شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
50- شَكْوى الغريب
[وردت إلى الشاعر قصيدة من صديقه شاعر "عدن" السيد محمد عبده غانم، فأرسل إليه هذه القصيدة في سنة 1365هـ/ 1946م جواباً]:
رفقاً بصب مغرم
معذَّب متيمِ
رفقاً بصبّ مثقل
بالحسرات مؤلمِ
أحرقه الحُبّ بنيران الأسى والندمِ
كأنه مما يقاسي
زُخَّ في جهَنَّمِ
* * *
رفقاً يصب جاحم
اللوعة ثائر الدَّمِ
يبيتُ مذعور الفؤادِ
تحت جنح الظُّلمِ
يُسائل الأفلاك عن
غرامه المحطَّمِ
وعن رفات حُبهِ
الممزَّق المهدَّمِ
يبثُّها شجونه
شكوى الغريب المغرمِ
تكاد رُوحه تذوب
في غضون الكلمِ
والكون مأخوذٌ بما يبعثهُ من نَغَمِ
يُصْغي كما تُصْغِي القفار لضجيج العدَمِ
واللَّيل مفتونٌ بسِحْرِ لحنِه المقَسَّمِ
جَثا حزيناً عنده
كالأبد المطَلْسَمِ
كأنما يَعْبُد ما يُزْجى به من حِكَمِ
والنجم يبكيهِ ويرعاهُ بطرفٍ مُكْلَمِ
يضيق من آهاته
ودمعه المنْسَجِمِ
يحذر من شرار
نار قلبِه المضطَرِمِ
يخافُ أن يُقْضَى على الكونِ بِزَفرَة الفَمِ
يا ويحَهُ كم ذا يُقا
سي من ضروب الألمِ
كم يتلَقَّى قلبُهُ
من أَسَلٍ وأسهُمِ
وكم يُعاني روحهُ
من كُرَبٍ ونِقَمِ
وكم يَظَلُّ كالسجين
في وثَاق الوَهمِ
* * *
يا مرسِلَ الألحان
تَشْفِي غُلَّةَ المتَيَّمِ
وتغتذي بها النهى
وتنقَعُ الروح الظمِي
وتقطفُ الحياةُ منها بسماتِ النَّغَم
أشكو إليك من زما
ن كالفناء مُظلِمِ
كأنَّما أيامُه
ذنوب قلبٍ مجرمِ
وما شَكاتي لافْتقارٍ
أو لعَسْف نَهِمِ
لكنَّه الحُب الذي
أحرق عظمي ودمي
أجَّج في قلبي جحيماً من جوى وندمِ
وبثَّ في روحي رسيساً من لهيب مضرمِ
وصَبَّ في كأس حياتي جَرَعات العَلْقَمِ
* * *
يا شاعر الوادي ترنَّمْ
بالبيان المحْكمِ
كفكِفْ دموعي بالقوافي السَّاحراتِ النَّغَمِ
وارأبْ صُدُوعَ الحبِّ في قلبي، وبدِّدْ ألمي
واستَلْهمِ الأشعار من "شمسان" عالي القِمَمِ
من القفار الشاسعات، والإِكام الجُثَّمِ
ومن مجالي "صِيْرَةِ" ومن جلال العَيْلَمِ
من موجِه الصاخب من تيَّاره المُلْتَطِمِ
من كل ما حولك مِنْ مباهجٍ وظُلَمِ
من "الجواري" السابحات و"النسور" الحوَّمِ
من المعاني الثائراتِ في العيون النومِ
من كلّ ثغر باردِ الظُّلْمِ رقيق المبسَمِ
من كل ما في الكون من
مصائب ونعَمِ
من دمعة المحزون، من
خواطر الْمتَيَّمِ
من بسمة المفتون؛ من
يأس الفقير المعدمِ
من نسمة الروض الأنيق، والغبار الأقتمِ
فأنتَ.. أنت الشاعرُ الفَذِّ النزيه القلمِ
أصبحت في دنيا البيا
نِ مفرداً كالعلمِ
تعنو له الأفكار من
مهابةٍ.. وعِظَمِ
صنعا: 1365هـ/ 1946م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :329  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 74 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.