كلّ يوم مصائبٌ تتوالى |
فإلى كم نُصارع الأهوالا؟ |
محنةٌ إثر محنةٍ إثر أخرى |
عَظُمَتْ نقمةً وشدتْ نكالا |
هكذا الموت، يصرع الشيخَ والطفـ |
ـلَ، ويطوي الرعاع والأبطالا |
لا يراعي أباً رحيماً، ولا أمّاً رؤ |
وماً، أو عائلاً، أو عيالا |
لا ولا عالماً به تهتدي الأمة |
أو جاهلاً يبث الضلالا |
أو زعيماً يسدي إلى الناس خيراً |
أو غشوماً يحطِّم الآمالا |
كلهم في شريعة الموت أكفاءٌ |
يذوقون كأسه أرسالا |
سنة الله كم طَوتْ من عصورٍ |
ولكم ألحقَتْ بها أجيالا |
* * * |
ولقد راعني؛ وشرَّد لبي |
وأراني وجه الأسى أشكالا |
وسقاني من الفجيعة كأساً |
نشرتْ في فؤادي الأوجالا |
نبأ من "ذمار" ينذر أنَّ الشَّيـ |
ـخ قد فارق الحياة وزالا |
وبأنَّ الخضَمّ قد غاض، والكو |
كب قد غاب، والمثقَّف مالا |
وبأنَّ الغريد قد هجر الرو |
ض فجفَّتْ زهوره إجفالا |
وبأنَّ الخطيب قد ترك المنـ |
ـبر يبكي خطيبه القوّالا |
وبأن التقيَّ قد ودَّع المحرا |
ب حيران يرقب الإِهمالا |
وبأنَّ الأنام يبكون "عبد الـ |
ـلّه" والعلم والتقى والكمالا |
* * * |
فلتضجّ الأفواه بعدك يا من |
كان فذاً ندباً يجيد المقالا |
وَلْتسحّ العيون بالدمع.. يا من |
كان فيها وسامةً وجمالا |
كم ضعيفٍ آزرته، كم جهولٍ |
بالهدى قد سقيتَه سلسالا |
كم غشومٍ عرَّفته الحق فانـ |
ـصاع وقد كان فاسداً محتالا |
ولكم من نصائح لك لا تكـ |
ـتُم حقداً، ولا تضمُّ جدالا |
* * * |
يا فقيد العلوم قد كنت أزكى |
رجل ظلَّ للثبات مثالا |
صقل الدهر عقله وحباه |
من تجاريب سيره الأمثالا |
هذَّبَ الدين روحَهُ لا يبالي |
صادف العيش نعمةً أو نكالا |
إن قلباً تضمُّه خير قلبٍ |
طاهرٍ فاضَ عزَّةً وجلالا |
لا يداجي، ولا يماري، ولا |
يحمل زوراً، ولا يقرُّ وبالا |
"ولتسعين حجة" خير أستاذٍ |
تعاليمهُ تزين الرجالا |
تسبك الترب جوهراً، وتحيل الـ |
ـجسم روحاً إلى السما يتعالى |
قطعةٌ من حقائقٍ وخطوبٍ |
لو تخطَّتْ صخراً غدا أوصالا |
عَبَرَتْ قلبك الكبير فلم يخـ |
ـضَعْ ولا هاب صولةً أو نضالا |
وتدرَّعتَ للحواث بالصبر |
زماناً فنلت ما لن يُنالا |
وعرفت الحياة لم يسبك الخـ |
ـلَّبُ فيها ولا سرابٌ تلالا |
كنت فيها "ابن الحقيقة" لا |
تعبد جاهاً، ولا تقدس مالا |
إيه "عبد الإِله" حسبك أن قد عشـ |
ـت حُرّاً لا يرهَبُ الأغلالا |
واثقاً بالإِله تخشاه في الغيـ |
ـب، وترضيهِ مطلباً وفعالا |
لم تجد في الحياة خيراً، وما |
صادفتَ إلاَّ كوارثاً تتوالى |
وكذاك العظيم يحيا مع النَّا |
س غريباً عنهم هوى وخلالا |
لا يرى في وجودهم غير غـ |
ـش وضلالٍ، وما يشينُ الرجالا |
سوف تلقى جزاء أعمالك الكبـ |
ـرى لَدُنْ من يقدِّر الأعمالا |
في جنان النعيم، في جنَّة الفردو |
س، في رحمة الإِله تعالى |