شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
90- دَمعة وابتسامة.. أو: (فرحة الإِطلاق)
[في 2رجب 1372هـ أَمَر الإِمام أحمد بإطلاق صاحب الديوان من معتقل "قاهرة حجة" وبانتقاله إلى "الحديدة"، فكانت نعمة كبرى تلقّاها الشاعر بالشكر، وكان أن لبَّى الإِمام أحمد دعوة "شركة الملح" في الصليف في 7 شعبان سنة 1372هـ. ثم عرَّج على الحديدة فعبَّر الشاعر بهذه القصيدة عن آثار كل ذلك في نفسه وقدَّمها إلى الإِمام في 13شعبان 1372هـ/ 1953م]:
عَطِّر قصيدك بالنَّسيبِ
وانْضَحْ به حرق القلوبِ
واسكبهُ خمراً في كؤو
س الفنِّ، وخالدة الطيوبِ
واسبكْهُ زهراً أبدعتـْ
ـهُ يراعة الوحي الخصيبِ
ريَّاه سحر الحُبِّ مصـ
ـبوغاً بأخيلة الأديبِ
واقْبَسْهُ من ألق الصبا
ح -سناً- ومن شفق المغيبِ
من بسمةِ الفجر الوليـ
ـد ونفحة الروض القشيبِ
من كل ما في الكونِ من
حسنٍ وأفراحٍ وطيبِ
شعرٌ تزفُّ به الحيا
ةُ عرائسَ الفنِّ العجيبِ
أوزانه رعشات سحـ
ـر في مزاهر عندليبِ
ونشيده سبحات وحـ
ـيٍ في مخيَّلةٍ خلوبِ
ورُقاه آمالٌ تدا
عب بالمنى شغَف القلوبِ
* * *
قد طال شجوك يا "نشيـ
ـدي" وانصدعتَ من النحيبِ
وأرقْت روحك حسرةً
في ذائب الدمع الخضيبِ
وبكيت بؤس الكون في
نغم من الشكوى مذيبِ
بالأمس كنتَ أسيرهـ
ـمٍّ بين أنياب الكروبِ
جثمتْ عليك كلاكل الـ
ـبلوى، وأثقال الخطوبِ
فرفعت طرفك بالرجا
ء وطير صدرك في وجيبِ
ودعوتَ "أحمد" ناصر الـ
إسلام ذا الحسَبِ الحسيبِ
فأغاث روحك وهو في
شنَّاقة اليأس الغضوبِ
وتكشَّفَت سحب المخا
وف وانجلَت ظُلَمُ الريوبِ
فامسحْ بفرحتك الجديـ
ـدة دمعة الماضي الكئيبِ
واستقبلِ الدنيا وطِرْ
في أفق بهجتها الرحيبِ
* * *
ما كنت آمل أن أرى
وجه (الخليفة) من قريبِ
إلاَّ وقلبي في يدي
جرحٌ تمزَّع بالندوبِ
صرخاته تبكي الحياة
بدمع خيبتها السَّكيبِ
وكأنَّما أنا جثَّة
خرساء في كفن الذنوبِ
فرأيت وجه المجد يز
هو فوق عرشٍ من قلوبِ
تاجُ العروبة يزدهي
فخراً بمفرقه المهيبِ
فكبتُّ أنفاس القنوط
وقلت: يا نفس اهدئي بي
هذي الجلالة لا تضيـ
ـق بيوم توبتك الحزيبِ
أطلِع بشعرك شمسَه
واهتك بها حجب الريوبِ
* * *
تالله لن يجد الزَّما
ن لتاج مجدك من ضريبِ
أحييت سنة "أحمد"
في عصر فلسفة الخطوبِ
وأقمتها بيضاء تجـ
ـلو مجد غابرنا الذَّهيبِ
والشرق في بيد الظنو
ن وفي دجى الشك المريبِ
فكأنَّ عصر "محمدٍ"
قد شقَّ داجية الحقوبِ
وأطلَّ عهد الراشديـ
ـن بثوب فطرته القشيبِ
فاسلك بنا نهج النجا
ة فنحن في زمنٍ عصيبِ
وابشرْ فسوف ترى قريـ
ـباً آية الفتح القريبِ
* * *
سنرى قريباً شعبنا الـ
ـيمني مفخرة الشعوبِ
"فلكاً ترصَّعَ بالحكيـ
ـم، وبالصناع، وبالطبيبِ"
شركاته الكبرى تفيـ
ـض عليه بالعيش الخصيبِ
ورجالُه الأمناء قد
وهبوه حبَّات القلوبِ
يتدَرَّجون إلى المكا
رم في الشمال وفي الجنوبِ
نمضي جميعاً تحت را
ية قائد الوطن النجيبِ
أسد الجزيرة "ناصر الْـ
إسلام" ذو الحسب الحسيبِ
مولاي؛ هأنا في دمو
عي كالغريق وفي وجيبي
أبليتُ ماضي العمر في
جهل وفي حُلُمٍ كذوبِ
لم أكتسبْ إلاَّ الندا
مة والتلطُّخ بالعيوبِ
وقتلت أيَّام الصِّبا
بين المخاوف والكروبِ
آليت أن أدع الحيا
ة تمرُّ بي مَرَّ الغريبِ
لا أستنيم لسحر فتـ
ـنتها ومنظرها الخلوبِ
* * *
مولاي خذ بيدي إلى
حرم الأمان من الخطوبِ
قد طال تعذيبي، وكد
تُ أذوب باليأس المذيبِ
فذبحتُ أنغامي على
أشلاء أحلامي وكوبي
وجرعتُ حسرةَ نادم
ورشفْتُ إخلاص المنيبِ
خذني بذنبي إن أرد
تَ فلن أكابر في ذنوبي
أو فاغتفرها رحمةً
بأسىً تجسَّم في شحوبي
أنت الحليم؛ وصدر حلـ
ـمك لا يضيق بوزر حوبي
جاوزتَ حَدَّ الوصف فاعـ
ـذر عجز أخيلة الأديبِ
ستظلّ معجزة البليـ
ـغ الفذ، واللسن الخطيب
الحديدة: 1372هـ/ 1953م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :382  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 114 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.