رفقاً بصب مغرم |
معذَّب متيمِ |
رفقاً بصبّ مثقل |
بالحسرات مؤلمِ |
أحرقه الحُبّ بنيران الأسى والندمِ |
كأنه مما يقاسي |
زُخَّ في جهَنَّمِ |
* * * |
رفقاً يصب جاحم |
اللوعة ثائر الدَّمِ |
يبيتُ مذعور الفؤادِ |
تحت جنح الظُّلمِ |
يُسائل الأفلاك عن |
غرامه المحطَّمِ |
وعن رفات حُبهِ |
الممزَّق المهدَّمِ |
يبثُّها شجونه |
شكوى الغريب المغرمِ |
تكاد رُوحه تذوب |
في غضون الكلمِ |
والكون مأخوذٌ بما يبعثهُ من نَغَمِ |
يُصْغي كما تُصْغِي القفار لضجيج العدَمِ |
واللَّيل مفتونٌ بسِحْرِ لحنِه المقَسَّمِ |
جَثا حزيناً عنده |
كالأبد المطَلْسَمِ |
كأنما يَعْبُد ما يُزْجى به من حِكَمِ |
والنجم يبكيهِ ويرعاهُ بطرفٍ مُكْلَمِ |
يضيق من آهاته |
ودمعه المنْسَجِمِ |
يحذر من شرار |
نار قلبِه المضطَرِمِ |
يخافُ أن يُقْضَى على الكونِ بِزَفرَة الفَمِ |
يا ويحَهُ كم ذا يُقا |
سي من ضروب الألمِ |
كم يتلَقَّى قلبُهُ |
من أَسَلٍ وأسهُمِ |
وكم يُعاني روحهُ |
من كُرَبٍ ونِقَمِ |
وكم يَظَلُّ كالسجين |
في وثَاق الوَهمِ |
* * * |
يا مرسِلَ الألحان |
تَشْفِي غُلَّةَ المتَيَّمِ |
وتغتذي بها النهى |
وتنقَعُ الروح الظمِي |
وتقطفُ الحياةُ منها بسماتِ النَّغَم |
أشكو إليك من زما |
ن كالفناء مُظلِمِ |
كأنَّما أيامُه |
ذنوب قلبٍ مجرمِ |
وما شَكاتي لافْتقارٍ |
أو لعَسْف نَهِمِ |
لكنَّه الحُب الذي |
أحرق عظمي ودمي |
أجَّج في قلبي جحيماً من جوى وندمِ |
وبثَّ في روحي رسيساً من لهيب مضرمِ |
وصَبَّ في كأس حياتي جَرَعات العَلْقَمِ |
* * * |
يا شاعر الوادي ترنَّمْ |
بالبيان المحْكمِ |
كفكِفْ دموعي بالقوافي السَّاحراتِ النَّغَمِ |
وارأبْ صُدُوعَ الحبِّ في قلبي، وبدِّدْ ألمي |
واستَلْهمِ الأشعار من "شمسان" عالي القِمَمِ |
من القفار الشاسعات، والإِكام الجُثَّمِ |
ومن مجالي "صِيْرَةِ" ومن جلال العَيْلَمِ |
من موجِه الصاخب من تيَّاره المُلْتَطِمِ |
من كل ما حولك مِنْ مباهجٍ وظُلَمِ |
من "الجواري" السابحات و"النسور" الحوَّمِ |
من المعاني الثائراتِ في العيون النومِ |
من كلّ ثغر باردِ الظُّلْمِ رقيق المبسَمِ |
من كل ما في الكون من |
مصائب ونعَمِ |
من دمعة المحزون، من |
خواطر الْمتَيَّمِ |
من بسمة المفتون؛ من |
يأس الفقير المعدمِ |
من نسمة الروض الأنيق، والغبار الأقتمِ |
فأنتَ.. أنت الشاعرُ الفَذِّ النزيه القلمِ |
أصبحت في دنيا البيا |
نِ مفرداً كالعلمِ |
تعنو له الأفكار من |
مهابةٍ.. وعِظَمِ |