شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
86- ثورة مصر
[عندما هبَّت "الثورة" المصرية التي أطاحت بالملك فاروق، كان "الشاعر" وزملاؤه -وفي طليعتهم "عبد الرحمن الإِرياني"- لا يزالون في مُعْتَقل "حجَّة"، فقال يحيّيها ضِمنَ قصائد أُخرى لم تنشر حتى الآن]:
أيُّ صوتٍ! دوَّى فهزَّ الوجودا!
وأنابتْ لَهُ العقول سجودا!؟
أيُّ صوتٍ!.
تفزَّعَت خيفةً منه "عروشٌ"
وأوشكَتْ.. أن تميدا؟.
أيُّ صوتٍ! عَلَتْ به صرخة الحقِّ،
تشقُّ الدُّجَى، وتفري "البِيدَا"؟
أيُّ صوتٍ! أصغَتْ إِليه "الأَماني"،
تستقي منه "حُلْمَهَا" المنشودا؟
* * *
هو.. صوتُ الإِيمان، والأمل المنشود
قد.. مزَّق الليالي السُّودا،
فجَّرتهُ السماءُ "ينبوع" حقٍّ،
سوف يبقى مقدَّساً مورودا!
هو: لحن الخلود يَسْجُو لَه الكونُ..
ويَحْسُوهُ مُعْجَباً.. "مستعيدا"!
وقَّعتهُ "أظافرُ" الغضب العاري
نشيداً "مقدساً"، معبودا!
هو صَمتُ "الشُّعوبِ"
طالَ بِهِ "الكَبْتُ"
فدوَّى في العالمين حقودا!
"زهرٌ" نافحُ الأَريجِ زكيٌّ
هَصَرتْهُ يَدُ "الغَشوم" وقودا،
فَهَوى
في "دخان" غضبته الكبرى؛
عليهِ.. "صواعقاً" و"رعودا"!
* * *
أَطرقي يا سماء
هذا "انْتِقامُ الشَّعبِ"
هدَّ "الأسوار" جاز "الحدودا"!
هَا هُوَ "الشِّعر" طيرُ فنٍّ جديدٍ
يعزف اللحن عبقرياً جديدا!.
فانثري في أجوائهِ بسمات "الوحي"
آساً، ونرجساً، وورودا.
وأَذيبي في "صوتِه" خمرة "الخلدِ"
نشيداً، وبهجةً، وقصيدا؛
واسكبي، في أوتار قيثاره الشادي،
رُقى السِّحر تَسْتَذيبُ الحديدا؛
وأَريقي في عطرِ أنسامهِ العذْرا
شذى الخلد يستفزّ "الوجودا":
واصدحي، وامرحي، وميدي انتعاشاً،
واعزفي، وارقصي، وذوبي نشيدا!
وانشري في "كِنانة" الله
أعلام التهاني
وزخرفي الدهرَ "عيدا"!
فلقد ودَّعت "ضحى السبت" في "تمّوز"
من كان "بالحقوق" كنودا.
"ملكٌ" هام في عبادة "جون بول"،
وأَودى في حبِّه.. معمودا!
طبعتْهُ أطماعه فتوارى
تحتَها، ينفث الأوار المبيدا؛
ويحلُّ العُرى، ويعبث بالدستور،
والدين، ساخراً.. عربيدا
يصطفي من عناكب الشرِّ حكاماً
قُسَاةً.. وقادةً، وجنودا!
يَنْسجونَ الفنا شباكاً
ويصطادون من كان مُخلصاً، أو رشيدا؛
قُلْ "لفاروق".. وهو في لججِ اليَمِّ
شريدٌ.. يرودُ مأوى شريدا!
كم رشفت الرَّحيق من دمع حرٍّ
ماتَ عن أرضه غريباً طريدا
كم سمعتَ النواحَ يوماً فلم تأبَهْ
جنوناً، وخِلْتَهُ تغريدا
* * *
يا "ابنَةَ النِّيل"؛ كم تذوقتِ،
في دنياك مرّاً؛ وكم جرعتِ صديدا؛
لم تزل "حيَّة" السياسةِ تستغويكِ
مكراً.. وحيلةً.. وجحودا،
سرَّحت في ربا ثراكِ أفاعيها
تبثُّ الفساد سماً مبيدا
ورمَتْ رجسها على ذلك الطُّهرِ،
وأرخت على سناه البرودا؛
وأولوا الأمر من بنيكِ حيارى
يتفانون خشيةً وجمودا،
يا لها من سمات بؤسٍ وذلٍّ
كيف أضحى الأحرار –بغياً- عبيدا!؟
* * *
لم تزل "مصر" في الظلام تعاني،
وتُقاسي الهوان والتهديدا
في عراك مرٍّ يصارعُ فيه الحقُّ
ناراً مشبوبةً.. وحديدا.
