شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
71- عَروس تُزَفُّ إلى قبرها
[عزَّى بها السيد إبراهيم بن علي الوزير في أخته التي ماتت بالحديدة سنة 1951م وهي في ميعة الصبا، وكان زميلاً للشاعر في "حجة" وأخاً عظيماً وصديقاً حميماً]:
هو الموتُ ترياق داءِ الحياةِ
وبلْسمُ آلامها الموجعاتِ
وراحةُ من لم يجد راحةً
بدنيا المآثم والموبقاتِ
ومأوى شريدٍ تهاوت به
أكفُّ المآسي ببيدِ الشتاتِ
هو الموتُ كأسٌ أُذِيبَتْ بِهِ
شكاوى قلوب المنى الضَّائعاتِ
إذا ظمئ الرُّوح لم يشفِهِ
سوى راح لذَّاتها الخالداتِ
هو الموت غاية كل امرئ
وإن غشَّهُ الدهر بالمغرياتِ
وغالطَهُ ظنه واقتفى
به إثر أوهامه الكاذِباتِ
وما المرء إلاَّ خيال الفَنا
تجسَّمَ موعظةً للحياةِ
يعيش بآماله ذرَّةً
ويُطْوَى بها رِمَّةً في فلاةِ
وينفدُ أيامَهُ غافلاً
عن السرِّ مستغرقاً في السُّباتِ
* * *
عزاءً فَتى الصبر؛ ما للأسى
سبيلٌ إلى خافق ذي ثباتِ
عزاءً؛ وإن كانَ ما قد جرى
من الدَّهر يَفري ذُرَا الشامخاتِ
لقد خطَفَ الموتُ ياقوتَةً
زَهتْ كنجوم السَّما السَّاطعاتِ
غذتها السَّماءُ بقدس السَّنا
فعاشَت مطهَّرةً كالصَّلاةِ
وطافتْ على الأرض مثل الشـ
ـعّاع أو كطيور المنى الحائماتِ
ورَفَّتْ بآفاقِها كالشَّذى
على زهرات الهوى الزاكياتِ
ومرَّتْ مرور النَّسيم العليـ
ـل يشفي أسى المهج الثَّاكلاتِ
فَما كانَ أقسى فؤاد السِّقامِ
لم تصْغِ قسوتُهُ للشَّكاتِ
ولم يرحم الدَّمع يجري دماً
مشوباً بأدمعها الذّائباتِ
ولا نفساً خافتاً مثقلاً
بأوهاق أنَّاتها الموثقاتِ
ولا مهجاً وقفَتْ حولها
تُصَلِّي وتدعو عظيم الهِباتِ
ولكن دهاها –وتبّاً لَه-
بكُلِّ بلاءٍ على الجسم عاتي
فظَلَّتْ، وظلَّ بها عالقاً
يجرِّعها غُصص الموجعاتِ
إلى أن شفى الله أدواءها
وأذهب آلامها بالمماتِ
فَزُفَّتْ عروساً إلى قبرها
ومنه إلى غُرَفِ القانتاتِ
* * *
ولَلموتُ أجمل من عيشة
تنوء بأعبائها المرهقاتِ
وما المرء فيه سريع الفنا
وما قد مضى من زمانٍ كآتي
فَقِفْ ثابتاً رغم أنف التَّوى
بعزم الأسود وصَبْرِ الأُباةِ
ولا تأسَ للخطب مهما قسا
ولا تَبْكِ للنُّوبِ القاسياتِ
وهل ينفَعُ الحزن في ردِّ ما
طواه الفنا في دياجي الفواتِ
وكن مثلاً كاملاً للتُّقى
وللصبر، والمجد والمكرماتِ
* * *
فيا ربِّ آس بروح الرِّضا
قلوباً مقرَّحة دامياتِ
تذوب حشاشاتها بالأسى
ولا من دَواءٍ؛ ولا من أُساةِ
ويا رحمة الله جودي على
ضريحٍ غريب شهيد الرُّفاتِ
يَضمُّ دُجى ليله دُرَّةً
سناها يفوق سنا النيراتِ
قاهرة حجة: 1370هـ/ 1951م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :342  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 95 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج