أمل تبدد كالسراب |
وطوته أحشاءُ الترابْ |
وتخطفته مخالبُ الظلـ |
ـمات في فجر الشبابْ |
نزعته كف الموت وهو يئن في حضن العذابْ |
والحق يشهد فيه. كيف تمزِّق الخير الذئابْ؟ |
* * * |
قف يا يَراعي خاشعاً |
في موكب النور الشهيدْ |
وانضحْ بدمعك ضوءه |
المسفوك، كالشفق البديدْ |
وانظم زهور أساك |
في نغم من الشكوى جديدْ |
كفِّن به زور الحياة |
ولؤم سادتها العبيدْ |
* * * |
غُص في ظلام السِّجْنِ وانبش قبر تاريخ رهيبْ |
وابعث هياكل قصّة |
خرساء تجهش بالنحيبْ |
لم يروها قلم ولم |
يُلْهَمْ مصارعها أديبْ |
هي قصة الحقِّ الصر |
يع، ونكبة الحرِّ الغريبْ |
* * * |
جاءوا به في القيد مظلو |
م المشاعر، من (زبيدْ)..! |
وإلى متالف (نافع) |
قذفوه يعتنق الحديدْ |
فهوى وفي شفتيه بسـ |
ـمة مؤمن حر عنيدْ |
وكأنما هو زهرة |
في كف إعصار مبيدْ |
* * * |
كم ليلة قاسى بها |
الأهوال، من وخز الجراحْ |
وكأن حشو فراشه |
نار تؤججها الرياحْ |
والنجم ضلَّ طريقه |
والليل مخنوق الصباحْ |
والقيد في رجليه ينـ |
ـهش حرمة الحق المباحْ |
* * * |
كم أنة ناجى بها |
من سجنه قلب (الخليفة) |
فأهانها وازورَّ عنها |
سمع حضرته (الشريفة).! |
وتهالكت في ركن سؤ |
دده وعزته المنيفة |
وتعسُّف الجبروتِ لا |
يحنو على المهج الضعيفة |
* * * |
لما تمرَّد عزمُه العاتي |
على الظلم الغضوبْ |
دبَّت إليه عقارب السـل الأكولة للقلوبْ |
وإذا بقوته تهي |
وإذا بأعظمه تذوبْ |
وإذا بهيكله يحطم |
تحت مطرقة الخطوبْ |
* * * |
ظلت قواه فريسةً |
للسل عاماً بعد عامْ |
يمتص ماء حياتها |
ويذيقها جرَع الحِمامْ |
وإذا اشتكى ألماً خوت |
شكواه في وحل الأثامْ |
لا القيد يرحمه ولا الزَّ |
من الكنود ولا (الإِمامْ)! |
* * * |
حتى إذا هجم السقام |
عليه، وانحطت قواهْ |
لم يرتشف كأس المنيـ |
ـة قبل أن يصم الطغاهْ |
دوى بلعنته على |
دنيا الجبابرة العتاهْ |
وثوى قرير العين يسـ |
ـخر من أباطيل الحياهْ |
وبسفح وادي الموت.. مجَّ |
ثمالة النفسِ الأخيرْ |
ومضى – وودَّع جسمه البا |
لي – إلى الملأ النضيرْ |
حيث السعادة كونها |
زاه، ومنبعها نميرْ |
في عالم الرحمات تحت |
رعاية الرب القديرْ |
* * * |
وهناك يشكو بثَّه |
وهناك ينفث بالحزَنْ |
وهناك يجأر بالمصائب |
والنوائب والمحنْ |
وهناك ينشر بين أيدي |
العدل آفات (اليمنْ) |
الظلم، والفقر، المدمر |
والجهالة، والفتنْ |
* * * |
الناس في أوطانهم |
سعداء لا يتبرمونْ |
وشباب (يعرب) في مرا |
بع أرضهم يتضورونْ |
يتأرجحون شقاوةً |
بين المشانق والسجونْ |
أو فوق أجنحةِ العوا |
صف والمخاوف يكدحونْ |
* * * |
في موكب الشهداء مشهدُ مصرع الظلم الكفورْ |
وارى الغد الدامي يحيـ |
ـط بفجره رعب الدثورْ! |
والصبح يلتهم الدجى |
والخير يكتسح الشرورْ |
ومآربُ الأحرارِ يطرد (جيشها) مُلْكَ القبورْ..! |
* * * |
لم يبقَ للمسكينِ من |
دنياه إلاَّ دمعتانْ |
حبتا على خديه يستحيان من فقد الحنانْ |
وتمثلان الكبت إذ |
يطغى، وتنعقد اللسانْ |
يا للجلال، هنا اليراع |
يخر مصعوق البيانْ |
* * * |
طف يا بياني مزنةً |
وطفا على القبر الغريبْ |
واسكب عليهِ حزنك |
المسفوح في الدمع السكيبْ |
وانقل روايته إلى التا |
ريخ في شعر كئيبْ |
تبكي له ظلمُ الليالي |
في دُجى الزمن الرهيبْ |