وترى "الأعزل" الشجاعَ
يلاقي الخصمَ يختال في السلاحِ حريدا!.
يرشف الموت باسماً
وهوى الأَوطان ينساب نغمةً ونشيدا؛
كلَّما هبَّ مجدها يغسلُ العارَ
فيُقصي العدا. ويُحيي التليدا
خدَّروها بعهد مكرٍ تلوَّى
في رقاب الأَحرار غُلاًّ عتيدا،
كمنَتْ شهوة المطامع فيه
تأكل الحقَّ والمنى، والعهودا
فهوتْ في مغاورِ الظلم تبكي
بدم القلب يومها المشهودا
* * *
إيه يا "ثورةً" أطلَّت على الدنيا
فكانَتْ أشعَّةً، و"وقودا"!.
أرسلي.. من لهيبكِ الحرِّ لَفْحاً
نحو "شعبٍ" قد عافَ عيشاً زهيداً،
وابْعثيه على الطغاةِ شواظاً
جامحاً يجعلُ الجبال صعيدا!
ها هنا أمةٌ تئنُّ. وشعبٌ،
يقطع العمر! موثقاً مصفودا
وثبتْ "أَمس" نحو تنّينها الجبّار
تبتزُّ حقَّها المجحودا
فتمادى في غيِّهِ فَسَقَتْهُ
كأْس طغيانه، فحرَّ الوريدا،
وأَفاق "الأحرار" يقتلعون الشرَّ
منها.. ويحطِّمون القيودا
وتغنّوا بالعدل والحقِّ و"الدستور"
شيخاً، ويافعاً، ووليدا!
وإذا.. بالزَّوابع السود تستيقظ
والأُفق يكفرُّ.. حريدا!
وإذا "بالفاروق" يزأر نكراً
وإذا "بالشريف" يهذي "وعيدا"
وإذا بالأحرارِ،
في لهوات الموتِ
صرعى يعانقون الحديدا!
كم "طعينٍ" بخنجر الظلم لاقى
حتفَه طاهر الدماء، شهيدا
و"سجينٍ" هوى على الترب
يستفُّ المنايا مصفَّداً مشدودا!
و"شريد" جاب المهامه كالمشدوه
يَبكي سراجه المفقودا..!
و"قتيلٍ" بالسيفِ فارق دنياه
سعيداً، واستلَّ منها الخلودا،
أَنقذوا أُمةً تلاشتْ، وأَرواحاً
تفانتْ، وأوشكتْ أن تبيدا،
رحم "الدين" و"العروبة" يُؤوينا
ويدني ما كان منا بعيدا!
* * *
يا حماة الحمى. لقد نشر الله
عليكم من الجلالِ برودا
في "فلسطين" قد سفكتم دماء
سجِّلَتْ في "الثرى" لكم تمجيدا
وأَعادت ذكرى فروسية "المصري"
إن كرَّ في الوغى صنديدا!
* * *
آه لولا "ثعالبُ" المكرِ ما كنتم
تركْتمْ في "تلْئبيبَ" اليهودا
سحبوا جيشهم وأبقوكم تصلون
نار العدوِّ – جيشاً وحيداً!
و"السلاح المغشوش" عانيتموه،
"ساعة الصفر" رهبةً، وصمودا!
وإذا كانت القيادة عمياء،
فقد قادتِ الهزائم سُودا!
غلطة؟ أم "خيانة"، أنا لا أعلم،
إلاَّ الوعيدَ.. والتهديدا!
وتهاويل "قادة" خنقوا في
"ساعة الصفر" النَّصرَ والتأييدا
و"مليك" البلاد يرشف كأساً
نخب لذّاتِه، ويقرع "عودا"!
و"الوزير" الرهيب يستعبد الأحرار
من قومِه فخوراً.. كنودا!
* * *
وقف الدهر خاشعاً "لنجيب" (1) ،
وهو يحدو إلى الخلود الأُسودا،
وينادي "المليكَ"
أن يخلع "التاج"
وأن يهجر "البلاد".. طريدا!
قبل أن يحطم الرصاص ضلوعاً
حبست تحتها فؤاداً بليدا!
