شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
43- وَحْي العِيد
[ألقاها الشاعر في حفلة الجيش بميدان عرضي تعز أمام الإِمام أحمد (قبل ارتقائه العرش)، وذلك في 12ذي الحجة 1364هـ/ 1945م]:
هو العيد في أثوابه يتجددُ
يطلُّ علينا كل عام فنسعدُ
يفيض على أرواحنا من جماله
فتندى وتحظى بالنعيم وترشدُ
تطير زرافات بجنات بشره
ترجّع أنغام الصفاء وتنشدُ
يجيء بما تهوى النفوس كأنَّما
به عن معاني نقصها تتجرَّدُ
ويبعث في الدنيا حياة جميلةً
سلام وحبٌّ كلها وتودُّدُ
تسود على الناس الطفولة؛ لا ترى
سوى مهج في طهرها تَتَعبَّدُ
* * *
هو العيد؛ يرضاه السعيد بأهله
ولا يرتضيه نازحٌ أو مشردُ
يثير الأسى في قلب كل مُتَيَّمٍ
نأى عنه أحباب كرام وأبعدوا
إذا نلت ما تهواه فالكون مشرقٌ
وإلاَّ فوجه الأرض في العين أسودُ
* * *
وما العيد إلاَّ منحة الله؛ ما لها
سوى الشعر ظرف في الزمان مخلَّدُ
ولولا قوافي الشعر تظهر سره
لظلَّ خفيّاً سحبُه تتلبَّدُ
ولولا سناها في الدجى ترشد النُّهى
لضلَّتْ بلا هاد تغور وتنجدُ
وما الشعر إلاَّ فيلسوف مثقفٌ
يصور للنَّاس الحياة وينقدُ
أمولاي؛ والأرواح حولك حشَّدٌ
تعظِّمُ روحاً طاهراً وتمجِّدُ
هو العيد نورٌ من جبينك مشرقُ
لروعته تعنو القوافي وتسجدُ
وما أنت إلاَّ وحيها وشعاعها
وما أنت إلاَّ عيدها المُتَجَدِّدُ
سموتَ فلا وهمٌ إليك ببالغ
فمجدك مجدٌ معجزٌ متفرِّدُ
وفكرك للإِصلاح والعلم منبع
وقلبك للخيرات والنبل معبدُ
نطيعكَ لا خوفاً ولا دفع نقمة
ولكن لأنّا تحت حكمك نسعدُ
فما أنت جبّارٌ تعالى بملكه
ولكنك الملك الرحيم الموحِّدُ
وصوتك صوت الحق يخرس من طغى
وسلطانك الثبت العزيز المؤيدُ
* * *
وإنّا لقوم من "قريش" و "حمير"
نمانا إلى العلياء مجدٌ وسؤددُ
مناهجنا في الحكم أسمى مناهج
وأفعالنا بالنبل والعدل تشهدُ
وقانوننا وحيٌ من الله عادلٌ
تساوى لديه خاضِعٌ ومسوِّدُ
ملكنا فلم نظلم، وسدنا فلم نجر
وحزنا فلم نمنع، ولا خاب مقصدُ
وكانت لنا في كل صقع معالم
من الحق تهدي من يضل وترشدُ
بناء بنتهُ أمةٌ عبقريَّةٌ
علاها على رغم الزمان مخلَّدُ
أهاب بها هادٍ إلى النور مصلح
تعاليمه للحق والخير موردُ
وأرسله صوتاً قويّاً دويُّه
صدى في صماخ الخافقين مُرَدَّدُ
فأنجبت الفصحى أباةً أعزَّةً
لهم في بناء المجد ركن موطَّدُ
فمنهم زعيمٌ عادلٌ، ومثقفٌ
حكيم، وفنان، وطب، ومرشدُ
وكان لنا منهم "علي" و"خالد"
وكان لنا منهم "حبيب" و"معبدُ"
وجاء على آثارهم قوم اهتدوا
بهم فبنوا ملكاً عريضاً وشيدوا
ولكن أناس مترفون تعجرفوا
ضلالاً، وعاثوا في البلاد وأفسدوا
فهانوا، وهانتْ أمةٌ بهوانهم
وباتوا وهُم للغرب شاء وأعبدُ
وتلك لعمر الحقِّ أدهى مصيبة
جناها علينا دهرنا المترصِّدُ
* * *
وما أنت إلاَّ عبقريٌّ مهذَّبٌ
غذاه وربَّاه النبيُّ "محمَّدُ"
تعاليمه استوعبتها بلباقةٍ
وأحييتها فينا؛ فأنت المجدِّدُ
فطر في سماء المجد؛ إنا قشاعم
لنا منك هاد ألمعي مسددُ
ونحن جنود طائعون شعارنا
شعارك؛ لا نخشى ولا نترددُ
وما المجدُ إلاَّ للقويِّ، وإنَّما
يحوز العلا من في يديه المهنَّدُ
* * *
أهنيك بالعيد الذي أنت عيدُه
وتهنئتي زهرٌ ودر منضدُ
وما أنا إلاَّ شاعرٌ صادق الهوى
بمجدك أشدوا في الورى وأغرِّدُ
حياتي حياة البحر آمال مهجتي
كأمواجه في كل آن تجدَّدُ
ولي من إبائي عاصف إن تجهمت
له حالة يرغي عليها ويزبد
وأعماق قلبي تهضم الكون كلَّه
بما فيه غابات وبيد وجلمد
أظل وفيّاً مخلصاً؛ لا بشاشتي
سراب، ولا حبي خداع فيفسدُ
وكم شاعرٍ والشعر عنه بمعزل
وما شعره إلاَّ حروف تُرَدَّدُ
وأنت خبير بالقوافي تجيدها
وتنظمها نظم الحكيم وتنقدُ
ودمت "ولي العهد" فينا مظفراً
عدوك مخذول وشانيك مبعدُ
ولا زال "بدر الملك" نجلك سيداً
بأفق العُلا والمجد يسمو ويصعدُ
تعز: 1364هـ/ 1945م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :403  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 67 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.