شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
85- دُمُوع سجين
[في رثاء السيد العالم الجليل علي بن حسين الشامي رحمه الله، صفر1372هـ/ 1953م]:
تزلزل المجد، وانهارتْ قواعدُه
لمّا هوى "بجمال الدين" لاحدُهُ
وقطَّبَت قسمات الخير وارتعشَتْ
قوائم الدين واهتزت معابدُهُ
وأطبق الهول كالأمواج مفترساً
مُنَى القلوب، وقد فَحَّتْ أساودُهُ
وأَيقظ الرعبُ أرواحاً مخدَّرةً
بالحزن قد فنيتْ مِمَّا تكابدُهُ
فساقَها نحو وادي الموت ذاهلةً
مذعورةً قلقاً ممَّا تشاهدُهُ
هناك أفضت بشكواها لخالقها
وفنَّدت عالماً طمَّتْ مفاسدُهُ
الخيرُ في قفره ضحلٌ مرنَّقَة
أمواهه، والشقا تطغى روافدُهُ
مشى إلى السجن ناعيهِ ومِقْولُهُ
مبلبل اللفظ قد طاشَتْ مقاصدهُ
فَجئتهُ في ظلام الليل أسأله
عن المصاب فأنكتني فوائدهُ
ما كان سمعي وحيداً في مصيبتهِ
لكنَّ قلبي فريد الحزن واحدُهُ
تجسمت لي حَياةٌ ظلَّ مغترباً
بها أقاربه فيها أباعدُهُ
صطكُّ أنفاسه في صدره حمماً
كأنَّما هي أعداءٌ تطاردُهُ
حينًا تحيط به كالنار ضاريةً
وإن وَهَتْ فهي إمهالٌ يُعاودُهُ
حتَّى قضَى تحت عين الطبِّ مختنقاً
والطبِّ مضطرب التقدير فاقدُهُ
* * *
مهما قَسا الخطب فالقلب الكبير له
من صبره قوةٌ كبرى تجالدُهُ
والرُّوح طاقةُ خلدٍ سرُّ جوهرها
لغز الوجود فلا تُدْرى أوابدهُ
يفنَى الزَّمان ويطوى في مقابرِهِ
ونورها أبديُّ اللَّمح خالدُهُ
في النجم في الصَّخـر في الإِنسـان في... نبضات الزَّهرِ من سِرها فَيض نشاهدُه
والموتُ جسر انتقال الرُّوح من ملأ
فان إلى ملأ تبقى محامدُهُ
والمرءُ من جسمِهِ في قيد رغبتِه
يعاندُ الروح فيها أو تعاندهُ
* * *
يا من على البعد؛ لم أجهل محبَّته
شعري إذا ما به غنَّاه ناشدهُ
أبكيك بالشعر محزوناً قد انتحرتْ
أوزانه وقضَتْ هَمّاً قصائدهُ
قد لُذْتُ بالدمع أستسقي غمامته
والقلبُ ترجف في صدري رواعدُهُ
فلم أجدْ غير نيران مُسَعَّرة
يا ويح دمعي لقد جَفَّت مواردُهُ
أن الذي لم يدع لي الدَّهر من أملٍ
حيٍّ أحنُّ إليه أو أُراودُهُ
* * *
كيف السبيل إلى تلك الربوع وفي
طريقها الموت قَدْ بُثَّتْ مصايدُهُ
أُريد أسكب شعري في منازلها
دمعاً أذوِّب فيه ما أكابدُهُ
أريد أنفض همي في مرابعها
حيث الشباب نما واهتز مائدُهُ
هناك أبكي "أباً" كانتْ إرادته
تصارع الدَّهر إن ثارت شدائدُهُ
أخلاقُه روضة تزهو نضارتها
وفكره أفقٌ تزهو فراقدُهُ
في فتية من بني عمي شعارهم
في الرَّوع صبرٌ وإيمانٌ يُساندهُ
* * *
أوَّاه لم يبق لي ممَّا أَمُتُّ به
إليهم غير دمعٍ ذاب جامدُهُ
وتمتمات قريض في مذابحه
أحرقت عمري وأنّاتي مواقدُهُ
* * *
يا من قضى نحبه؛ والدار نائيةٌ
والشوق في المسْيِ والإِصباح رائدُهُ
ودَّعت دنياك لم تأسف لفرقتها
فقد سئمت بها مما تشاهدهُ
ماذا سوى دمعة في جفن مكتئب
أو زفرةٍ لبئيس شلَّ ساعدُهُ
أو أنَّة ذبُلَتْ في صوت ثاكلة
أو آهة ليتيم مات والدُهُ
أو بسمة صاغها الشيطان ساخرةً
أو نظرة من لئيم خاب قاصدُهُ
غاض الوفا؛ فقلوب الخلق مجدبة
منه وآثامهم فيها تطاردهُ
ومات كلُّ جميلٍ من خلائقهم
والخير-يا ويلتا- شاهت مشاهدهُ
وأصبح المرء من دنياه في نفق
الخوف رائده والجبن قائدهُ
يا رحمة الله زوري "القبرَ" وانتشري
عليه مزنة رضوان تُعاودهُ
حجة، سجن القاهرة: 1372هـ/ 1953م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :340  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 109 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل