شمس مجدٍ غابتْ، وغاب سناها |
أوحشَت أرضها وأبكت سماها |
مُلِئتْ بعدها القلوب ظلاماً |
ودهى بعدها النُّهى ما دهاها |
فالعيون القرْحى تذوب دموعاً |
وزفير الأنات يشوي الشفاها |
* * * |
"عدن" ما لها تضجّ وتبكي؟ |
أفزع الأرضَ والسماء بكاها |
ما لزخارها غضوبٌ؟ وما للبيد |
حرَّى؟ وما أصاب ذراها؟ |
وبنوها.. ماذا أصاب بنيها؟ |
فقدت رُشدَهَا وضلت نهاها |
لا تَسلْها عن خطبها فكفاها |
ما دهاها وحسبها ما شجاها |
ربَّ ذكرى تثير في القلب آلا |
ماً، وتذكي فيه جحيم أساها |
* * * |
ماتَ "عبد العزيز" من كان في |
"تونس" أزهى آمالها ومناها |
مات "عبد العزيز" يا ليته |
عاشَ وماتَتْ زعانفٌ نأباها |
أفيقضي من كان فذّاً وتبقى |
عصبة محنة علينا بقاها |
رب رحماك بالعروبة ضاعَتْ |
بين أوباشها وبين عداها |
* * * |
يا عظيماً مضَى وخلف للتـ |
ـاريخ مجداً بنبله نتباهى |
فقدتْ فيه "تونس" سيفها |
الفذ وصنديد غابها وحماها |
فهي من بعده تضجّ وتبكي |
مثلما تندب الصغار أباها |
لك في هذه "الجزيرة" آثارُ |
جهادٍ هيهات أن تنساها |
"عدن" للوفاء دار وفيها |
شهب يبهر الزَّمان سناها |
حفظَتْ عهدك المكين وصانت |
ذمةً كنت بالوفا ترعاها |
* * * |
إيه يا "تونس" العزيزة |
آلامك في ربعنا تؤجّ لظاها |
لستِ بالحامل المصاب وحيداً |
كل شعب بالخطب حار وتاها |
تعسَتْ أمة تضيّع آثار |
صناديد غابها وحماها |
لا ترى للأبطال حقّاً وإن |
ماتوا ضحايا فخارها وعلاها |
كم عظيم قضَى ولم يلق.. تقديراً لأعماله، ولا حَازَ جاها |
أمة لا تقدس البطولة لا تبقى |
وحتم بأن تُلاقي فناها |
* * * |
لبست بعدك السواد شعوب |
كنت "عبد العزيز" نور هداها |
كنْتَ نعم الطبيب للأمة الفُصحى |
تداوي جراحها وأساها |
كنت تبني لها فخاراً ومجداً |
كنت في كلّ محنة ترعاها |
طالما صحت بالعروبة تستـ |
ـنهض آمالها وتحيي مناها |
تربط "الشَّام" و"العراق" "بمصرٍ" |
و"بصنعا" تشدُّ "نجداً" أخاها |
* * * |
غبْ كما غابت الشموس فقد |
خلدت مجداً ومحتداً لا يضاها |
وإذا ما لقيت سيد "عدنان" |
فحدث عن "يعرب" وشقاها |
قل له: أمة العروبة ضاعَت |
بعد ما ضاع دينها وعلاها |
وبنو "يعرب" أقاموا على الضيمِ |
وسادتْ على البلاد عداها |
سيمت الخسف فارتضتهُ مع الجهل |
وغطت موهونةً في كراها |
و"فلسطين" في فم "الذئب" تشكو |
ما صَغَتْ أمة إلى شكواها |
جزّعتها الخطب كأساً مريراً |
وسقاها زمانها ما سقاها |
لو رآها الرَّسول في الذل والـ |
ـبؤس بكى رحمةً لها، ورثاها |
* * * |
آه أين الأبطال من أمة "الضا |
د" وأين الأسود تحمي حماها؟ |
أين "قحطان"؟ سامح الله "قحـ |
ـطان" فقد خالَفتْ سبيل هداها.. |
أين "عدنان"؟ ضيّعتْ بنت "عدنا |
ن" فحارَتْ على الشفاه لغاها.! |
لغة حُرَّة أطلت على الدنيا |
زماناً فأشرقَت لا بتاها |
ثم ولتْ ولا رعى الله قوماً |
جرَّعوها جهلاً كؤوس فناها |
خفتت يعد أن دوَتْ في البرايا |
يملأ الأرض والسماء صداها.. |
* * * |
إيه نفسي ذوبي دموعاً وشعراً |
واندبي شمس "يعرب" وضحاها |
كم قلوب ذابتْ قريضاً وكم سا |
لَتْ نفوس من الجفون مياها |
لغة الحزن ليس تَرضى سوى |
الشعر لساناً لبؤسها وشقاها |
ودموعي أغلى من اللؤلؤ الرطـ |
ـب، وأسمى شأناً، وأرفع جاها |