شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
87- مأساة شهيد
[مأساة القاضي محمد بن محمد الإِرياني الذي مات بداء السل بعد عذاب طويل، في قاهرة حجة (25 ربيع الأول سنة 1372هـ) أواخر عام 1952م، ونُشرت في "فتاة الجزيرة" بتوقيع مجهول]:
أمل تبدد كالسراب
وطوته أحشاءُ الترابْ
وتخطفته مخالبُ الظلـ
ـمات في فجر الشبابْ
نزعته كف الموت وهو يئن في حضن العذابْ
والحق يشهد فيه. كيف تمزِّق الخير الذئابْ؟
* * *
قف يا يَراعي خاشعاً
في موكب النور الشهيدْ
وانضحْ بدمعك ضوءه
المسفوك، كالشفق البديدْ
وانظم زهور أساك
في نغم من الشكوى جديدْ
كفِّن به زور الحياة
ولؤم سادتها العبيدْ
* * *
غُص في ظلام السِّجْنِ وانبش قبر تاريخ رهيبْ
وابعث هياكل قصّة
خرساء تجهش بالنحيبْ
لم يروها قلم ولم
يُلْهَمْ مصارعها أديبْ
هي قصة الحقِّ الصر
يع، ونكبة الحرِّ الغريبْ
* * *
جاءوا به في القيد مظلو
م المشاعر، من (زبيدْ)..!
وإلى متالف (نافع)
قذفوه يعتنق الحديدْ
فهوى وفي شفتيه بسـ
ـمة مؤمن حر عنيدْ
وكأنما هو زهرة
في كف إعصار مبيدْ
* * *
كم ليلة قاسى بها
الأهوال، من وخز الجراحْ
وكأن حشو فراشه
نار تؤججها الرياحْ
والنجم ضلَّ طريقه
والليل مخنوق الصباحْ
والقيد في رجليه ينـ
ـهش حرمة الحق المباحْ
* * *
كم أنة ناجى بها
من سجنه قلب (الخليفة)
فأهانها وازورَّ عنها
سمع حضرته (الشريفة).!
وتهالكت في ركن سؤ
دده وعزته المنيفة
وتعسُّف الجبروتِ لا
يحنو على المهج الضعيفة
* * *
لما تمرَّد عزمُه العاتي
على الظلم الغضوبْ
دبَّت إليه عقارب السـل الأكولة للقلوبْ
وإذا بقوته تهي
وإذا بأعظمه تذوبْ
وإذا بهيكله يحطم
تحت مطرقة الخطوبْ
* * *
ظلت قواه فريسةً
للسل عاماً بعد عامْ
يمتص ماء حياتها
ويذيقها جرَع الحِمامْ
وإذا اشتكى ألماً خوت
شكواه في وحل الأثامْ
لا القيد يرحمه ولا الزَّ
من الكنود ولا (الإِمامْ)!
* * *
حتى إذا هجم السقام
عليه، وانحطت قواهْ
لم يرتشف كأس المنيـ
ـة قبل أن يصم الطغاهْ
دوى بلعنته على
دنيا الجبابرة العتاهْ
وثوى قرير العين يسـ
ـخر من أباطيل الحياهْ
وبسفح وادي الموت.. مجَّ
ثمالة النفسِ الأخيرْ
ومضى – وودَّع جسمه البا
لي – إلى الملأ النضيرْ
حيث السعادة كونها
زاه، ومنبعها نميرْ
في عالم الرحمات تحت
رعاية الرب القديرْ
* * *
وهناك يشكو بثَّه
وهناك ينفث بالحزَنْ
وهناك يجأر بالمصائب
والنوائب والمحنْ
وهناك ينشر بين أيدي
العدل آفات (اليمنْ)
الظلم، والفقر، المدمر
والجهالة، والفتنْ
* * *
الناس في أوطانهم
سعداء لا يتبرمونْ
وشباب (يعرب) في مرا
بع أرضهم يتضورونْ
يتأرجحون شقاوةً
بين المشانق والسجونْ
أو فوق أجنحةِ العوا
صف والمخاوف يكدحونْ
* * *
في موكب الشهداء مشهدُ مصرع الظلم الكفورْ
وارى الغد الدامي يحيـ
ـط بفجره رعب الدثورْ!
والصبح يلتهم الدجى
والخير يكتسح الشرورْ
ومآربُ الأحرارِ يطرد (جيشها) مُلْكَ القبورْ..!
* * *
لم يبقَ للمسكينِ من
دنياه إلاَّ دمعتانْ
حبتا على خديه يستحيان من فقد الحنانْ
وتمثلان الكبت إذ
يطغى، وتنعقد اللسانْ
يا للجلال، هنا اليراع
يخر مصعوق البيانْ
* * *
طف يا بياني مزنةً
وطفا على القبر الغريبْ
واسكب عليهِ حزنك
المسفوح في الدمع السكيبْ
وانقل روايته إلى التا
ريخ في شعر كئيبْ
تبكي له ظلمُ الليالي
في دُجى الزمن الرهيبْ
حجة: 1372هـ/ 1953م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :325  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 111 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.