غريبٌ يجوبُ القفرَ، والليلُ سادرُ |
ولا هادياً إلاَّ النجومُ الزواهرُ |
وفي قلبه ممَّا يُكنُّ معاركٌ |
نوازع يطغى شرُّها وخواطرُ |
ومن حوله الأخطار تسري رهيبة |
تطارحه أوهامه، وتحاورُ |
وتنثر أشواك الأسى في طريقه |
فيا ويحه.. كم يتقي، ويحاذرُ |
ألا أيها الساري إلى أيّ وِجْهَةٍ |
وأيِّ بلادٍ نحوها أنت سائرُ؟ |
لقد عركتك النائبات وأنت في |
شباب الهوى والقلب بالحبِّ عامرُ
(1)
|
ومثلكَ في دنيا الصبابة والمنى |
يقارف فيها حظّه، ويعاقِرُ |
وقِرنك بالأحلام هيمان مغرمٌ، |
وأنت بأعباء الحقائقِ عاثرُ |
يؤُزُّكَ قلبٌ في قرارةِ حِسِّه |
طموحٌ إلى المجد المؤثّل طائرُ |
* * * |
ألا أيُّها السَّاري ترفَّق: فما السُّرى |
بمجْدٍ إذا ما القلب كسلان خائرُ |
فما المرءُ إلاَّ بالفؤاد مغامرُ، |
وما هو إلاَّ بالفؤاد مخاطِرُ؛ |
إذا كنتَ جباراً فحظك مُسعدٌ، |
واسمُكَ مرهوبٌ، ونجمكَ زاهرُ |
سريتَ، وفارقتَ الأحبةَ والدُّجى |
رهيبٌ، وأنواء الخطوب ثوائرُ |
"كأن نجوم اللَّيل أعين نقمةٍ |
تطل؛ وفيها للأماني مقابرُ" |
تزوغ من الأرصاد عن كل مسلكٍ |
إلى طرقٍ لا يحتذيها مسافرُ |
لتَرتاد مأوى، أو لتنشد ملجئاً |
من الخوف والظلم الذي لا يُصابَرُ |
وشعبك في وادي الرزايا يسوقه |
إلى الموت راعٍ مستبدٌ وجائرُ |
تنزَّه باسم الدين عن كل شبهةٍ |
وما هو باسم الدين إلاَّ متاجرُ |
يقول لهم: هذا حرامٌ، ومنكرٌ، |
ويفعله سرّاً، وحيناً يجاهرُ! |
* * * |
وجامَلَهُ فيما يريد منافقٌ |
ووغدٌ، ودجّالٌ، وخبٌّ، وفاجر |
"عصابة بغي" سوف تلقى حسابها |
إذا ارتبكت يوم النشور البصائر |
إذا قال "يحيى" كلمةً هلَّلوا لها؛ |
وقالوا "صوابٌ" ما يقول وسايروا |
هم الشرُّ في أفعالهم، وصفاتهم، |
وإن دلَّسوا، أو غالطوا، أو تظاهروا |
"مطهّرهم" يَسْطُو "كلُطْفِيِّ" مكرِهم |
و"عَمريّهم" يحميهموا ويؤازرُ |
ولم يرقبوا في الشعب إلاًّ، ولا سَمَتْ |
بهم همّةٌ، أو رأفةٌ، أو مشاعرُ |
* * * |
فسرْ في سبيل الشعب حرّاً مجاهداً |
وهاجرْ؛ فأنصار الفضيلة هاجروا |
ولا تخشَ أحداث الزمان وبطشها |
فما فاز إلاَّ الألمعيّ المغامرُ |
* * * |
بلادي: هذي أكبدٌ ومشاعرٌ |
تؤجّ؛ وهذي أنفسٌ وضمائرُ |
وهبناكِ أرواحاً علينا عزيزةً |
تفَدّيك يوم الروع؛ والله ناصرُ |