| هو العيد في أثوابه يتجددُ |
| يطلُّ علينا كل عام فنسعدُ |
| يفيض على أرواحنا من جماله |
| فتندى وتحظى بالنعيم وترشدُ |
| تطير زرافات بجنات بشره |
| ترجّع أنغام الصفاء وتنشدُ |
| يجيء بما تهوى النفوس كأنَّما |
| به عن معاني نقصها تتجرَّدُ |
| ويبعث في الدنيا حياة جميلةً |
| سلام وحبٌّ كلها وتودُّدُ |
| تسود على الناس الطفولة؛ لا ترى |
| سوى مهج في طهرها تَتَعبَّدُ |
| * * * |
| هو العيد؛ يرضاه السعيد بأهله |
| ولا يرتضيه نازحٌ أو مشردُ |
| يثير الأسى في قلب كل مُتَيَّمٍ |
| نأى عنه أحباب كرام وأبعدوا |
| إذا نلت ما تهواه فالكون مشرقٌ |
| وإلاَّ فوجه الأرض في العين أسودُ |
| * * * |
| وما العيد إلاَّ منحة الله؛ ما لها |
| سوى الشعر ظرف في الزمان مخلَّدُ |
| ولولا قوافي الشعر تظهر سره |
| لظلَّ خفيّاً سحبُه تتلبَّدُ |
| ولولا سناها في الدجى ترشد النُّهى |
| لضلَّتْ بلا هاد تغور وتنجدُ |
| وما الشعر إلاَّ فيلسوف مثقفٌ |
| يصور للنَّاس الحياة وينقدُ |
| أمولاي؛ والأرواح حولك حشَّدٌ |
| تعظِّمُ روحاً طاهراً وتمجِّدُ |
| هو العيد نورٌ من جبينك مشرقُ |
| لروعته تعنو القوافي وتسجدُ |
| وما أنت إلاَّ وحيها وشعاعها |
| وما أنت إلاَّ عيدها المُتَجَدِّدُ |
| سموتَ فلا وهمٌ إليك ببالغ |
| فمجدك مجدٌ معجزٌ متفرِّدُ |
| وفكرك للإِصلاح والعلم منبع |
| وقلبك للخيرات والنبل معبدُ |
| نطيعكَ لا خوفاً ولا دفع نقمة |
| ولكن لأنّا تحت حكمك نسعدُ |
| فما أنت جبّارٌ تعالى بملكه |
| ولكنك الملك الرحيم الموحِّدُ |
| وصوتك صوت الحق يخرس من طغى |
| وسلطانك الثبت العزيز المؤيدُ |
| * * * |
| وإنّا لقوم من "قريش" و "حمير" |
| نمانا إلى العلياء مجدٌ وسؤددُ |
| مناهجنا في الحكم أسمى مناهج |
| وأفعالنا بالنبل والعدل تشهدُ |
| وقانوننا وحيٌ من الله عادلٌ |
| تساوى لديه خاضِعٌ ومسوِّدُ |
| ملكنا فلم نظلم، وسدنا فلم نجر |
| وحزنا فلم نمنع، ولا خاب مقصدُ |
| وكانت لنا في كل صقع معالم |
| من الحق تهدي من يضل وترشدُ |
| بناء بنتهُ أمةٌ عبقريَّةٌ |
| علاها على رغم الزمان مخلَّدُ |
| أهاب بها هادٍ إلى النور مصلح |
| تعاليمه للحق والخير موردُ |
| وأرسله صوتاً قويّاً دويُّه |
| صدى في صماخ الخافقين مُرَدَّدُ |
| فأنجبت الفصحى أباةً أعزَّةً |
| لهم في بناء المجد ركن موطَّدُ |
| فمنهم زعيمٌ عادلٌ، ومثقفٌ |
| حكيم، وفنان، وطب، ومرشدُ |
| وكان لنا منهم "علي" و"خالد" |
| وكان لنا منهم "حبيب" و"معبدُ" |
| وجاء على آثارهم قوم اهتدوا |
| بهم فبنوا ملكاً عريضاً وشيدوا |
| ولكن أناس مترفون تعجرفوا |
| ضلالاً، وعاثوا في البلاد وأفسدوا |
| فهانوا، وهانتْ أمةٌ بهوانهم |
| وباتوا وهُم للغرب شاء وأعبدُ |
| وتلك لعمر الحقِّ أدهى مصيبة |
| جناها علينا دهرنا المترصِّدُ |
| * * * |
| وما أنت إلاَّ عبقريٌّ مهذَّبٌ |
| غذاه وربَّاه النبيُّ "محمَّدُ" |
| تعاليمه استوعبتها بلباقةٍ |
| وأحييتها فينا؛ فأنت المجدِّدُ |
| فطر في سماء المجد؛ إنا قشاعم |
| لنا منك هاد ألمعي مسددُ |
| ونحن جنود طائعون شعارنا |
| شعارك؛ لا نخشى ولا نترددُ |
| وما المجدُ إلاَّ للقويِّ، وإنَّما |
| يحوز العلا من في يديه المهنَّدُ |
| * * * |
| أهنيك بالعيد الذي أنت عيدُه |
| وتهنئتي زهرٌ ودر منضدُ |
| وما أنا إلاَّ شاعرٌ صادق الهوى |
| بمجدك أشدوا في الورى وأغرِّدُ |
| حياتي حياة البحر آمال مهجتي |
| كأمواجه في كل آن تجدَّدُ |
| ولي من إبائي عاصف إن تجهمت |
| له حالة يرغي عليها ويزبد |
| وأعماق قلبي تهضم الكون كلَّه |
| بما فيه غابات وبيد وجلمد |
| أظل وفيّاً مخلصاً؛ لا بشاشتي |
| سراب، ولا حبي خداع فيفسدُ |
| وكم شاعرٍ والشعر عنه بمعزل |
| وما شعره إلاَّ حروف تُرَدَّدُ |
| وأنت خبير بالقوافي تجيدها |
| وتنظمها نظم الحكيم وتنقدُ |
| ودمت "ولي العهد" فينا مظفراً |
| عدوك مخذول وشانيك مبعدُ |
| ولا زال "بدر الملك" نجلك سيداً |
| بأفق العُلا والمجد يسمو ويصعدُ |