه الأهوال قَسرا |
ولولا أنت تحرسُه لخرّا |
صريعاً بين أيدي الطامعينَ |
* * * |
إذا شَرَّفْتَ صقعاً تاه مجْدا |
ونوَّر أفقه فرحاً وسعدا |
وكبَّر أهلُهُ شكراً وحمداً |
وأصبح اسمك المحبوب وِرْدا |
به يترنَّمون ويلهجونَ |
* * * |
وإن حَلَّتْ ركابُكَ سوحَ قطر |
زها وافتَرَّ من نِعَمٍ وبشرِ |
وحال ترابُه قبَسَات تِبْر |
يشعُّ، وصخرهُ ماسات دُرِّ |
وَوَرْداً كالثُّغور وياسمينا |
* * * |
ونجلك يقتدي بك غير وانِ |
ولا يخشى مقارعة الزمانِ |
وحول حياته تثب الأماني |
تَراه رغبة "الشعب اليماني" |
وآمال الشباب الطامحينا |
* * * |
فَدُمْ مولاي تُمْنَحُ ما تريدُ |
وحظُّك حَسْبما تَهْوَى سَعيدُ |
وعمرك كُلُّه فرحٌ وعيدُ |
يذل لطَوْلِ عزتِكَ العَنِيدُ |
ويعنو الدهرُ رِقّاً مستكينَا |
* * * |
ودَامت "يا أمير المؤمنين" |
تحوطُك عينُ ربِّ العالمينَ |
وأرواح الرعايا المخلصين |
تطوف على مرابعنا أمينا |
وتهدينا الصراط المستبينا |