العبقرية في فؤاد الشاعِر |
فاضت بينبوع الحياة الزاخرِ |
بالسحْرِ، بالحب المقدَّس عرشه |
بالفنّ معجزة الزمان الغابرِ |
بالشعرِ يغْمر كلَّ قلب بالهوى |
ويرنّ كالوتر الحنون السَّاحرِ |
يا شاديَ الوادي ترفَّق بالنُّهى |
وبأكبدٍ ملتاعةٍ ومشاعرِ |
غنَّيتَ فاهتزَّ الوجود صبابةً |
وهفَتْ جوانح كل فذٍّ شاعرِ |
وأثرتَ كامنَ كل قلبٍ موجع |
وقَتَلْتَ وحشة كل صبٍّ ساهرِ |
جدَّدت بالألحان عهداً ماضياً |
هو كنزُ أحلامي، ربيع خواطري |
كانتْ به روحي رفيقة صفوها |
تلهو وتسخَرُ بالزَّمان الغادرِ |
ذكرى أثرت شؤونها فتأجَّجَتْ |
ناراً تذيبُ سرائري ومرائري |
* * * |
مالي وللأمس البعيد إخاله |
فتسيل نفسي من غضون محاجري |
ولقد مضى زمنٌ عليَّ ولا أرى |
فيه سوى شبحِ الهموم الثائرِ |
لا الصُّبْحُ يلقاني بثغرٍ باسمٍ |
والليْل، لا يأتي بوجهٍ زاهرِ |
فأثرت بالأنغام كامن لوعتي |
وأهجْت في قلبي شعور الذّاكرِ |
ما أروع الذكرى لصبّ مولعِ |
تُورَى بشعرٍ من لسانك عابرِ |
شعرٌ، حرامٌ يا يراعي وصفه |
أخشى عليك من القصور فحاذرِ |
هو نفحةُ الفن الجديد ووحيهُ |
وخلاصة الأدب القديم الغابرِ |
في كل بيت ذوب قلبٍ طاهرٍ |
وبكل بيت روح حُبٍّ قاهرِ |
أعلَنْتَ للدنيا بأنك شاعرٌ |
سيُنيل أُمَّتَهُ فخار الشاعرِ |
ويذود عنها كل خصمٍ جائرِ |
ويذُبّ عنها بالبيان الباترِ |
ديوان شعرك شعلةٌ لن تنطفي |
ستظلّ رمزاً للغرام الطاهرِ |
سيدوم ما دامَتْ أزاهير السمَا |
تزدان بالفلك الكبير الدائرِ |
يُملي على الأكوان آيات الهوى |
ويبُثّ أسرار الجمال الساحرِ |
شعرٌ جديدٌ حَطَّمتْ نغماته |
نير الجمود المستبدّ الجائرِ |
رفضَ التقاليد الكئيبة وانتحى |
نهجاً كفيلاً بالنجاح الباهرِ |
* * * |
تمضي القُرون ولا نزال جهالةً |
عبثاً على الأدب القديم الدائرِ |
وتراثُ آبائي عظيمٌ خالدٌ |
لكنني أهوى الخلود لحاضري |
والشعر مرآة الحياة، فإن يكن |
مرآة عصرك كنت أعظم ظافرِ |
أولا فلا يجدي سهادك راسماً |
للنَّاس أشكالاً لعصرٍ آخر |