فاستطار "المليك" ذعراً وأَمضى
ذلك "الصكّ"، واجفاً؛ رعديدا
وعيون الأقدار ترمق كفّا
كان سلطانها رهيباً شديدا
يا لها همة سمت "بنجيب"،
وحبتهُ حُبَّ البلاد أكيدا،
جسَّمته إرادة الله للحقِّ،
زعيماً وقائداً صنديدا
* * *
يا "نجيب" الأبطال لا تنسَ خبّاً،
كان بالأَمسِ للضَّلالِ عميدا
نصبتْهُ إرادةُ "الشِّركِ" للإِسلام
"فخّاً".. ليَصْرعَ التَّوْحيدا
فتمطَّى على العقول ظلاماً،
وتعدّى على المحارم "سِيدا"
وتحدَّى إرادةَ الشعبِ والدينِ،
وغلّ النُّهى، وأَدمى الجلودا
وتلوَّى في أفق "مصر" ضباباً
يغمر السهل والرُّبا، والنجودا
يلعنُ "الشرقُ" فيه آثامَ "غرب"
أَنسَتِ "الشرقَ" حُلمه المنشودا!
كان للإِنكليز في "مصر" عبداً
ومُريداً، وكان ركناً وطيدا،
هو "عبد الهادي" الخؤون فمزِّقْهُ
فقد مزَّقَ الكتاب المجيدا،
حسبه وزرُ قتله "المرشد العام"
شناراً، لا يستمدُّ مزيدا!
* * *
يا راعي.. أصِخْ لذكرى "إمام" (2)
عاش مستبسلاً وماتَ شهيدا!
خنقتهُ كفُّ الضلالةِ غدراً،
فمضى سافر الجلال حميدا
حول جثمانه، ملائكة الرحمة
تبكي إحسانَ المجحودا!
وقلوب "الأيتام" تهفو عليه
حسرةً تندب السَّنا الموءودا
وخطى "الشيخ" ذاهلات
وعيناه تريقان قلبه المفؤودا!
ناظراً "نعش" ابنه في أكف الظُّلمِ
يُدمي مشاعراً وكبودا
وارتقى فكره على معْبرِ الآلام
يسمو نحو السماء صعودا!
حطَّمتْ خِسَّةُ الطواغيتِ سيفاً
كان في مهجة الخنا مغمودا!
وأراقتْ دماً زكياً، وأَبلَتْ
مقولاً صارماً، ورأياً سديدا
أَيُّها الظَّالمون قد مات عهد الظُّلمِ،
فاستبدلوا "شعاراً" جديدا
شرعة "القيد" لم تعد ترهب النَّاس،
ولكن، يُبْلونها تفنيدا
و"القويّ" الجبار لم يبق ربّاً
مبدئاً في رقيقهِ ومُعيدا!
والسلالات قد خوت بالمساواةِ
وأضحى الورى عليها شهودا
إنَّها حكمة "الشريعة" تأبى
أن ترى"الناس" سيداً ومسودا!
فاهبطوا من عروشكم، واسكبوا الماضي
دموعاً، وحسرةً، وسجودا!
واجرعوا "الذلَّ" من كؤوس عصرتمْ
خمرها مَرَّةً.. وموتوا عبيدا!
لكمُ في "الفاروق" عبرة جانٍ
ضلَّ في أَمرِهِ ضلالاً بعيدا
أَسلمتهُ "الحظوظ" للملكِ طفلاً،
فاجْتَنى غصنَهُ الرطيب وليدا
وتوالت أَيامُه ولياليهِ
"عرايا" يُردْنَهُ أَن يريدا!
لا يبالي الحياة.. إلاَّ نعيماً
وسروراً، ولذَّةً، وسعودا
و"الجماهير" حوله يتفانون
هتافاً في حبِّه، وقصيدا!
والألبَّاء يشعلون الدَّمَ الغالي
لهيباً.. فيحرقون الوجودا
و"الملايين" من بني "الشعب" في
ضنكٍ يُقاسونَ البؤس والتنْكيدا!
أيُّها الفجر، صغ سناك زهوراً
عطرات الشذى، ودراً نضِيدا،
واسكبِ النور في ثرى مصر عطراً،
ورحيقاً، وبهجةً، وجُدُودا!
أيقظِ الأَعينَ الّتي أَسبل اللَّيلُ
عليها جِلبابه الممدودا
وتبسَّم على القلوب التعيساتِ
وبدِّد ظلامها.. المعقودا
واهدِ عنّا إلى "النجيب" التحيّات
ولاءً محضاً! وعهداً عهيدا
قل له: أُمةُ "العروبَة" حيرى
تقتل العمر.. غفلةً، وجمودا
رعَّشتْ خطوها الخطوب الثقيلات
فأَحنَتْ لها جبيناً.. وجيدا!
فاشف آلامها
وسدِّد خطاها
واحْدُ آمالها
رشيداً.. حميدا!
معتقل قاهرة "حجة": 14ذي القعدة 1371هـ
14 أغسطس 1952م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :323  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 110 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل