شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
60- شُهداء
[من قصيدة طويلة في شهداء سنة 1367هـ (ثورة سنة 1948م)، قالها الشاعر في "سجن نافع"، وقد ضاعت ولم يبق منها غير هذه الأبيات]:
إلى روضة الغفران، في جنةِ الخلدِ
مضى وفدهم، بين التهاليلِ والحمدِ
بهاليل تُسْتسْقَى السَّما بوجوهِهِم
لهم قصبات السبق في الفضل والمجد
يُسَاقون نحو الموتِ تدمى ظهورهم
وأعناقهم من وطأة الغلِّ والجلْدِ
يودّونه. إذ هم به قد تحرَّروا
من الخوف، والسجّان، والسجن، والقيدِ
تولّوا وأبقوا للأحبَّةِ بعدهُمْ
بلاءً من الذكرى الأليمةِ والسُّهدِ
يقضّون ساعات الحياة رهيبةً
قد اهترأتْ كاللحم في ضرم الوقدِ
يجرّونهم كالشاء للذَّبح جهرةً
وصوت "نفير" الرُّعْب يُنْذِر بالفقْدِ
* * *
بنفسي "زيدٌ" (1) حين لم يتركوا لَهُ
-وقد ساءلوه- فرصة الأَخذ والردِّ
يزمجرُ كاللَّيث الهصور مدافعاً
عن "الشرع"؛ والجلادُ كالصخرة الصلدِ!
يقول لهم؛ لا تظلموا "الشرع" إنَّهُ
ملاذٌ لكم من كل ذي نزوةٍ وغدِ
إذا ما قتلتم نفس حرٍّ سفاهَةً
بدون قضاءٍ من "ذوي الحل والعقد"
ستنهضُ يوماً غضبةٌ لا يردُّها
بكاءٌ، ولا يغني دفاع ولا يجدي
سيندم "سفاحٌ"؛ ويبكي "خليفةٌ"
وتُقطع أَسباب الموالاةِ والودِّ
وقد حاوروه بالسيوف تنوشُه
إلىأن قضى ثبت الوفا؛ صادق العهدِ
ولهفي "لعبد الله" (2) يُقْطَعُ رأسهُ
على مشهدٍ من أهلِه بيدِ "العبد"!
يرتل آيات الكتاب كأنَّهُ
هصورٌ، ولكن في السلاسلِ والقِدِّ
وقد كان "عبد الله" "ركن" مروَّة
و"كعبة" إيمانٍ وموئل مستجدي
رأى الظلم والطغيان قد جاوز المدى
فثارَ، "استناداً" للشَّريعةِ و"الحد" (3)
ونحن أُناسٌ لا ندين لظالمٍ
ولكنَّنا "نَعْدُو" عليه و"نَسْتَعْدي"!
وكم مسلمٍ قد عذَّبوه وقاحَةً
وكم سلَّطوا من ذي غباءٍ ومن وغدِ
تعدُّوا حُدود الشرع، والخُلْقِ، والحيا
وجاءوا بما لم يأته قبلُ من "فرد"
وعاثوا غروراً بالبلاد وأهلها
كأَنهُم قد "مُلِّكوا" جنَّة "الخُلْدِ"
سيعلَمُ من قد يَسْتَنِيمُ لشرهِمْ
بأنهُم والشعب – يوماً – على وَعْدٍ!
* * *
ومنها:
عصابة شرٍّ دُربتْ لاقترافِهِ
وأُرْضعت الطغيان في زمن المهدِ!
إذا استبقَتْ يوماً لدَعوةِ منكرٍ
تيمَّمَتِ الشَّر الصراحَ على عمدِ
تهبُّ إلى الآثام حين تسوقها
إليه دواعي البغض والنهب والحقدِ
شريعة "طه" عند مالك أمرها
وسيلة كسبٍ، واحتيالٌ إلى مجد
ونحن بوادي الموت ترقص حولنا
سيوف المنايا، والمكاره، والجندِ
نموت جميعاً حين يُدعى لذبحِهِ
ونحن أُسارى حولَه – أيُّما فردِ
وليس لَنا إلاَّ ارتعاد فرائصٍ
وإِلاَّ ابتهالٌ، أو مراقبة الوَأدِ
نحاذرُ ضوء الفجر كلَّ عشيةٍ
ونخشى ظلامَ اللَّيل.. في وضح الرَّأدِ
سجن نافع: 1367هـ/ 1948م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :343  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 84 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج